لبنان
اتَّشحت قرى وبلدات منطقة جبل عامل الثانية بالسواد مع اقتراب حلول شهر المحرم الحرام، استعدادًا لاستقبال الموسم العاشورائي الذي ينتظره الأهالي بكلّ شوق وولاء، الشوارع امتلأت بالرايات السوداء والجداريات واللافتات التي تجدد العهد للإمام الحسين (ع) وأهل بيته الأطهار، وارتسمت ملامح الحزن والحداد على الأحياء، بما يليق بمقام سيد الشهداء.
وفي هذا السياق، أكَّد مسؤول القسم الثقافي في حزب الله في منطقة جبل عامل الثانية الشيخ محمد جمعة، أنَّ التحضيرات اللوجستية والإعلامية كافة باتت جاهزة لانطلاق المجالس العاشورائية منذ اليوم الأول من المحرم، وأوضح أنَّ البرنامج هذا العام سيكون متنوعًا وستقام المجالس بتوقيتات مختلفة منذ ساعات الصباح وحتّى المساء بما يتيح الفرصة أمام مختلف شرائح المجتمع للمشاركة، وأضاف: "كما في كلّ عام، نحن على نهج الحسين (ع) سائرون... وسنُحيي ذكراه بالدمع والكلمة والموقف"، مشددًا على أهمية أن تكون هذه المجالس منبرًا لترسيخ القيم والمبادئ التي استشهد من أجلها الإمام الحسين (ع).
أمّا مفوضية جبل عامل الثانية في كشافة الإمام المهدي (عج)، فقد أنهت جميع استعداداتها لاحتضان مجالس الفتية والفتيات، ولفتت قيادة المفوضية إلى أن هذه المجالس ستواكبها عروض تربوية هادفة إلى جانب تقديم عمل مسرحي عاشورائي جديد لهذا العام يتضمن مشاهد تمثيلية مؤثرة تُحاكي مشاهد كربلاء الخالدة، بأسلوب تربوي يمس القلوب ويخاطب وجدان الأطفال والناشئة. وتهدف هذه الأنشطة إلى نقل رسالة الحسين (ع) إلى الأجيال الجديدة بلغة قريبة منهم، تجمع بين التوعية الروحية والجاذبية الفنية.
في موازاة ذلك، أتمّت الهيئات النسائية كلّ التحضيرات اللازمة للمجالس النسائية التي ستُقام في الحسينيات والمنازل والمجالس المفتوحة على امتداد القرى وحرصت الأخوات على وضع برامج دينية وروحية متنوعة تشمل المحاضرات، وتلاوة السيرة الحسينية، ومجالس اللطم والبكاء، بما يتناسب مع مختلف الفئات العمرية. الأمهات، الشابات، وحتّى الفتيات الصغيرات... الجميع سيكون جزءًا من هذه المسيرة الإيمانية التي تتجدد عامًا بعد عام.
وفي الجانب الصحي والإنساني، رفعت فرق الدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية حالة الجهوزية الكاملة؛ استعدادًا لمواكبة المجالس العاشورائية على مدار الساعة، وجرى توزيع الفرق الإسعافية على نقاط عدة داخل القرى والبلدات، لضمان الاستجابة لأي طارئ قد يحدث في أثناء التجمعات والمواكب، إلى جانب ذلك، أطلقت الهيئة الصحية برامج توعوية وصحية متكاملة تراعي احتياجات الحشود من إسعافات أولية وإرشادات طبية للحفاظ على سلامة المشاركين.
هكذا تستعد منطقة جبل عامل الثانية بكلّ مكوناتها ومؤسساتها وأبنائها لاستقبال أيام الحسين (ع)، في لوحة من العزيمة والإيمان، حيث تمتزج الدموع بالولاء، وتتعانق الحناجر مع صرخات "لبيك يا حسين"... استعدادًا لعشرة أيام من الحزن والوفاء، وتجديد العهد للحق الذي جسده الإمام الحسين (ع) بدمه الطاهر في أرض كربلاء.