إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الثلاثاء 12 آب 2025 بالجولة الخارجية المستمرة لأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني.
كما واصلت التركيز على الإبادة المستمرة في غزة حيث سلطت الضوء على الخداع المستمر من قبل حلفاء الكيان الصهيوني.
مهمة ضد المؤامرة الأميركية في المنطقة
بداية مع صحيفة "جوان" التي كتبت: "توجه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني، إلى بغداد وبيروت في أول زيارة رسمية له بعد توليه منصبه، بهدف نقل رسالة مفادها أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتخلى أبداً عن حلفائها وأصدقائها، كما سلط الضوء على المخاوف الأمنية والمؤامرات الأميركية والكيان الصهيوني ضد المنطقة والدول الإسلامية.
وأضافت "ينبغي النظر إلى زيارة الأمين العام الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى العراق ثم لبنان على أنها أكثر من مجرد مهمة دبلوماسية، بل رسالة أمنية واستراتيجية واضحة وذكية من الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى المنطقة وخارجها. تأتي هذه الزيارة في وقت تمر فيه المنطقة بإحدى أكثر فتراتها حساسيةً بعد الحرب الأخيرة في غزة والتصاعد غير المسبوق في التوترات بين إيران والكيان الصهيوني. ولكن الأهم من ذلك هو أن هذه الرحلة جاءت في وقت أظهر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرة أخرى، من خلال تبني مواقف عدائية ضد إيران وحلفائها الإقليميين، أن سياسة الضغط الأقصى والتهديد وزعزعة الاستقرار لا تزال تشكل الركيزة الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية في غرب آسيا.
على عكس النهج الإيراني، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بلهجة تهديدية صريحة، دول العالم إلى قطع علاقاتها مع إيران. كما هدد العراق بعقوبات إذا استمر في استيراد الكهرباء من إيران، وذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس".
وبحسب الصحيفة، ينبغي اعتبار زيارة علي لاريجاني ردًا فعّالًا واستباقيًا على هذه التهديدات. فمن خلال إرسالها أمين المجلس الأعلى للأمن القومي مباشرةً إلى بغداد، وجّهت طهران رسالتين رئيسيتين:
1. تعزيز التحالفات الإقليمية في مواجهة الضغوط الخارجية: إن اختيار العراق ثم لبنان كأولى وجهات زيارة لاريجاني يظهر أن إيران تنوي تعزيز الركائز الأساسية لمحور المقاومة.
2. إعلان المعارضة العملية لزعزعة الاستقرار الإقليمي من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل: أظهرت الاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق عملياً أن بغداد، خلافاً لرغبات واشنطن، لا ترغب في إضعاف علاقاتها مع طهران.
العرض الزائف للأعمال الخيرية الألمانية
بدورها، ركّزت صحيفة "رسالت" على موضوع تجميد ألمانيا لعمليات تسليح الكيان الصهيوني، إذ جاء فيها "نشرت أنباء عن وقف نقل الأسلحة الألمانية إلى الأراضي المحتلة في الوقت الذي يؤكد فيه المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير خارجية المانيا على التزام بلادهما اللامحدود بحماية النظام الصهيوني غير الشرعي والإرهابي، ويعتبران بوقاحة الإبادة الجماعية للفلسطينيين مثالاً على الدفاع المشروع من قبل نتنياهو وجلادين آخرين في غزة. لكن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت هذه الخطوة حقيقية أم أنها ذريعة من حكومة ميرتس في برلين تهدف إلى الهروب من انتقادات الرأي العام الألماني اللامحدودة؟".
وقالت "سيوقف المرسوم الغامض للحكومة الألمانية تصدير المعدات العسكرية إلى "إسرائيل" التي يمكن استخدامها في قطاع غزة حتى إشعار آخر. وعلى الرغم من انتقاد النظام الصهيوني لهذا المرسوم، يجب التأكيد على أنه لا توجد أخبار جوهرية عن وقف نقل الأسلحة الألمانية الفتاكة لتسريع الإبادة الجماعية في غزة، ينص مرسوم البرلمان الألماني والحكومة على أنه لم يعد من الممكن إرسال المعدات التي يمكن استخدامها في حرب غزة رسميًا إلى تل أبيب. يتضمن هذا المرسوم حقيقتين مريرتين، لكنهما دالتين: أن الألمان سيواصلون إرسال الأسلحة بذريعة أن هذه الأسلحة المرسلة يمكن أن يستخدمها الجيش الإسرائيلي في حالات أخرى، وأنها لن تؤدي ببساطة إلى إبادة جماعية في غزة".
