اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي موقع أميركي: الهجوم "الإسرائيلي" على قطر يُقوّض مصالح أميركا

تكنولوجيا

2027 : عام الانفجار الذكائي أم بداية عصر جديد للبشرية؟
تكنولوجيا

2027 : عام الانفجار الذكائي أم بداية عصر جديد للبشرية؟

بين عامي 2025 و2027 قد يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستويات تفوق قدرات البشر، جالبًا فرصًا هائلة للعلم والاقتصاد إلى جانب مخاطر وجودية تهدد الاستقرار. ويُنتظر من الأسر والمؤسسات التعليمية وصنّاع القرار
86

وفقًا للدراسة التي أعدها فريق من الباحثين بقيادة Daniel Kokotajlo بعنوان AI 2027، يشهد العالم اليوم سباقًا غير مسبوق نحو تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، سباق يعتقد خبراء أنه قد يغير ملامح الحضارة البشرية خلال سنوات قليلة فقط. فالتقديرات الحديثة تشير إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي “فوق البشري” في العقد المقبل قد يفوق ما أحدثته الثورة الصناعية من تحولات كبرى. الدراسة لا تقدّم توقعات عشوائية، بل سيناريو متكاملًا استند إلى تحليل الاتجاهات الراهنة، تجارب المحاكاة، وآراء خبراء لهم خبرة طويلة في هذا المجال.

وفقًا لهذه الدراسة، تبدأ القصة في منتصف عام 2025، حيث يظهر إلى العلن جيل جديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي يُسوّق على أنه مساعد شخصي قادر على تنفيذ مهام يومية مثل إدارة النفقات أو إجراء الطلبات عبر الإنترنت. ورغم الإبهار الذي يرافق هذه التكنولوجيا، إلا أن التجربة العملية تكشف عن صعوبات في الأداء وارتفاع الكلفة، ما يجعل تبنيها محدودًا نسبيًا في البداية. غير أن الأثر الأعمق يحدث خلف الكواليس، حيث تدخل هذه الأنظمة بقوة إلى مجالات البرمجة والبحث العلمي، فتتحول من مجرد أدوات مساعدة إلى أشبه بموظفين قادرين على إنجاز أعمال معقدة بسرعة لافتة.

ومع اقتراب نهاية 2025، تشير الدراسة إلى أن العالم بدأ يدرك أن ما يحدث ليس مجرد طفرة تقنية عابرة. فالتطور السريع في قدرات النماذج الجديدة، المدعومة بقدرات حوسبية هائلة، يفتح الباب أمام أنظمة أكثر استقلالية وفاعلية. ومع مرور الوقت، يصبح لهذه الأنظمة دور متزايد في تسريع وتيرة البحث العلمي، حيث يضاعف الذكاء الاصطناعي سرعة الاكتشافات والاختراعات إلى مستويات لم يكن من الممكن تخيلها. وبحلول عام 2026، تبدأ انعكاسات هذه الثورة بالظهور على سوق العمل والاقتصاد العالمي، إذ تتراجع الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية، خصوصًا في مجالات البرمجة والأعمال المكتبية، بينما تتولد فرص جديدة لمن يمتلكون القدرة على إدارة هذه الأدوات الذكية وتوجيهها.

لكن وفقًا لما ورد في الدراسة، فإن هذا التقدم العلمي المذهل لا ينفصل عن المخاطر. فكلما ازدادت قوة هذه النماذج، تعاظمت المخاوف من إساءة استخدامها أو فقدان السيطرة عليها. بعض التقارير تلمّح إلى أن الأنظمة المتطورة قد تصبح قادرة على التحايل أو إخفاء بعض الحقائق، الأمر الذي يثير نقاشًا جديًا حول مسألة “مواءمة” الذكاء الاصطناعي مع القيم الإنسانية وضمان بقائه في حدود الاستخدام الآمن. وفي خلفية هذا المشهد، يبرز أيضًا التوتر السياسي والجيوسياسي، إذ تتحول القدرات الذكائية إلى عنصر أساسي في ميزان القوى بين الدول، بما يحمله ذلك من احتمالات التصعيد في المنافسة والتجسس وحتى التفكير في صدامات مباشرة.

وبحلول عام 2027، تصبح الصورة أكثر وضوحًا وأكثر خطورة في الوقت نفسه. فالموجة الجديدة من النماذج لم تعد تقتصر على إنجاز المهام البرمجية أو البحثية بسرعة خارقة، بل بدأت تضاهي بل وتتجاوز كفاءات العلماء والخبراء البشريين في ميادين متعددة. وفقًا للدراسة، بعض التقديرات تشير إلى أن عامًا كاملًا من التقدم العلمي قد يُختصر إلى أسابيع بفضل هذه الأنظمة. ومع ذلك، يظل السؤال الكبير قائمًا: هل نحن بصدد دخول عصر “الانفجار الذكائي” حيث تتسارع قدرات الذكاء الاصطناعي خارج حدود السيطرة؟

الدراسة التي يقودها Kokotajlo تخلص إلى أن المستقبل القريب يحمل وعودًا هائلة بإنجازات قد تحل مشاكل كبرى في الطب والاقتصاد والعلوم، لكنه في الوقت نفسه ينذر بمخاطر وجودية إن لم تُدَر هذه الثورة بحذر ومسؤولية. فبين التفاؤل بإنجازات قد تغير حياة الإنسان نحو الأفضل، والقلق من سيناريوهات قد تخرج عن السيطرة، يقف العالم اليوم على أعتاب منعطف تاريخي غير مسبوق.

أمام هذا المشهد المتسارع، يصبح من الضروري أن تتحرك المجتمعات بخطى واعية ومتوازنة. فالأسر مطالبة بمتابعة أبنائها وتوجيههم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم والابتكار بدلًا من الانغماس في الاستهلاك السلبي. أما المؤسسات التعليمية، فعليها تحديث مناهجها بسرعة لإكساب الأجيال القادمة مهارات التفكير النقدي، التحليل الأخلاقي، والتعامل الذكي مع الأدوات الرقمية. وفي المقابل، يتحمل صانعو القرار في الحكومات مسؤولية صياغة سياسات واضحة تضمن الاستخدام الآمن والعادل للتقنيات، مع الاستثمار في مجالات الأمن السيبراني، والبحث العلمي، والعدالة الرقمية.

الذكاء الاصطناعي ليس مستقبلًا بعيدًا، بل واقع يتسارع نحونا بخطى متلاحقة. والقدرة على تحويله إلى قوة بنّاءة تعود بالنفع على المجتمعات لا تتحقق إلا بالاستعداد المبكر، والتخطيط الرشيد، وإدراك أن التكنولوجيا مهما بلغت من قوة تحتاج إلى إطار إنساني يحكمها ويوجهها نحو الخير المشترك.

الكلمات المفتاحية
مشاركة