إيران

لاريجاني: المقاومة تمثّل موقعًا متقدِّمًا ومُشرِّفًا.. الكيان يعيش هزيمة إستراتيجية
الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني: يجب احترام من يضحّون دفاعًا عن أوطانهم
أكّد الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، استعداد بلاده دائمًا للرد بقوة على أيّ هجوم من كيان الاحتلال، معتبرًا أنّ ""إسرائيل لن تترك المنطقةَ تستقرّ". وكشف لاريجاني عن أنّ "طهران نقلت وجهة نظرها من المقاومة بشكل عام" إلى رئيسَي الجمهورية والحكومة في لبنان، داعيًا في الوقت نفسه إلى "احترام من يضحّون دفاعًا عن أوطانهم". وجزم بأنّ المفاوضات مع الولايات المتحدة لن تؤدّي إلى نتائج حقيقية إذا استمرَّت واشنطن في اعتماد منطق "السلام بالقوة"".
وأضاف لاريجاني، في مقابلة مع قناة "الميادين" الخميس 14 آب/أغسطس 2025، أنّ "نتنياهو شخص شرير ولن يدع الأمور تستقرّ. ففي لبنان تشاهدونَه كلَّ يومٍ يستهدف مكانًا، وفي الدوِل الأخرى كذلك، هو يُزعِج الدول دائمًا، رأينا ما فعلَه في سورية، هذا التخبّطُ الأمني الذي يُحدثه في الدول غير مقبول".
وردًّا على تهديد نتنياهو بأنّه "مستعدّ لتوجيه ضربة أخرى على إيران"، قال لاريجاني إنّ "نتنياهو ما دام موجودًا على سدّة الحكم لن يكون هناك استقرار وأمن حتى في فلسطين، وهذه مشكلة بالطبع. هو يفتعل الأزمات لمصالحه الشخصية".
وتطرَّق أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران إلى العدوان "الإسرائيلي" على إيران، مذكِّرًا بـ"الهدف "الإسرائيلي" وهو إسقاط النظام في الجمهورية الإسلامية"، مشيراً إلى "أنّهم (الصهاينة) خطَّطوا لهذا الأمرِ منذ 14 عامًا ولم يُوفَّقوا، وكان مخطَّطُهم أنْ يُثيروا الفتنةَ في الجمهورية وأنْ ينزل الناس إلى الشوارعِ وهذا ما صرّح به نتنياهو مرات عدة".
وتابع قوله: "نتنياهو كان يظن أنّ الشعب الإيراني يحبُّه ولكنْ ما حدث كان على عكسِ ما تصوَّر. حتى المعارضة في إيران وقفت مع النظام في الجمهورية الإسلامية، وهذه هزيمة أخرى".
وأشار إلى أنّ "رئيس حكومة الاحتلال كان يظن أنّ دول المنطقة أيضًا ستدعمه لأنّ لديها بعض المشاكل مع الجمهوريةِ الإسلامية ولكن لم يحدث هذا"، موضحًا أنّ "كلّ الدول الإسلامية، برغم بعض المشاكل الموجودة، اجتمعت ودعمت الجمهورية".
وفي ما قال إنّ ""إسرائيل" استطاعت أنْ تغتال بعض شخصياتنا وقادتنا غدرًا، وهذه كانت خديعة"، سأل: "لكنْ، ما الذي استطاعت أنْ تحصُلَ عليه؟".
وأردف قائلًا: "الكيان يُخفي دائمًا خسائره، ولكن أنتم تعلمون من وسائل الإعلام أنّ "إسرائيل" تحوّلت إلى جهنّم وأصبحت مثل غزة، و(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب نفسه قال إنّ إيران بواسطة صواريخها أحدثت جهنّم على نتنياهو وأنّه هو أنقذَه. هذه كلُّها إذا وضعناها مع بعضها، نعلم أنَ هناك هزيمة استراتيجية للكيان وهو بدأ الحرب وهو طلب وقفها".
"إيران لا تتدخَّل بشؤون لبنان"
وحول زيارته إلى لبنان، أكد لاريجاني أنّ "إيران كانت ولا تزال إلى جانبه في مختلف الظروف، وهي لطالما دافعت عن لبنان وعن مقاومته"، التي يراها رأسمالًا استراتيجيًا "ليس للبنان فحسب، بل لسائر شعوب المنطقة التي تواجه التحدّيات".
