إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية، اليوم الأربعاء 02 تموز 2025، بتفكيك بنية النظام العالمي القائم على السطوة والهيمنة الغربيّة، والذي تجلّى في طريقة التعامل الأميركيّة، لا سيّما رئيسها، مع القضايا الدوليّة المختلفة، وكذلك الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية التي صارت أداة بيد الهيمنة الغربية.
الهيمنة الغربيّة تحت الاسم الرمزي "النظام العالمي"
كتبت صحيفة قدس: "ضرورة عودة إيران إلى النظام العالمي!" كلمة رئيسة أصبحت خطًّا رئيسًّا لتنظيم المسؤولين الأميركيّين الهجمات على إيران، في هذه الأيّام. أميركا المجرمة و"كلبها" الصهيوني اللذان انتهكا جميع القوانين والأعراف والخطوط الحمراء الدوليّة بهجومهما على أراضينا، وعرّضا معاهدة حظر الانتشار النوويّ لخطر الانهيار، لا سيّما باستهدافهما المنشآت النوويّة في بلدنا. والآن، بدلًا من الردّ على هذه الجريمة، يتهرّبان ويحاولان توحيد المجتمع الدوليّ ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة بإثارة هذه القضيّة الجديدة.
بدأت القصّة بتغريدة دونالد ترامب قبل أيّام قليلة، حين شكا من تصريحات قائد الثورة الإسلاميّة (آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي) عن التطوّرات الأخيرة، وهدّد في تغريدة بأنّ على إيران العودة إلى النظام العالمي، وإلّا سيتفاقم وضعها. وقد عبّر عن هذا المفهوم أيضًا المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة، يوم أمس الثلاثاء (1 تموز 2025). وزعم تامي بروس، في تبيينه للتطوّرات في المنطقة وما تسعى إليه الولايات المتحدة في ما يتعلّق بالجمهوريّة الإسلاميّة، أنّه يجب عليهم العودة إلى النظام العالمي من خلال التدخّل في الشؤون الداخليّة لإيران".
[...] في ظلّ توقّعات بأن تُدين المؤسّسات الدوليّة، وخاصّة الأمم المتّحدة، بصفتها حامية "السلام والأمن العالميّين"، هذا العدوان السافر وتتّخذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الإطار القانونيّ، نشهد عدم مبالاة وصمتًا مُحيّرين يُظهران مجدّدًا عجز هذه المؤسّسات، أو حتّى اصطفافها، مع القوى العظمى، ويثيران تساؤلات جدّيّة عن طبيعة النظام العالمي الذي يقوده الغرب.
النقطة المهمّة هنا هي الغموض في تفسير النظام العالمي من وجهة نظر المسؤولين الأميركيّين. ينبغي أن يُسألوا: هل المقصود من هذه الكلمة المفتاحيّة هو الاحترام المتبادل لسيادة الدول، والالتزام بالمعاهدات الدوليّة، والحوار في إطار المؤسّسات القانونيّة، أم أنّ النظام العالمي في القاموس الدبلوماسي الأميركيّ مفهومٌ يعادل اتّباع المطالب الأحاديّة الجانب لتلك الدولة وقبول التزاماتها غير القابلة للنقاش من دون أيّ مساءلة؟ تكشف هذه الإسقاطات والألاعيب السياسيّة أكثر من أيّ شيء آخر حقيقة النظام العالمي الذي يقوده الغرب؛ نظامٌ لا يقوم على العدالة والاحترام المتبادل، بل على التسلّط والهيمنة. في هذا النظام، يُصوَّر المعتدي على أنّه الدائن، والقوي والمظلوم مُدان ومذنب.
مدير عام الوكالة أم مدير عام الموساد؟!
كتبت صحيفة رسالت: "انحرفت الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية، وهي مؤسّسة أُنشئت لمراقبة الأنشطة النوويّة ومنع انتشار الأسلحة النوويّة عن مسارها الأصلي بقيادة رافائيل غروسي، وأصبحت أداةً لتحقيق أهداف سياسيّة ضدّ إيران. وقد قوّضت الإجراءات غير الموثّقة، والصمت إزاء الهجمات على المنشآت النوويّة الإيرانيّة، والتعاون المشبوه مع النظام الصهيوني، مصداقيّة هذه المؤسّسة ومديرها العام بشكل خطير.
وفي هذا الصدد، اتّخذت إيران خطوات فعّالة للدفاع عن مصالحها الوطنيّة بإقرار قانون يعلّق التعاون مع الوكالة، واعتماد استراتيجيّة الغموض النووي. ومن شأن هذه الإجراءات، مع صون حقوق إيران بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، أن تُسهم في تحقيق توازن في العلاقات مع الوكالة، وتعزّز مكانتها في المنطقة والعالم.
[...] اتّخذت الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية، بقيادة رافائيل غروسي، إجراءات تتعارض مع أحكام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويّة، بدلًا من القيام بدور رقابيّ محايد. وتشمل هذه الإجراءات ما يلي:
تقديم تقارير غير مدعومة بالأدلّة: ادّعى غروسي في تقرير إلى مجلس المحافظين أنّه لا يستطيع التحقّق من الطبيعة السلميّة للبرنامج النووي الإيراني، في حين أظهرت إيران مستوى غير مسبوق من التعاون بقبولها 20% من جميع عمليّات تفتيش الوكالة. ولا تزال هذه الادّعاءات، والتي قُدّمت من دون أدلّة موثوقة وأدّت إلى تصريحات من الدول الغربيّة معادية لإيران، تتكرّر على الرغم من الهجمات على المنشآت النوويّة الإيرانيّة. ومؤخّرًا، قال غروسي، في تعليق متحيّز، إنّه يجب استئناف عمليّات التفتيش في إيران، ولكن ليس بهدف تحديد الأضرار، بل بهدف توفير قدر أكبر من الشفافيّة. وما يعنيه بشفافيّة أكبر هو على الأرجح استكمال المعلومات عن مدى الضرر الذي لحق بالمنشآت النوويّة الإيرانيّة وتقديم توجيهات تشغيليّة أخرى للشركاء الإسرائيليّين والأميركيّين.
