لبنان

ورشة حول التحول الرقمي.. الوزير حيدر: محطة أساسية لتحديث سوق العمل اللبناني
فايز المطيري: لبنان رغم كلّ ما مرّ به من حروب لا ينكسر وسيظل ينبض بالحياة والإبداع
رعى وزير العمل الدكتور محمد حيدر، والمدير العام لمنظمة العمل العربية الدكتور فايز المطيري حفل إطلاق الورشة الوطنية حول "دور التحول الرقمي في تطوير الكفاءات البشرية لإدارة العمل"، التي نظمتها منظمة العمل العربية اليوم في فندق الموفنبيك - بيروت.
واستهل الحفل بكلمة للوزير محمد حيدر ــ الذي مثّل رئيس الحكومة ــ عرض فيها بشكل موجز أبرز إنجازات الوزارة بعد ستة أشهر من تأليف الحكومة، موضحًا أن هذه الورشة تُعد الأولى من نوعها على مستوى وزارات العمل في المنطقة، ما يضفي عليها أهمية خاصة ويعكس جدية التعاون بين لبنان ومنظمة العمل العربية، معربًا عن تقديره لجهود ومتابعة المدير العام "التي كانت حاسمة في تمكين لبنان من استضافة هذا الحدث النوعي، وضمان أن يكون إطار العمل متكاملًا، وتفاعليًا، ويواكب أفضل المعايير العملية لإدارة الكفاءات في عصر التحول الرقمي".
وقال: "إن انعقاد هذه الورشة يشكّل محطة أساسية لتحديث سوق العمل اللبناني، ويعكس الإمكانات التي يملكها لبنان لتطوير قدراته المؤسسية. ومن هذا المنطلق، فإننا نأمل أن يمتد الدعم العربي للبنان ليس فقط على مستوى وزارة العمل، بل ليشمل كافة الإدارات والوزارات والقطاعات، إذ لبنان ينتظر الكثير من أشقائه العرب ليتمكّن من النهوض بمؤسساته وتحقيق التنمية المنشودة".
أضاف: "كما تأتي هذه الورشة لتؤكد أن التحول الرقمي لم يعد خيارًا ثانويًا، بل ضرورة استراتيجية لتطوير أساليب الإدارة، وتحسين كفاءة الخدمات، وتعزيز القدرة على متابعة الملفات بشكل متكامل وشفاف، بما يضمن حقوق العمال وأصحاب العمل على حد سواء".
وتابع: "نحن نرى في هذه المبادرة فرصة حقيقية لإطلاق حوار مستدام بين مختلف الجهات المعنية، لتبادل التجارب، وتطوير مهارات الموارد البشرية، وابتكار حلول عملية قابلة للتطبيق، بما يسهم في بناء نموذج متقدم لإدارة العمل يمكن أن يُحتذى به في المنطقة بأسرها".
وأشار إلى أن وزارة العمل اللبنانية "آمنت منذ اليوم الأول بأن الاستثمار في الإنسان، من تدريب وتأهيل، هو الطريق الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة وحماية الاستقرار الاجتماعي. ومن هذا المنطلق، عملنا على وضع خطة واضحة لتعزيز قدرات العاملين في القطاع، وتحسين جودة الخدمات المقدمة، وتطوير أنظمة متابعة فعالة تضمن التنفيذ الأمثل للسياسات".
وختم معتبرًا أن احتضان بيروت، لهذا الحدث النوعي يصب في خدمة العمل والعمال، ويعكس التزام لبنان بالابتكار والتطوير في إدارة الموارد البشرية.
المطيري
ثم كانت كلمة للدكتور المطيري الذي نوّه ببقاء بيروت -رغم ما مرّت به من تحدّياتٍ وأزمات- "ستَّ الدنيا"، ومنارةً للثقافة والإبداع، وملتقىً للفكر والمعرفة، وأيقونةَ الشرق، معتبرًا أن "انعقاد ورشتِنا اليوم على أرضِ لبنان رسالةُ أملٍ في عاصمةٍ تتقن صناعةَ الأمل والتفاؤل؛ فهذا البلدُ العظيم قادرٌ على النهوض من جديد، ونفضِ غبارِ السنواتِ العصيبة كلّما اشتدّت به الكروب".
وقال: "نعيش اليوم وضعًا عصيبًا في ضوء المستجدّات الخطيرة التي تشهدها منطقتنا، ونحن في منظمة العمل العربية ندين بأشدِّ العبارات الاعتداءات الغاشمة المتواصلة لقوات الاحتلال على قطاع غزّة، فسياسات التجويع والتهجير التي تنتهجها، ترقى إلى إبادةٍ جماعيةٍ تستهدف عمّالَ القطاع وشعبه، ناهيك عن الانتهاكات المتكرّرة للأجواء والأراضي اللبنانية، والخرق الصارخ لسيادة عدد من الدول العربية في تصعيد غير مسبوق، وتحدٍّ صريح للمواثيق والأعراف الدولية".