وإذ شدّد على أنّ "التعدُّد في وجهات النظر داخل لبنان أمر طبيعي"، استدرك قائلًا: "ما يجب التأكيد عليه هو احترام من يضحّون دفاعًا عن أوطانهم". واعتبر أنّ "المقاومة تمثّل موقعًا متقدِّمًا ومُشرّفًا، وأنّ دعمها واجب أخلاقي وإنساني".
وبيّن أنّ "إيران لا تتدخَّل في الشؤون الداخلية للدول، بل تكتفي بتقديم المشورة عند الحاجة، انطلاقًا من إيمانها بأنّ قرار المقاومة ينبع من إرادة شعبية ناضجة وواعية، قادرة على اتخاذ ما تراه مناسبًا لحماية بلدها".
"ندعم المقاومة مهما كانت خلفيتها المذهبية"
وأكّد أنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم حركات المقاومة من دون النظر إلى خلفيتها المذهبية"، مستدلًا على ذلك بـ"دعم طهران لحركة حماس "المقاومة السنية"، وحزب الله "المقاومة الشيعية"، ما يثبت أنّ موقف إيران ليس طائفيًا، وأنّ من يُشكّك في هذا الأمر لم يفهم خيارات الجمهورية الإسلامية"، داعيا من يُشكّك في ذلك إلى "التعرّف على الحقائق ميدانيًا".
وفي حين قال إنّ "المقاومة الإسلامية لديها القدرة الكافية على اتخاذ القرار، ونحن لا نتدخَّل في قراراتها ولا في قرارات الدول كذلك"، أشار لاريجاني إلى "وجود شخصيات كبيرة اليوم داخل حماس، (حركة) الجهاد الإسلامي، وحزب الله، تُحلل بشكل جيد، وتمتلك أفكارًا ممتازة ولا تحتاج إلى تدخُّل من أحد".
وفي ما يخصّ النقاش حول سلاح المقاومة مع رئيسَي الجمهورية والحكومة في لبنان، كشف لاريجاني عن أنّ "طهران نقلت وجهة نظرها من المقاومة بشكل عام"، جازمًا بأن "إيران لا تتدخَّل في شؤون الدول".
كما تحدّث عن "أطراف قد تستغل بعض التصريحات بشكل مغرض"، قائلًا: "بعض الشياطين في السياسة قد يختبئون خلف الأشخاص ويطلقون مفاهيم مغرضة".
"بري يفتح الباب لحل الأمور في لبنان"
وعن لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصفه بأنّه "من الرجال السياسيين العظماء في لبنان والعالم العربي"، قال لاريجاني: "اللقاء مع بري تخلّله تبادل لوجهات النظر. سمعنا وجهة نظره التي تنم عن معرفة شاملة وعميقة، ورأينا أنّ ما قاله دولتُه يفتح الباب للمضي قُدُمًا نحو حلّ الأمور في لبنان".
وكشف لاريجاني عن أنّ "الرئيس بري قدّم مجموعة من المقترحات المتعلِّقة بأوضاع المنطقة، وخصوصًا بشأن التعاون بين الدول الإسلامية لحل بعض القضايا الصعبة سواء في لبنان أو غيره من الدول"، موضحًا أنّ "هذه النصائح كان يقدّمها دائمًا، وقد استفدتُ من وجهات نظره واستشاراته".
وبخصوص احتمالات بناء العلاقات بين إيران وسورية، رأى لاريجاني أنّ "الإمكانية موجودة ولا نقول إنّها معدومة، لكنّ ذلك يعتمد على ما سنراه من أفعال الجمهورية السورية الحالية".
ونبّه إلى أنّ "الوضع في سورية الآن مشوَّش وغير واضح، وهو ليس الوضع الذي نرغب به"، لافتًا الانتباه إلى "التدخُّل "الإسرائيلي" المتزايد" الذي وصفه بأنّه "سلوك لا نحبّذه في سورية".
وفي معرض حديثه عن أولى جولاته الخارجية كأمين عام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ذكر لاريجاني أنّ اختياره للعراق ولبنان "جاء انطلاقًا من طبيعة العلاقة التاريخية والتعاون القائم مع البلدين".