الصمت على الهجمات على المنشآت النوويّة الإيرانيّة: بعد أن هاجم النظام الإسرائيلي والولايات المتحدة المنشآت النوويّة الإيرانيّة في فوردو ونطنز وأصفهان، لم يُدِن غروسي هذه الهجمات. وقد قوّض هذا السلوك ثقة الجمهور بالوكالة في إيران بشدّة.
مزاعم التجسّس وانعدام الشفافيّة: نُشرت تقارير تفيد بأنّ مفتّشًا من الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية حاول نقل وثائق حسّاسة من إيران، ما يُشير إلى تعاون محتمل بين الوكالة والنظام الإسرائيلي.
رجال أعمال مكتب ترامب
كتبت صحيفة وطن أمروز: "لقد أصبحت إدارة الحكم في الولايات المتحدة أداةً فعّالةً لتأمين المصالح الاقتصاديّة والسياسيّة لفئاتٍ معيّنة. من إعلانات عطور دونالد ترامب الشخصيّة، إلى الدعم المالي الواسع لشركات إيلون ماسك، ومن الطلبات المثيرة للجدل مثل إضافة تمثال لترامب إلى جبل راشمور، إلى محاولة الفوز بجائزة نوبل للسلام، كلّ هذا يُشير إلى أنّ الحكومة في الولايات المتحدة تخدم الأقوياء أكثر من الشعب. وقد كشفت الفضائح الأخيرة، مثل اختراق رسائل البريد الإلكتروني للمقرّبين من ترامب والخلافات السياسيّة وتصفية الحسابات بينه وبين إيلون ماسك، جانبًا من هذا الخلل الوظيفي. هذه القضايا، إلى جانب استخدام السياسة الخارجيّة والنفوذ العسكري أداةً للشرعيّة الشخصيّة، تُصوّر حكومةً لا تُولي أولويّةً لحلّ المشكلات العامّة، بل للحفاظ على سلطة ومصالح فئاتٍ معيّنة وتعزيزها، حتّى لو كلّف ذلك جرّ أميركا إلى حربٍ باهظة الثمن.
[...] من أبرز سمات عمل المؤسّسات الحكوميّة في أميركا استخدامها أداةً لتحقيق المصالح الاقتصاديّة. ويتجلّى ذلك بوضوح في سلوك دونالد ترامب، سواء خلال رئاسته أم في أنشطته الشخصيّة. وفي أحدث مثال على هذه المصلحة الشخصيّة، أعلن دونالد ترامب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، يوم أمس، إطلاق عطور شخصيّة، هذا الإجراء، والذي يُعد نشاطًا تجاريًّا شخصيًّا، يُظهر بوضوح استغلال المنصب السياسي لتحقيق المصالح الاقتصاديّة.
[...] بالإضافة إلى الجوانب الاقتصاديّة، أصبحت مؤسّسة الحكومة في الولايات المتحدة أداة للشرعيّة السياسيّة وتعزيز الصورة العامّة للسياسيّين. أحد أكثر تصرّفات دونالد ترامب المثيرة للجدل، في الآونة الأخيرة، هو طلبه إضافة تمثاله إلى النصب التذكاري الوطني لجبل راشمور. يُعد هذا النصب التذكاري، والذي اشتهر بنحت وجوه أربعة رؤساء أميركيّين بارزين (جورج واشنطن، وتوماس جيفرسون، وثيودور روزفلت، وأبراهام لينكولن)، رمزًا للتاريخ الأميركي والقيم الوطنيّة. إنّ طلب ترامب إضافة تمثاله إلى هذا النصب التذكاري هو محاولة لتخليد صورته زعيمًا تاريخيًا. يشير هذا الإجراء، إلى جانب جهوده للفوز بجائزة نوبل للسلام، إلى استخدام مؤسسة الحكومة لشخصياته.
[...] السياسة الخارجيّة الأميركيّة ليست استثناءً من هذه الوظيفة التي تقوم بها الدولة؛ فقد استخدم دونالد ترامب السياسة الخارجيّة مرارًا وتكرارًا أداةً لتعزيز مكانته السياسيّة خلال رئاسته. على سبيل المثال، خلال التوتّرات الأخيرة بين إيران و"إسرائيل"، غيّر ترامب موقفه فورًا من إسقاط إيران بعد أن هاجمت إيران قاعدة العديد الجويّة، مدّعيًا أنّه يسعى إلى وقف إطلاق النار. هذا التغيير في الموقف، والذي يبدو أنّه اتّخذ للحفاظ على فرصه في نيل جائزة نوبل للسلام، هو مثال على الاستخدام الأقصى لمرافق الدولة لتحقيق الشرعيّة الشخصيّة. لقد جرّ الرئيس الأميركي بلاده إلى حرب كبرى لتحقيق مكاسب سياسيّة، ووضع أرواح الأميركيّين الموجودين في المنطقة تحت رحمة الفوز بجائزة. تُظهر هذه الأفعال أنّ مؤسّسة الحكم في الولايات المتحدة، بدلًا من التركيز على المصالح الوطنيّة، أصبحت أداة لتعزيز الصورة السياسيّة والشخصيّة للسياسيّين، وفي هذه المقامرة، فإنّ الأهم هو المصالح، بل وحتّى أرواح، الشعب الأميركي نفسه.