لبنان
في بلدة النبي شيت البقاعية، حيث التحديات اليومية التي تواجه الشبان، تتقدّم الأندية الرياضية لتملأ الفراغ وتفتح آفاقًا جديدة أمام الأطفال والناشئة. مع بداية فصل الصيف، تحوّلت ملاعب أندية NCA وMilano إلى مساحات نابضة بالحيوية، تستقطب العشرات من المشاركين في دورات تدريبية، تجمع بين المهارات الكروية والتوجيه التربوي.
الدورات، والتي انطلقت هذا العام تحت شعار "على خطى الشهداء"، جاءت تخليدًا لذكرى الشهيدين على طريق القدس مالك رضوان الموسوي وحسين عبد الكريم الموسوي، واللذين أدّيا دورًا محوريًا في دعم الأنشطة الرياضية في البلدة.
البرنامج يتضمّن تدريبات مكثّفة في المهارات الأساسية لكرة القدم، إلى جانب تمارين بدنية ومباريات تنافسية، وورش توعوية عن الانضباط والتعاون والتغذية السليمة.
المدرّب محمد علي الموسوي، من نادي NCA، أشار إلى أن الهدف من هذه الدورات لا يقتصر على تطوير الأداء الكروي وحسب، يتعداه أيضًا إلى تنمية الشخصية وتعزيز القيم عند المشاركين. وقال: "نحن نحاول سدّ فراغ كبير يعيشه أبناؤنا، في ظل غياب النشاطات الرسمية المنظمة، ونطمح إلى إعداد جيل متوازن رياضيًا وأخلاقيًا".
من جهته، رأى المدرب أحمد الموسوي، من نادي "Milano"، أن الإقبال الكبير من الأطفال والأهالي يعكس ثقة المجتمع بهذا النوع من المبادرات. وقال: "نحرص على توفير بيئة آمنة ومحفزة، حيث يتعلّم الطفل أن الرياضة ليست فقط فوزًا وخسارة، بل احترامًا للآخرين ومثابرة يومية".
هذا الدور التربوي والاجتماعي لم يمرّ مرور الكرام بين الأهالي. فاطمة حسن والدة أحد الأطفال، قالت: "لم أعد أرى هذه النشاطات مجرد لهو، بل صارت ضرورة. ابني تغيّر كثيرًا من ناحية الانضباط والثقة بالنفس". أما علي رضا أحد أولياء الأمور، فقد دعا إلى دعم هذه الأندية من البلدية والجهات المعنية، لأنها تقوم بدور أساسي في غياب المراكز الشبابية الرسمية.
على الرغم من النجاح اللافت، ما تزال هذه المبادرات تواجه تحديات كثيرة، أبرزها نقص التمويل وحاجة الأندية إلى تجهيزات أفضل وشراكات تدريبية مع جهات رسمية. كما يأمل القائمون أن تتوسع هذه التجربة لتشمل الفتيات عبر إنشاء فرق نسائية منظمة.
في نهاية المطاف، تثبت أندية النبي شيت أن الرياضة هي أكثر من مجرد منافسة، هي وسيلة لتربية النفوس وتوحيد المجتمع وغرس قيم الانتماء والعطاء. وهي تجربة تستحق أن تُحتضن وتُعمّم في مناطق أخرى، متى توفّر لها الدعم اللازم.