وعمّا جرى خلال زيارته إلى العراق، قال لاريجاني إنّ "البحث (جرى) في الأمور الاستراتيجية في بغداد وكذلك وقَّعنا اتّفاقية أمنية، والنقطة المِحورية في هذه الاتفاقية أنّنا نسعى إلى أنْ نصل إلى أمان وثَبات واستقرار للبلدين".
وردًّا على سؤال عن سبب اختيار جولة عربية شملت العراق ولبنان من دون غيرهما من الدول الإقليمية، أجاب لاريجاني: "منطقتنا منطقة حامية تقريبًا، تكثر فيها الأحداث، ويجب أنْ نتواصل مع الجميع، وهناك دول يجب أنْ نزورها، ومنها دول في شمال إيران".
"العلاقات مع مصر جيدة"
وبشأن التقارب والزيارات بين طهران والقاهرة، أكد لاريجاني أنّ "التواصل مع مصر قائم بشكل دائم، ولا توجد من جانب طهران أيّ مشكلة تحول دون تطوير العلاقات"، مضيفاً أنّ "المحادثات مع الإخوة في مصر مستمرة، والعلاقة جيدة ومفيدة، ولا توجد هناك مشاكل، ولكنْ إذا تدخّلت أميركا فهذا موضوع آخر"، محذّرًا من وجود "أعداء مشتركين" بين إيران ومصر.
وبالنسبة إلى العلاقات مع السعودية، أكّد لاريجاني أنّ "العلاقة بين طهران والرياض بدأت بداية جيدة بعد اتفاق استئناف العلاقات الذي رعته الصين"، مشددًا على "ضرورة تعميق هذه العلاقة برغم وجود اختلافات في بعض الملفات".
وفي ردّه على سؤال حول تسوية الخلافات بين إيران والسعودية بشأن ملفات مثل لبنان واليمن، قال لاريجاني: "أنا قطعًا أُحبّذ أنْ نتّجه نحو حل جميع الملفات في المنطقة بالحوار معهم، ومع بلدان مثل السعودية ومصر".
"منطق "السلام بالقوة" لن يثمر في المفاوضات"
وفي ما يخصّ المفاوضات النووية، قال لاريجاني: "طهران لا ترى أنّ المفاوضات مع الولايات المتحدة يمكن أنْ تؤدّي إلى نتائج حقيقية إذا استمرَّت واشنطن في اعتماد منطق "السلام بالقوة"".
وإذ جزم بأنّ "إيران لم ولن تستسلم"، أشار إلى أنّ "المفاوضات تكون مجدية فقط عندما يُدرك الطرف المقابل أنّه لا يستطيع تحقيق أهدافه بالحرب"، مؤكّدًا أنّ "المفاوضات لا تعطي أيّ ثمرة إذا بقي الطرف الآخر يعتقد أنّه يستطيع فرض إرادته بالقوة".
وأضاف أنّ "عددًا من الدول العربية، برغم تحالفها مع واشنطن، لا تضع ثقتها الكاملة بها، وعبّر بعض مسؤوليها في لقاءات سابقة معه عن رغبتهم في تنويع علاقاتهم مع دول أخرى، مثل الصين وإيران، وإنْ حافظوا في العلن على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة".
"الإمام الخامنئي قلب موازين المواجهة"
وأشاد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بدور الإمام السيد علي الخامنئي في العدوان الصهيوني - الأميركي على إيران، مؤكّدًا أنّه "لعب دورًا محوريًا في الحرب الأميركية - "الإسرائيلية" الأخيرة، وقلب موازين المواجهة".
وأوضح لاريجاني أنّ "السيد الخامنئي بالرغم من استهداف واغتيال عدد كبير من القيادات الإيرانية في بداية الحرب، تمكَّن بسرعة من تعويض تلك الخسائر خلال ساعات معدودة"، مضيفًا أنّ "خطابه للشعب الإيراني وضّح أهمية المرحلة وطبيعة المواجهة، وكان هدوئه الحازم والمطمئِن عاملًا مهمًا في تغيير المعادلة".
وعن الدور العملي للإمام الخامنئي في صدّ العدوان، أكد لاريجاني أنّ "السيد الخامنئي كان يتولّى قيادة القوات المسلحة من غرفة العمليات، يقدِّم التوجيهات ويدير الأمور بشكل كامل، وأظهر قدرة القوات على الاستمرار وإدارة العمليات حتى في ظل اغتيال قيادات مهمة".