إيران

اهتمّت الصحف الإيرانيّة الصادرة اليوم الاثنين 11 آب 2025 بالتطوّرات الواقعة على حدود إيران، وبالخصوص اتفاقيّة القوقاز التي حملت معها مخاوف ورُؤى مختلفةً من الجانب الإيراني.
انعكاس مبادئ إيران في اتفاقيّة القوقاز
كتبت صحيفة إيران: "في يوم الجمعة، وقّع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، اتفاقيّة سلام في البيت الأبيض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي قال الجانبان إنّها ستُنهي عقودًا من الصراع الدموي بين البلدين.
ورغم أنّ الاتفاقيّة تُعتَبر للوهلة الأولى خطوةً رئيسيّة نحو الاستقرار في جنوب القوقاز، إلّا أنّها محاطة بظلال من الغموض؛ وهو بند يتعلّقُ بمعبر سيونيك الحدودي، الذي أثار موجةً من الجدل في الأيام الأخيرة.
سيونيك، وهو شريط ضيّق من الأرض في جنوب أرمينيا يمتدّ على طول الحدود القصيرة ولكن الحيويّة للبلاد، والتي يبلغ طولها 44 كيلومترًا مع إيران، هو الآن في دائرة الاهتمام. وعلى عكس الحدود الطويلة التي يبلغ طولها 690 كيلومترًا بين إيران وأذربيجان، فإنّ هذه الحدود القصيرة مع أرمينيا مهمّة لطهران، لأنّها تقع بين البرّ الرئيسي الأذربيجاني وجمهوريّة نخجوان المُتمتّعة بالحكم الذاتي.
وتريد أذربيجان بناء طريقٍ سريع وخطّ سكّة حديد عبر المقاطعة إلى نخجوان؛ وهي خطّة يعتقد كثيرون أنّها ليست مجرّد مشروعٍ للبنية التحتيّة، ولكنّها تحمل رسائل جيوسياسيّة أوسع.
[...] ومع ذلك، فإنّ الأحكام النهائيّة والبنود الرئيسيّة لهذه الاتفاقيّة لا تتعارض فقط مع المبادئ الأساسيّة للسياسة الخارجيّة الإيرانيّة، ولكنّها تعكس في بعض الحالات نفس الخطوط الحمراء التي أصرت عليها طهران في الأشهر والسنوات الماضية، لذلك، وخلافًا لبعض التصوّرات المتسرّعة، يمكن اعتبار هذه الاتفاقيّة، بدلًا من أن تكون تهديدًا مباشرًا، علامةً على تحقيق بعض اعتبارات إيران ومصالحها في معادلات القوقاز، وهي تشكيل السلام والاستقرار في القوقاز.
[...] قبل هذه الاتفاقيّة، عُقدت محادثات مكثّفة بين عاصمتي إيران وأرمينيا، وبعد ذلك، حاول المسؤولون الأرمن الحفاظ على خطوط اتصال رفيعة المستوى، حتى لا يُترك غموض طهران ومخاوفها دون إجابة.
[...] إلّا أنّ السيناريو المتشائم يكشف عن جانبٍ آخر من القصّة؛ حيث قد تكون لهذه الاتفاقيّة عواقب جيوسياسيّة وجيو-اقتصاديّة غير مقصودة على إيران وروسيا.
من هذا المنظور، تُحدَّد سياسةُ الغرب تجاه إيران بحصر بؤر الأزمة وخلق بؤر جديدة، ويمكن أن تُصبح القوقاز حلقةً جديدةً في هذه السلسلة.
ورغم هاتين القراءتين، تبقى حقيقةٌ واحدة لطهران، وهي أنّ السلام والاستقرار في القوقاز لهما أهميّة حيويّة لأمن إيران ومصالحها الوطنيّة. ولهذا السبب، تستطيع إيران، بالاعتماد على مشاورات فعّالة مع حلفائها الإقليميّين، أن تسعى إلى وضع مخاوفها واعتباراتها في سياق التطوّرات الراهنة، وبالتالي الحفاظ على دورها في تشكيل مستقبل النظام الإقليمي".
عثرات في التصريحات
كتبت صحيفة وطن أمروز: "من مشاكل الحكومة الرابعة عشرة أسلوب مسعود بَزشكيان. فمنذ المؤتمر الصحفي الأول، الذي شهد تلك الزلّة الفادحة بشأن قدرات إيران الصاروخيّة، إلى حالاتٍ أخرى برزت هذا العام كدليل على جهل الرئيس الشديد والصارخ في التعبير عن مواقفه بشأن مختلف قضايا البلاد، دلّت كلّ الوقائع على أنّنا، ولأوّل مرّة منذ الثورة، نواجه رئيسًا يجهل أبسط قواعد السلوك والبروتوكولات الرسميّة، سواء في التعبير أو التعليق أو في التعامل مع مسؤولي الدول الأخرى.
وقد أصبحت لغة الرئيس الخاطئة والمكلِفة، وسلوكه الخاطئ والمضرّ في العلاقات مع نظرائه الأجانب، من أهمّ سمات مسعود بزشكيان في عامه الأوّل كرئيس.
وكان أحدث مثالٍ على أخطاء بزشكيان تصريحاته الغريبة لوسائل الإعلام حول قضيّة التخصيب وهجوم الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على إيران.
