تكنولوجيا

اكتشاف ثوري في المواد الكموميّة قد يجعل الإلكترونيات أسرع 1000 مرّة
الاعتماد على خواص الكمِّ يمكن أن يُلغِي الحاجة إلى مكونات سيليكونية تقليدية ويجعل الأجهزة أقل استهلاكًا للطاقة، وأكثر قدرة على حفظ المعلومات بسرعات عالية.
أحرز فريق بحثي في جامعة "نورث إيسترن" الأميركية خطوة كبيرة نحو مستقبل جديد في عالم الإلكترونيات، بعدما تمكن من التحكم في حالة المادة الكمومية باستخدام الضوء، ما يمكّن من تشغيل أجهزة إلكترونية بسرعات فائقة تصل إلى التيراهرتز، أي أسرع بما لا يقل عن 1000 مرّة مقارنة بتقنيات اليوم.
يُعزى هذا الإنجاز إلى تقنية أطلق عليها الباحثون اسم "الانحراف الحراري"، إذ تُستخدم عملية تسخين وتبريد دقيقة لتحويل مادة كمومية تُدعى 1T‑TaS₂ بين حالة موصلة (مثل المعادن) وحالة عازلة (مثل الزجاج)، عبر تحفيزها بضوء عند درجات حرارة قريبة من حرارة الغرفة.
ويشير قائد فريق البحث البروفسور ألبرتو دي لا تورِّي، إلى أنّ هذه التقنية تُعد قفزة تقنية حقيقية في قدرة الإنسان على التحكّم في المادة، فالتحول الفوري بين الحالتين يمثل لبّ الترانزستور، لكن بسرعة وسلاسة غير مسبوقة.
وأوضح البروفسور غريغوري فييتي، وهو أحد المشاركين في الدراسة، أن القدرة على الاستجابة بسرعة الضوء وتمكين المادة من تغيير حالتها دون الحاجة إلى الانتقال عبر وسائط ميكانيكية أو كهربائية، يفتح الباب أمام تصميم أجهزة إلكترونية أصغر وأفضل في الأداء.
فالاعتماد على خواص الكم يمكن أن يُلغِي الحاجة إلى مكونات سيليكونية تقليدية ويجعل الأجهزة أقل استهلاكًا للطاقة، وأكثر قدرة على حفظ المعلومات بسرعات عالية.
ونُشر هذا الاكتشاف في مجلة Nature Physics، ويعد نقلة نوعية في نهج هندسة المواد الذكية، حيث تجاوز الباحثون ما عُرف سابقًا باستخدام نبضات الليزر فائق السرعة في التحكم المؤقت بالحالة الكمومية، إلى مستوى يمكن الحفاظ عليه لأسابيع أو أشهر.
وبيّن الفريق أن الحالة المعدنية الناتجة بالإشعاع الضوئي يمكن تثبيتها لمدة طويلة حتى عند رفع درجة الحرارة، ما يجعلها صالحة للتطبيق في أجهزة فعلية. Northeastern Global News
هذا التقدّم يضع خارطة الطريق لموجة جديدة من الحوسبة تعتمد على المواد الذكية القادرة على التبدّل الفوري بتعليمة الضوء. وتتنافس هذه التقنية مع الحوسبة الكمومية التقليدية على إمكانيات معالجة معلومات مذهلة بسرعات غير مسبوقة، إذ تشير الأبحاث إلى أن المعالجات التقليدية التي تعمل بالغيغا هرتز قد تكون قديمة أمام أجهزة تعتمد التحكم الضوئي في المواد الكمومية.
وتشمل الآفاق المستقبلية تصنيع رقائق إلكترونية تحويلية تعمل في التيراهرتز، وتوفير ميزات مثل التخزين والمعالجة داخل مادة واحدة قابلة للتعديل ديناميكيًّا بالضوء.
كما يُعوّل على دمج هذه التكنولوجيا في الشبكات اللاسلكية للجيل السادس (G6)، وإنترنت الأشياء، وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتطلب حوسبة فورية وموفرة للطاقة.