لبنان

المفتي قبلان: ما قامت به أمل وحزب الله في وجه "إسرائيل" شرف أخلاقي ووطني لا سابق له
إحياء الليلة الثانية من محرم الحرام في مقر المجلس الإسلامي الشيعي- طريق المطار
برعاية وحضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب، جرى إحياء الليلة الثانية من محرم الحرام في مقر المجلس- طريق المطار، بحضور ممثلي المرجعيات الدينية وعلماء دين وشخصيات سياسية وقضائية وعسكرية وتربوية وثقافية واجتماعية ومواطنين.
وقد ألقى سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان كلمة قال فيها " إنه على قاعدة: كل حاكم مسؤول، والحق فوق السلطة، والعدل فوق النظام، وأخوّة البشر فوق التمزيق والحدود السياسية، رفضنا مبدأ الهيمنة والوحشية، سواءً كان بنسخة الكيان الصهيوني أو هيمنة واشنطن وسواتر أوروبا وكارتيلات الناشطين الدوليين المنافقين، الذين يرقصون على أشلاء أهل غزة، ويغطون أسوأ البشاعات والفظاعات البشرية التي ترتكبها "إسرائيل" وأميركا بدموع التماسيح، ولا قيمة للتاريخ بلا التضحيات الأخلاقية وأشكالها المقاومة".
وشدّد الشيخ قبلان على أنّ "ما قامت به حركة أمل وحزب الله في وجه "إسرائيل" في لبنان إبّان المواجهات السابقة وإبّان حرب الإسناد والمواجهة لهو شرف أخلاقي ووطني وإنساني لا سابق له على الإطلاق، وما قاده الأخ الضامن الرئيس نبيه بري، وما قدّمه الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، شكّل مركز التضحية من أجل حقوق الأمة وسيادة الأوطان، إلا أنه أسّس لمرحلة كبيرة جدًا، وحربُ بنيامين نتنياهو ضد إيران كشف هذا الكيان الصهيوني عن ضعف وزيف، وذكّر تل أبيب بأيام خيبر، وأكّدت للعرب والدول الإسلامية القدرة الحتمية على استئصال هذا الورم السرطاني، واليوم مع هذا الانتصار نحن بلحظة جديدة، ولبنان معني بالدفاع عن سيادته وعن مصالحه الوطنية وعن شعبه، والجنوب والبقاع والضاحية قدّموا وضحّوا وخاضوا عشرات السنين من أجل لبنان الكيان والدولة والشعب، ولهم دَين تاريخي بعنق الدولة اللبنانية، ويجب على الدولة سداد هذا الدين، وتنكّر الدولة كارثة وطنية، ولا دولة بلا سداد دين، ولا قيمة لسلطة تتنكّر للجبهة التي استعادت لبنان، ولبنان في قلب المخاطر السيادية، والضامن الأميركي غدّار، ونتنياهو جزّار ومجرم حرب هذا العصر، وهو أكبر المخاطر التي تهدّد سيادة لبنان".
وحول المناسبة، قال سماحته :" إننا في قلب الملحمة التي نهضت بها وصايا الأنبياء والأولياء، وذخّرها القرآن بما سمّاه الذبح العظيم، وأكثر النبيّ (ص) من مقامها ووجعها، ودلّ عليها بعظيم ما ينتظرها، فقد فاضت الأرضُ بأثقالها، ودلّت كربلاء على حالها، وتمتم النور العجيب بما لا سمع يعيه، ولا عين تحيطه، واتصلت صيحة أهل الأرض بدهشة أهل السماء، واهتز العرش الأسمى، واجتمعت خيمة الله على عزاء من به عزاء أهل الأرض يضجّ بذكر الإمام الحسين (ع)".