في هذا الصدد، زعم ادّعاءً لا أساس له من الصحّة، أنّ منتقديه يقولون إنّه لا ينبغي إجراء مفاوضات، قائلًا: [يقولون] لن نتفاوض؛ حسنًا! ماذا تريدون أن تفعلوا؟ هل تريدون القتال؟ حسنًا! لقد جاء العدو ووجّه ضربة. الآن، إذا عدنا وأصلحنا الأمر مرّة أخرى، سيعود ويوجّه ضربةً مرّةً أخرى.
[...] إيران حاليًّا في وضع حسّاس للغاية. أيّ سلوك أو تصريح من المسؤولين الإيرانيّين يمكن أن يكون مؤثّرًا في حسابات العدوّ الصهيوني تجاه إيران. لذلك، فإنّ أيّ رسالة ضعف من كبار المسؤولين الإيرانيّين قد تُهدّد الأمن القومي بالتأكيد، بل قد تؤدّي إلى هجوم جديد على إيران.
في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المقاومةُ المحورَ والمبدأَ الأهمّ لدى جميع المسؤولين، وخاصة الرئيس، فإنّ بثّ نبضات الضعف والاستسلام أمرٌ مؤسفٌ ومضرّ، وهو مثال موضوعيّ على العداء للأمن القومي.
وبينما هدّد ترامب إيران بشنّ هجومٍ جديد إذا عادت للتخصيب، كرّر بزشكيان تهديده حرفيًّا.
هذا في حين أنّ التخصيب حقٌّ لا جدال فيه لإيران، وبالمناسبة، فإنّ القوانين الدوليّة، بما في ذلك قانون حظر الانتشار النووي في مادّته الرابعة، قد منح هذا الحق لجميع الدول الأعضاء، بما في ذلك إيران.
في هذه الحالة، يجب على الرئيس الدفاع صراحةً عن حقوق إيران، وتهديد الجانب الأمريكي أيضًا. إذا ارتكبت أمريكا خطأً آخر، فستُفرض على الأمريكيّين ردودٌ أقوى ممّا فُعل في الهجوم الأوّل.
يُظهر سلوك الرئيس الأمريكي في إنكاره للصواريخ الستة التي أصابت العديد، خوفَه الشديد من كشف حقائق هجوم إيران على العديد. هذه الحقيقة تُشير إلى وجوب مخاطبته بلهجة تهديديّة وتهديده. إذا هاجمت أمريكا إيران مجدّدًا، فستستهدف هذه المرّة أهدافًا ومصالح أمريكيّة بمزيدٍ من الصواريخ.
لكن من المُثير للدهشة أنّ بزشكيان، على ما يبدو، لا يُدرك هذه السلوكيات والمواقف، وهي مواقف روتينيّة وبديهيّة، يجب أن نتحدّث بواقعيّة أكبر عن أدبيات وسلوك مسعود بزشكيان، ويجب ألّا ننظر إلى هذه الأخطاء الفادحة بمنظور تبسيطي".
لعبة ترامب الجديدة بأعصاب الأوروبيّين
كتبت صحيفة رسالت: "أثار إعلان اجتماعٍ بين الرئيسين الأمريكي والروسي في ألاسكا مخاوف جديدة لدى قادة الاتّحاد الأوروبي.
دعا وزير الخارجيّة البريطاني إلى عقد اجتماعٍ عاجل بين الدول الأوروبيّة بشأن هذه القضيّة (صفقة محتملة بين بوتين وترامب)، وبشأن الحرب في أوكرانيا، وحتى زيلينسكي دعا الأوروبيّين إلى منع الضمّ الرسمي لأجزاء من دونيتسك ولوغانسك إلى الأراضي الروسيّة.
[...] تجري هذه التفاعلات، بينما اتخذ الأعضاء الأوروبيّون في منظّمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال الاجتماع الذي عُقد قبل شهرين في لاهاي، قرارًا مُهينًا وسلبيًا بتخصيص 5% من ناتجهم المحلي الإجمالي للميزانيّة العسكريّة المشتركة لحلف الناتو، تلبيةً لطلب الرئيس الأمريكي بالكامل.
لكنّ نتيجة هذا التعاون، واللعبة الحمقاء على أرض البيت الأبيض، لم تكن سوى هزيمةٍ كاملة للأوروبيّين!
اعتقدت الدول الأوروبيّة الثماني والعشرون الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أنّه بعد التنازلات التي قدّمتها لترامب في قمّة لاهاي، لن تكون هناك صفقات سرّية وعلنيّة مع روسيا وبوتين، وأنّ الرئيس الأمريكي سيركّز سلطته بالكامل على مواجهة الكرملين. وقد تعزَّز هذا الاعتقادُ الخاطئ في الأسابيع الأخيرة: عندما قرَّر ترامب إرسال صواريخ "باتريوت" إلى أوكرانيا، احتفل العديد من السياسيّين الأوروبيّين بتغيير استراتيجيّة واشنطن تجاه موسكو (في الحرب الأوكرانيّة).
لكنّ الإعلان عن قمّة ألاسكا، وتركيز ترامب بشكلٍ خاص على ضرورة التنازل عن جزءٍ من الأراضي الأوكرانيّة لروسيا، قد وجّه صدمةً مُروّعةً أخرى للجهات الأوروبيّة المتفائلة.
الآن، تُدرك الدول الأوروبيّة بوضوح أنّه لم يعُد لها دورٌ في رسم أبعاد اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل بين روسيا وأوكرانيا، وترامب لا يتردّد في فرض نتائج قمّة ألاسكا على الاتّحاد الأوروبي.
الأملُ الوحيد للأوروبيّين هو فشل المفاوضات المباشرة المقبلة بين الرئيسين الأمريكي والروسي.