الصحيفة أكدت أنه "في الكواليس، لم يطرأ أي تغيير يُذكر على سياسات برلين المتعلقة بالتسليح والأمن تجاه التطورات الدموية في غزة. وبتعبير أكثر وضوحًا، تعهدت جماعات الضغط الصهيونية في الحزبين التقليديين الرئيسيين في ألمانيا، الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي، اللذين يشكلان الحكومة الألمانية، لتل أبيب بأن هذا الظهور لن يُغير كمية ونوعية عملية إرسال معدات أمنية (بهدف تحديد مراكز تجمع المدنيين) وأسلحة مدمرة تُستخدم لاستهداف الأطفال والنساء في غزة!".
ووفق الصحيفة، أعربت معظم الجماعات والمنظمات المستقلة والمنظمات غير الحكومية في ألمانيا التي تدعم فلسطين عن شكوكها بشأن الأبعاد الحقيقية والقابلة للتنفيذ لهذا القرار. منذ بداية الحرب في غزة، جرت مناقشات مكثفة في ألمانيا حول نهج برلين تجاه هذه الحرب، ولا تزال هذه المناقشات جارية في الأوساط السياسية والإعلامية والأكاديمية في البلاد. في الآونة الأخيرة، دعا أكثر من 500 شخصية أكاديمية وسياسية وفكرية في رسالة مفتوحة إلى الحكومة الألمانية برلين إلى مراجعة مواقفها من إسرائيل وتغيير سياساتها غير المبررة والوقحة تجاه النظام الصهيوني.
مخاطر الخطاب الجامد
من ناحيتها، أشارت صحيفة "وطن أمروز" الى أن "الكلمات لا تحمل معناها الحرفي فحسب، ومفردات المسؤولين السياسيين، على وجه الخصوص، ليست أداة محايدة لنقل الرسائل، بل هي في حد ذاتها جزء حيوي من توازن القوى وأداة لهندسة التصورات. كل جملة، كل موقف، بل حتى كل صمت ذي مغزى يصدر عن مسؤول رفيع المستوى، كبيانات استراتيجية، تدخل فورًا إلى مختبر تحليل الجمهو. هناك، تُحلل بدقة متناهية من قبل مراكز الفكر وأجهزة الاستخبارات ومراكز صنع القرار المنافسة، وتُقاس نبرتها، وتُفك رموز النوايا الخفية وراءها. تُوفر هذه العملية المستمرة من المراقبة والتحليل المادة الأساسية والحيوية لتعديل المصفوفة الحسابية للخصم. في هذه التحليلات، يسعى العدو إلى إيجاد إجابة لهذا السؤال المحوري: هل يوجد جدار من الإرادة الوطنية في هذا البلد؟ أين عتبة تسامحه وأين ينبغي البحث عن خطوطه الحمراء الحقيقية؟".
وأردفت "بالنسبة لدولة مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي حددت هويتها ومكانتها في النظام الدولي لا على أساس التبعية للقوى المهيمنة، بل على أساس المقاومة والاستقلال، فإن هذه المعركة الفكرية لا تقل أهمية عن المواجهة العسكرية. فعقيدة الردع الإيرانية، إلى جانب القوة الصاروخية والنفوذ الإقليمي، ترتكز أيضًا على ركيزة نفسية راسخة، ألا وهي مصداقية إرادتنا في استخدام القوة عند الضرورة. هذا الإيمان هو نتاج عقود من الاستثمار الاستراتيجي، وتحمل الضغوط المنهكة، والتضحية بدماء أبناء هذه الأرض. في هذا السياق، فإن التصريحات الإعلامية الأخيرة للرئيس المحترم، وإن اعتبرناها خطأً لفظيًا بسيطًا في الداخل، تحمل معنى مختلفًا لدى العدو، وتُفسر بطريقة مختلفة تتناقض جوهريًا مع أسس هذه العقيدة؛ منطقٌ تُعتبر فيه القوة، بدلًا من أن تكون وسيلةً لتحقيق الأمن، عاملًا في استفزاز العدو، وتُعتبر فيه المقاومة حلقةً عبثيةً بين بناء الصورة وهدمها. هذه النظرة للعالم، إذا هيمنت، قد تؤدي إلى تآكل خطير لرأس المال الاستراتيجي للبلاد؛ رأس المال الذي منع العدو حتى الآن من خوض مغامرات كبرى، رغم كل قدراته".
وخلصت الى أن "على الرئيس، بصفته المهندس الرئيسي للخطاب الوطني، أن يبني مفرداته على أساس الثلاثية الحقيقية: الشرف والحكمة والمنفعة. تكمن الحكمة في فهم عميق لمنطق العدو، بينما تكمن المنفعة في تجنب أي خطاب يُعرّض البلاد لتهديدات أكبر. القوة الحقيقية لا تكمن في الصمت النابع من الخوف، بل في الصمت النابع من القوة، وفي خطاب حازم متعدد الطبقات يُحذّر العدو دائمًا من اختبار إرادة هذه الأمة".