عين على العدو

"يديعوت أحرونوت": الحكومة لا تملك أدنى فكرة عن كيفية وصولها إلى الهدف في غزّة
ستصطدم "إسرائيل" مجددًا بجدار الواقع
تطرّق المحلّل السياسي لـ"يديعوت أحرونوت الإسرائيلية"، نداف إيال، إلى الحرب المستمرة في غزّة بلا جدوى، قائلًا: "بعد يوم آخر صعب في غزّة، حان الوقت لتوضيح بعض الحقائق، وطرح السؤال التالي: لماذا أدخل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "إسرائيل" في أزمة بلا حل؟".
من وجهة نظر إيال، "الفكرة أن حماس لن تحكم غزّة هي فكرة ضرورية، لكن المشكلة هي أن استمرار الحرب حاليًّا لا يدفع حماس إلى التنازل عن الحكم، بل العكس هو الصحيح: الحرب تُصوّرها على أنها بطلة المقاومة، وتُعزّز مكانتها. ترحيل سكان غزّة إلى مخيم خيام تحت إدارة "إسرائيلية" لن يُحسّن ذلك. لذا، فهناك مشكلة إستراتيجية معقّدة تتطلب معالجة طويلة المدى، وحيلة وتفكيرًا مسبقًا. لكن الحكومة لا تفعل ذلك، بطبيعة الحال. هي لا تملك أدنى فكرة عن كيفية الوصول إلى الهدف، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الجيش بعد ما يقارب العامين".
وتابع إيال: "يقول لابيد ( زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد) وبينيت (رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق نفتالي بينيت)، تعالوا لنحسب الخسائر والإنجازات، لنتوصل إلى اتفاق شامل، نعيد بموجبه "المخطوفين" (الأسرى)، وبعدها نعالج حماس على المدى البعيد. والرد من الائتلاف: أنتم لن تعالجوا شيئًا. سنشتري الهدوء مجددًا، وسيتحول المؤقت إلى دائم".
وأردف الكاتب: "هذا جدل له وجاهته، وفوق كلّ هذا، يجب إضافة بُعد آخر: الفجوة التي نحن فيها تكمن بين اتفاق تتنازل فيه حماس عن الحكم، لكنّها في الحقيقة لا تتنازل، وبين وضع تتخلى فيه حماس "فعلًا" بل وتتجرد من سلاحها. على هذا، بحسب نتنياهو، تدور المعركة. لكن، هل هناك من يؤمن بأن حماس -الحركة الأقوى بين الفلسطينيين- ستتنازل فعلًا؟ من سيتولى مراقبة نزع السلاح؟ إن لم يكن الجيش الإسرائيلي، فلن يحدث ذلك. إذًا، عن ماذا يتحدث نتنياهو؟ هل سيشتري سيارة مستعملة من حماس؟ لكي يكون الجيش "الإسرائيلي" هو من يراقب عدم سيطرة حماس على غزّة، فإن ذلك يتطلب إدارة عسكرية. وهذا يعني اقتحام القطاع بأكمله وتعريض حياة الأسرى المتبقين لخطر جسيم. لكن حتّى في هذه الحالة، لن تختفي حماس. إدارة عسكرية كهذه ستتطلب سيطرة فعلية على منطقة مدمرة بالكامل، مع الاهتمام بسلامة، وصحة، وتعليم مليونَي فلسطيني، بينما تواصل حماس "إرهابها" (مقاومتها) في الوقت نفسه".
يحاول إيال تلخيص فكرته بالآتي: "الفجوة تكمن بين اتفاق غير مثالي على الإطلاق تتنازل فيه حماس عن الحكم لكنّها تحتفظ بقوة خلف الكواليس، أو اتفاق أفضل نوعًا ما، لكنّه خدعة إلى حد كبير، يشمل نزعًا جزئيًا للسلاح، وتبدو فيه حماس كأنها منزوعة القوّة، أو حكم عسكري. في كلّ هذه الحالات، ستستمر حماس كمنظمة "إرهابية" (مقاومة) في غزّة: في الحالتين الأوليين كقوة سياسية إضافية، وفي الحالة الثالثة كحركة مقاومة ضدّ الإدارة العسكرية. إنها مشكلة شديدة الصعوبة.
وهذا بالضبط هو السبب الذي جعل العديد في العالم (وأنا المتواضع من بينهم) يتساءلون منذ اللحظة الأولى: ما هي خطة "اليوم التالي"؟ لأن هذه هي المسألة. لا يوجد نصر من دونها. والحقيقة أن الحكومة لم تخطط لأي شيء، والآن تدفع الثمن. وإلا لما كنا قد وصلنا إلى أحاديث عن "مخيم" في رفح".
ويعتبر إيال أنه "في الوقت نفسه، هناك اعتبارات أوسع. خاصة، بالنسبة لمعظم "الإسرائيليين"، حالة "المجتمع" الإسرائيلي. ثمن جنودنا القتلى، العائلات، الصدمة طويلة الأمد. المزيد من "الإسرائيليين" يعترفون بمأساة القتلى في غزّة. عدد القتلى في غزّة سيؤثر ليس فقط على مستقبل المجتمع الفلسطيني، بل علينا أيضًا. "إسرائيل" حاولت هزيمة حماس في غزّة من دون تواصل مع المجتمع الفلسطيني. استغرق الأمر منها سنة ونصفًا لتدرك شيئًا فهمه كلّ محتل في التاريخ، بما فيهم "إسرائيل" في عام 1967 على الفور. يجب تحفيز "السكان" (المستوطنين) ليكونوا إلى جانبك. ولكن ماذا حدث؟ كانت هناك أيديولوجيا في الائتلاف تقول إن كلّ الغزيين مذنبون. لا غذاء، لا سلطة فلسطينية، لا فرّق تسُد. فهل يُفاجأ أحد بأننا وصلنا إلى هذا المكان؟ وفق تعبيره.
وختم الكاتب بالقول: "ما العمل الآن؟ الآن "إسرائيل" بلا الكثير من الخيارات الجيدة، سوى صفقة مؤقتة. من المرجح أن نتنياهو يدرك ذلك. لكن مرة أخرى، من دون إستراتيجية طويلة الأمد، منظمة، ونعم – "إنسانية" أيضًا – ستصطدم "إسرائيل" مجددًا بجدار الواقع. سواء بصفقة، أو من دونها".