خاص العهد

يحتفل اليمانيون، في ربيع الأول، بمولد رسول الله صلوات الله عليه وآله، مجددين العهد بالثبات على مساندة غزّة فلسطين، حيث تعتبر "ذكرى المولد النبوي الشريف، محطة للفرحة والبهجة، بقدوم مولد خير البشر وسيد الأنبياء جميعًا وخاتمهم"، وإحياء المناسبة "فرصة كبيرة للارتباط بهؤلاء الرموز العظام، للتزود من عطائهم ووعيهم. وهي أيضًا محطة مهمّة لاستذكار الأسس والمبادئ، والأصول الهامة في الإسلام"، بحسب ما أكد الأستاذ محمد الفرح - عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله - في تصريحٍ خاصٍ لموقع العهد الإخباري.
ويضيف الفرح: "الحدث كبيرٌ جدًا وهذه الذكرى هامة جدًا، خاصة وأن هناك حملة غربية، أميركية و"إسرائيلية" ضدّ الإسلام، سواء على المستوى السياسي، أو على المستوى الفكري بوجه عام، أو على تقديم الدين مثلًا بأنه دين الظلم، وأنه لا مكان فيه للحرية، لا مكان فيه لحقوق الإنسان، فهم هكذا يقدمونه، بينما هو في الحقيقة، دين أتى لينسجم مع الفطرة، وينمي هذه القيم في واقع الناس وفي حياتهم، وينميها أيضًا في واقع النفوس، لتتجسد وتصبح واقعًا يُطبق ويُمارس على الأرض".
يعطي اليمانيون هذه المناسبة اهتمامًا باذخًا، ويكرسون أوقاتهم بدءًا من أول شهر ربيع الأول حفلًا وإنشادًا وذكرًا للنبي محمد (ص)، وحتّى آخر أيام ربيع الأول. يقول الفرح عن هذه الاحتفالات لموقع العهد الإخباري: "بالنسبة للأنشطة، هناك الكثير من الفعاليات التي تُقام، وكذلك لقاءات واجتماعات، وهناك أيضًا حالة من التعبير عن الفرح بتزيين البيوت وتنظيفها وتزيينها بالإضاءات الملونة باللون الأخضر". ويضيف "أعتقد أن الشعب اليمني متميّز في هذا عن بقية الشعوب، التي تمر عليها مثل هذه الذكرى، ومثل هذه المناسبات، ولا تقدرها ولا تعطيها حقها، بينما التقدير والتعزيز لمثل هذه المناسبات، أكد عليه حتّى القرآن الكريم بأن نفرح بفضل الله وبرحمته، والرسول صلوات الله عليه وعلى آله هو فضل من الله، وهو رحمة، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
غزّة.. الجرح النازف في الوجدان اليمني
كلما دنا موعد الاحتفال بالذكرى... كلما شحذ اليمانيون العزائم على إيقاف العدوان ورفع الحصار عن غزّة، فاليمانيون يجسدون ولاءهم للرسول تمسكًا بقضيتهم الأولى.
يلفت عضو المكتب السياسي لأنصار الله إلى أننا "بحمد الله كشعب يمني، ونظام رسمي، وقيادة، وقوات مسلحة، نقف في صف غزّة"، ويقول "نحن لم نأتِ مثلًا لنبتهج أو لنقيم الأفراح وهم (أبناء غزة) يتضورون جوعًا، بالعكس بإذن الله سنجعل من هذه المناسبة في هذا العام منطلقًا لتعزيز الارتباط بالجهاد في سبيل الله، وتعزيزًا لنصرة المستضعفين، والوقوف والإسناد للمظلومين، وكذلك تعزيز العداء والسخط ضدّ العدوّ "الإسرائيلي". فهذه المناسبة تنمي الإيمان في الناس، وتزيد ارتباطهم بهويتهم وبرموزهم وبعظمائهم، وتصب في النهاية في خدمة الناس وانجاد المستضعفين".
ويوضح الفرح: "أي طغيان وتوحش أكبر وأسوأ مما يقوم به العدوّ الأميركي والعدو "الإسرائيلي" بشكل مباشر في غزّة، ومن يقف خلفهم سواء من أنظمة عربية أو من أنظمة غربية".
ويتابع الفرح "إن مناسبة المولد النبوي، وكما في كلّ عام، تصنع نقلة كبيرة في واقع الناس، تنقلهم إلى الأفضل على كلّ المستويات، يكتب الله دائمًا للناس انتصارات كبيرة، فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أعمال الناس مطلقًا، لا يضيع تعب وجهود هذا الشعب المضحّي والصابر والمؤمن، الذي يبذل كلّ ما بوسعه خدمة للقضية الفلسطينية، وثباتًا على الموقف المعادي للعدو "الإسرائيلي"، والمناصر أيضًا لغزّة، هذه المعاني نحن نستلهمها من هذه المحطة العظيمة، محطة المولد النبوي الشريف، وهذه الذكرى المهمّة والغالية على قلوبنا".
لك يا غزّة.. رسالة وفاء
يوجه الفرح عبر موقع العهد الإخباري رسالة إلى المقاومة في فلسطين يقول فيها: "اثبتوا واستعينوا بالله، والله سبحانه وتعالى سينصركم. لقد أثبتم في هذه الشهور على مدى 22 شهرًا أنكم أقوياء وأنكم واثقون بالله، وأنكم لا تلتفتون إلى جهة أخرى".
يضيف الفرح في رسالته للمقاومين الفلسطينيين: "لو كنتم ممن يعلقون آمالهم على البشر لكنتم انهزمتم في الشهر الأول، لكنّ ثباتكم يوحي بأن ثقتكم بالله عالية، وأنكم تستحقون الدعم والمساندة، وهو ما كان ينبغي أن تقوم به الأنظمة والحكومات تجاهكم، لا أن تُخذلوا ولا أن تطعنوا في ظهوركم، أما نحن فسنبقى معكم إلى أن يكتب الله لنا ولكم النصر.. لن نتراجع ولن نتردّد ولن نتخلف".
ويتوجه إلى الشعب الفلسطيني في غزّة تحديدًا فيقول: "نحن نتألم، يشهد الله أشد الألم عندما نرى تلك المشاهد، مشاهد القتل، ومشاهد العبثية بأرواح الناس، ومشاهد الأطفال وهم يموتون جوعًا، ومشاهد الرضع وهم يقتلون ويجرحون، ومشاهد النساء وهي تبكي لم يبق لها معيل، ولا تدري ماذا تقدم لأبنائها، كلّ هذه المشاهد هي تدمع قلوبنا، سواء الكبار أو الصغار، سواء النساء أو الرجال، الكل يتألم. ونتمنى، ونسأل الله أن يكون لدينا ممر أو طريق نصل إليكم، ونفتديكم بأرواحنا، ونُسقط المسؤولية من على كاهلنا. كما نسأل الله أن يكون قد قبل منا الجهد الذي نبذله في كلّ المجالات، سواء على مستوى الجانب العسكري أو مستوى التدريب والتأهيل أو الحضور الشعبي أو أي عمل نقوم به، نسأل الله أن يتقبله، ورغم أننا نعرف أنه قليل، لكن هو المستطاع، ولو فعلت الشعوب نصف ما فعله اليمن، لكانت الانفراجة قد حدثت في غزّة، ولَتَحَوَّلَت تلك المعاني إلى انتصار وأفراح".