وتابع سماحته :" (...)، أن مبدأ الإمام الحسين (ع): مثلي لا يبايع مثله، يريد تأكيد الأهلية الفكرية والدستورية والمشروع الإلهي الناهض بالإنسان، ولهذا لا يمكن النقاش بالسلطة بل بالحقّ كأساس للسلطة، ووظيفتها الضامنة. ومنطق الإمام الحسين (ع) هنا يختصره مبدأ: الحقّ فوق السلطة وليس العكس، وهذا كان أمراً ممنوعاً بعقلية أمية ومشروعها الإستئثاري، ودون هذا المبدأ تتحوّل الشعوب الى عبيد منهوبة، وتحت هذا العنوان نفهم موقف الامام الحسين (ع) الذي عبّر عنه بقوله: " ألا إنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
وأضاف "هنا يكمن جوهر القضية الحسينية، لأن الإمام الحسين (ع) ما قام بثورته من باب أنه خصم سياسي، بل من باب أنه قيمة مرجعية في عالم الضمانات، ولم يعارض الإمام الحسين (ع) لأنه خصم سياسي، بل لأنه وظيفة إلهية تأبى ضياع الإنسان أو الاستئثار بالسلطة أو الطغيان بالحكم. والنقاش هنا بهوية الحكم، لا بفروعه، فيما المظهر العملي للسلطة أو الحكم كان عبارة عن نظام فاسد، يصرّ على شرعنة الاستبداد، وهذا ما حذّر منه الإمام علي (ع) في اليوم الأول لرحيل النبي الأعظم (ص)، لافتاً الأمة الى أن فتنة الضلالة (وخصّ بذلك الفتنة الفكرية أو المرجعية) إن تمكّنت من مركز السلطة ستعركها الأمةُ كلّها عرك الأديم، وهذا ما حصل.
والأهم على الإطلاق بثورة الامام الحسين (ع) الفكرة بجوهرها وحقيقتها وليس بدعايتها وسواترها، لأن حيتان الطغيان السياسي كانوا وما زالوا يجيدون لعبة الساتر القانوني أو الديني، والأمثلة كثيرة هنا، منها قول أمية: لله جنود من عسل" فيما القتيل من أكبر أولياء الله تعالى على الإطلاق، أو قول القائل: "إنما أكذب لرسول الله وليس عليه"، أو قول القائل: "إنما أخالف الله ورسوله لأنصح لله ورسوله"، وهذا كلام خطير للغاية قيل في لحظة أراد فيها القائل نسف الهوية الشرعية للسلطة كما يريدها الله ورسوله".
وأردفسماحته "مع هذا المنطق صارت ثورة الامام الحسين (ع) دفاعاً عن هوية الأمة والانسان، بخلفية ما يلزم لها من سلطة ومواثيق وقيم تضمن الدور الوظيفي للبشر، وموقف الامام الحسين(ع) كجدّه (ص) ينبع من منطق الأمة الواحدة، وعالمية الانسان، والتضحية هنا تضحية من أجل الهوية والمبادئ، واللعنة هنا على الفقهاء الذين ناصروا السلطة الفاسدة كعنوان لانتفاعهم. فمنطق الامام الحسين(ع) هنا تختصره حقيقة: أن الأرض لا تحتاج الى فراعنة جدد ولا سلطات فاسدة، ولا نفوذ ولا دعاية وأوثان بشرية تعتاش على نهب وقمع وقتل الإنسان والاستثمار به في حروب المال والسيطرة والتوظيفات القذرة التي تعود أرباحها الى أقل من 1% من جماعة المال والإمكانات وعصابات الأسواق والثروة والسلطة.وعينُ الامام الحسين(ع) هنا على قوة الحقّ لا حقّ القوة، كأساس لشرعية السلطة وأدوارها ووظائفها، من هنا أراد الامام الحسين(ع) بالإصلاح الذي نهض به التأسيس لأرضية فكرية وسلطوية تمنع إنتاج فراعنة قتلة جبّارين، والأمثلة عليهم كثر".
ولفت الشخ قبلان إلى أنّ" المهم أن عين الإمام الحسين (ع) على الترابط بين العدالة الاجتماعية والشرعية الفكرية للسلطة التي تساهم بتكوين سياسات السلطة، وخلفية الإمام (ع) هنا تختصرها حقيقة: لا سلطات مطلقة، لا شرعية للسلطة بما هي سلطة، ولا سلطة بلا قيود، ولا سلطة بلا رقابة وقضاء ومعارضة شعبية وتبرير وظيفي للسياسات الحكومية، وكل سلطة تحتاج الى سبب لشرعيتها، والشرعية تنبع من مصالح الخلق، وليس من مصالح الحاكم وفريقه، وقضية: المال لنا، وإنما الناس عبيد في ملكنا، أسّست لوثن أكبر وأخطر من كافة أوثان قريش مجتمعة، وهذا المنطق كان سبباً رئيسياً في ذبح الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه وسبي نسائه".
وفي الختام تلا الشيخ نعمة عبيد مجلس عزاء حسيني.