تحقيقات ومقابلات

باكرًا، لمع اسم فؤاد شكر. من أسماء مرحلة الثمانينيات في لبنان الذين رسموا صورة ومصير الأمور. كانت "اسرائيل" تضع بيروت نصب أعينها، تريد التقدّم بجيشها بلا أيّة عراقيل نحو بيروت، وأن تعبر المناطق بلا مقاومة ودفاع. خلدة كانت المحطّة الفاصلة. لم تنجح، لم تستطع. ثلّة من الشباب المؤمن ممّن صنعتهم المساجد، أشهرت السلاح على تواضعه بوجه المحتلّ. كان السيد فؤاد بينهم، أجاد فتصدّى للمسؤولية. بادر الى الالتحاق بما عدّه تكليفًا إلهيًا يقتضي التحرّك لا الجلوس على التلّ. نواة الإخلاص الحسيني مقابل عتوّ وطمع "اسرائيلي".
في ملحمة خلدة عام 1982، برز السيد فؤاد مُشاركًا فاعلًا مؤثّرًا جَسورًا. سمّى الاستشهاديين المقاتلين في المعركة "الخُمينيين". وكرّت السُبحة. تباعًا، ظهر التشكيل الأول لحزب الله في لبنان. الغاية دفع المحتلّ بشتّى الوسائل. جَمَع السلاح ونقله الى الجنوب. كان من المؤسّسين والساعين عمليًا الى بناء التشكيلات القتالية للمقاومة في الثمانينيات.
سارت سنوات العمر. تعاظمت المسؤوليات بعظم المرحلة وأهميّتها. المقاومة تنضُح تُصيب وتؤلم. السيد فؤاد يتولّى المسؤولية العسكرية المركزية الأولى لحزب الله في حقبة التأسيس والنصف الأول من التسعينيات. المهام تراكمت والتركيز كان على التخطيط لتنفذ عمليات نوعية، استشهادية، تعبئة الشباب والتحفيز، بناء القدرة وتطوير السلاح.
بالموازاة، حطّ نداء الغيرة على المسلمين ونداء التكليف في البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995، حيث كان الجهاد أكثر من واجب، لإنقاذ أبناء الإسلام المُستضعفين من مجازر مُحتّمة لا يمكن تجاهلها وعدم إسنادها. كانت مهمّته إدارة وتنظيم عملية إرسال كوادر عسكريين من حزب الله.
نيسان 1996 حرب عناقيد الغضب. كان لبنان على موعد مع عدوان استمرّ 16 يومًا. حينها، كان السيد محسن قد قصد مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وعلِم بما يتعرّض له البلد، فقطَع رحلته ثمّ عاد ليتصدّى ويُشارك في معركة الدفاع عن شعب المقاومة وأرضها، على قاعدة أن الحجّ الآن في لبنان.
في حقبة تحرير الجنوب عام 2000، حضر السيد فؤاد بصفته قائدًا عسكريًا في المقاومة وعضوًا في الشورى المركزية لحزب الله وعضوًا في المجلس الجهادي للمقاومة الإسلامية. دورٌ ظهرت نتائجه من خلال عمليات عسكرية وأمنية نوعية وعمليات أسر متلاحقة: تخطيطًا وميدانًا وتفخيخًا واستطلاعًا وإدارةً، حتى أضحى بلا لُبس واحدًا من صنّاع النصر التاريخي عام 2000.
تموز 2006 مُنعطفٌ حاسمٌ في تاريخ المقاومة وكسْر جبروت العدو. لـ33 يومًا، لازَم السيد فؤاد غرفة عمليات الحرب الأساسية التي كان يتولّاها. ليلًا نهارًا هو ورفاق الجهاد الذين كانوا معه في الغرفة، يُصدّر الخطط وعمليات تنفيذها.
تحقّق الإعجاز العسكري وانقضى تموز بنصر محقّق وصمود المقاومين، تفرّغ السيد فؤاد لمهمّة جديدة، وهو المؤمن بأن الحرب لن تتوقّف، والاستعداد للآتي ضرورة ملحّة. انكبّ على استكمال بناء القدرة العسكرية الصاروخية والجوية والبحرية، واضعًا مسوّدات الخطط الهجومية والدفاعية والاقتحامات وتصوّرات جولة القتال القادمة، ثمّ أشرف على الخطط العسكرية سواء على الجبهة الشرقية ضد الجماعات التكفيرية أو الجبهة الجنوبية ضد العدو "الإسرائيلي"، وحين نادت غزة لبّى وكان قائدًا للعمليات على جبهة الإسناد اللبنانية خلال معركة طوفان الأقصى.
جسّد السيد فؤاد البداية قبل كلّ بداية. بثّ في نفوس الفدائيين والجهاديين الأوائل ومن لحق بهم أخلاق الرسول (ص)، ثمّ أرشدَهم إلى التحلّي بالقوة والكفاءات العالية حتى يظلّوا أشدّاء على القتال. شدّد على أن النهج الخميني هو ما يُمكِنه أن يُخرِج هذه الأمة من ظلامها، ومضى على هذا الطريق قائدًا قرآنيًا مُبلّغًا مُشتبكًا كاسرًا صورة الاستكبار والسطوة "الاسرائيلية" في المنطقة.