أضاف: "يَشهَدُ عالَمُ العمل اليوم تَحَوُّلاتٍ رَقميَّة وَتَطَوُّرات تِكنُولوجيَّة مُتسارعة أَعادت صِياغَةَ أَسْواقِ العَمل وَمُؤسَّساته، وَغَيَّرت في طَبيعَةِ الوَظائف، وأَنماطِ العمل، وَالمَهارات المَطْلوبة. وأَصْبحت الرَّقْمنة رَكيزَةً أَساسيَّة لِتَطوير الكَفاءات البَشرِيَّة، وَتَحْسينِ الخَدمات، وَتَعزيز القُدرة التَّنافسيّة، وَتَحفيز الابتِكار والإبداع".
تابع المطيري "ولذلك فإنَّ وزارات العمَل في الدّول العربيَّة مُطالبة اليوم بتبَنِّي مسار التَّحوُّل الرَّقمي، كَأَدَاةٍ لِلتَّحديث والتَّطوير الإداري، وَتَأْهيلِ الكوادر الوطنيَّة، وإيجادِ حُلولٍ مُبتكَرَة لِمُشكلاتِ التَّشغيل، وَرَبْطِ الشَّباب بِفُرَصِ عَملٍ لائقة ومُستَدامَة. وَمِن هُنا تَأْتِي أَهَميَّةُ هَذِهِ الورشَةِ حَوْلَ "دور التَّحوُّل الرَّقمي في تَطوير الكَفاءات البَشريَّة لإدارات العمل"، الَّتِي نُنَظِّمُها اسْتِجابَةً لِطَلَبِ معالي وزير العَمَل الأَخ الدُّكتور محمد بهجت حيدر، لِتزويدِ الكوادِر العامِلة في إداراتِ العَمل بالمَهارات الرَّقمية الضَّرُورِيَّة لِفَهْمِ أَدَوات التِّكْنُولُوجْيا الحَديثَة وَتَوظيفها في مُواجهة التحدّيات، ولدعم جُهُود وَزارة العمل في تطوير بَرامج تَشغيل الشَّباب، وَتَوجيهِهم نَحو القطاعاتِ الحيويَّة وَالمُستقبليَّة. كَما تُمثّلُ هَذهِ الوِرشة مَنصَّةً لِنقل الخِبرات، وَاستِشرافِ المهارات اللّازِمة لِمواكبة المُستقبل".
ولفت إلى أن "منظمة العمل العربية دأبت طوال ستة عقود على متابعة التحولات العالمية ورصد انعكاساتها على أسواق العمل العربية، واقتراح السياسات الملائمة. وقد اعتمدت القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بغداد وثيقة "إعلان المَبادِئ بِشَأن مُستَقبَل المَوارِد البشَريَّة في ظلِّ الثَّورة التّكنولوجيَّة" الصادرة عن الدورة الخمسين لمؤتمر العمل العربي (بغداد/2024)، التي تؤكد تطوير المهارات والتعلم المستمر، وتحقيق التوازن بين التكنولوجيا والإنسان، ومواءمة التعليم والتدريب المهني والتقني مع متطلبات الاقتصاد الرقمي وسوق العمل المتغيّر".
وأكد أن "منظمة العمل العربية لا تألو جهدًا في تلبية احتياجات الدول العربية الأعضاء؛ فمن خلال برامجها التدريبية وأنشطتها المتخصصة، وتوظيف إمكاناتها كافة لتقديم الدعم الفني ودفع مسارات التحول الرقمي، نعمل على بناء إداراتِ عملٍ حديثة، وتنمية كفاءاتٍ بشريةٍ قادرةٍ على المنافسة والإبداع، انطلاقًا من قناعتنا بأن الاستثمار في الإنسان هو السبيل الأمثل لتجاوز التحديات وصناعة مستقبلٍ أفضل".
وقال: "إننا في منظمة العمل العربية على ثقة أن لبنان، بِتاريخهِ وَحَضارَتهِ، رغم كلّ ما مرّ به من حروب وويلات، لا ينكسر، وسيظل ينبض بالحياة والإبداع، ويزخر بكفاءاتٍ شابة قادرة على التحول إلى نموذج ريادي عربي في رقمنة سوق العمل، وَتَوْظيفِ التِّكْنُولُوجيا وَالذَّكاءِ الاصْطِناعِي في خِدْمَةِ التَّنْمِيَة المُستدامَة، والعدالة الاجتماعية، وإيجاد بيئة عمل أكثر إنصافًا".
وختم المطيري موجهًا التحية إلى "الإرادة اللبنانية الصلبة التي لا تُهزم، ونجدد التزامنا في منظمة العمل العربية بأن نكون داعمين لكل جهد يُعيد لهذا البلد الشقيق تألقه واستقراره".
يُشار الى أنه حضر الورشة: وزراء تكنولوجيا المعلومات كمال شحادة، الشؤون الاجتماعية حنين السيد، الشباب والرياضة الدكتورة نورا بايراقداريان، رئيس لجنة الصحة والعمل النائب بلال عبد الله، الدكتورة ربا جرادات المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية في بيروت، محافظ بيروت مروان عبود، مدير عام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور محمد كركي، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، الأمين العام للهيئات الاقتصاديّة نقولا شماس وممثلون عن وزراء الداخلية، الاعلام، والتنمية الادارية، ومدير عام الأمن العام، وجمعية الصناعيين، ومستشاري وزير العمل، وعدد كبير من رؤساء المصالح والدوائر والموظفين في الوزارة.