اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ميلوني تُدين "إسرائيل": قتل الصحافيين في خان يونس "غير مبرّر" والحرب تجاوزت التناسب

خاص العهد

أداء الحكومة والسيادة
خاص العهد

أداء الحكومة والسيادة "المنقوصة"

58

من يُراقب أداء الحكومة اللبنانية ــ بعين النقد البنّاء ــ خلال الأشهر الستّة الماضية، لا يُبالغ إذا أشار إلى افتقارها الواضح إلى سلطة القرار المحلي، خصوصًا خلال الشهر الأخير. ثمّة "وجبات جاهزة" من القرارات الخارجية الواضحة وضوح الشمس بأنها لا تصب مطلقًا في مصلحة لبنان، ورغم ذلك يسير بها أولياء الحكم حتى ولو كانت النتيجة خراب لبنان. هذا الواقع يُحيلنا إلى افتقاد لبنان الرسمي مبدأ جوهريًّا من مبادئ قيام الدولة القوية والعادلة، وهو "السيادة". ذلك المصطلح الذي تبخّر في قاموس السياسيين الذين لم يعد يعنيهم أن تكون الدولة مستقلة في عَلاقاتها الدولية، ولا يجدون حرجًا في تدخّل دولة كأميركا في شؤون بلدهم، فتفرض ما تراه مناسبًا لمصالحها. أما "الطامة" الكبرى فتكمن في أن لبنان الرسمي يبدو كمتلقٍّ فقط للقرارات، ليس له الحق في النقاش. وإن كانت له "كلمة" فهي بلا وزن. مجرّد تعبير عن الرأي، لا يُقدّم ولا يؤخر، ما يجعل "السيادة" المذكورة في خبر كان.

ولكي لا تبقى "السيادة" مجرّد شعار رنَّان يرفعه من يُسمون أنفسهم بالسياديين في لبنان، والذين يُهلّلون لقرارات الحكم الحالي، من المفيد إجراء إطلالة سريعة على الواقع الوطني، لطرح جُملة من الأسئلة بناء على التعريف الحرفي للسيادة في السياسة والقانون الدولي، وما إلى ذلك من سياقات يكون فيها للدولة الحق الكامل والمطلق على أرضها وشعبها، دون تدخل خارجي. وعليه نسأل: هل تملك الدولة سيادتها على كامل أراضيها في ظل الاحتلال "الإسرائيلي"، والاعتداءات المتواصلة؟ هل تمكّنت الدولة من بناء جيش قوي ومتمكّن لاستلام مهمّة الدفاع عن لبنان بمفرده؟ هل تمتلك الدولة ما يكفي من الهيبة لتجعل الآخرين يحسبون ألف حساب قبل ارتكاب أي خطأ على أرضها؟.

ولا شكّ أن الأمثلة على "السيادة" المنقوصة كثيرة جدًا. يبدو يوم أمس الثلاثاء (27 آب) وحده كافيًا للدلالة على الدرك الأسفل الذي وصل إليه لبنان. ثمّة مندوب أميركي يُدعى توم براك يتجرأ على وصف مجموعة من الصحفيين بعبارات غير لائقة في البيت اللبناني الأول. هذا التصرف يُجسّد المثل القائل: كل إناء بما فيه ينضح، وهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على الفوقية الأميركية والاستخفاف باللبنانيين. مثال آخر على انتقاص "سيادة" لبنان تجلى في مجاهرة السيناتور الأميركي ليندسي غراهام بالقول؛ إن "إسرائيل" لن تنسحب قبل نزع السلاح. يجاهر السيناتور المعروف بولائه لـ"إسرائيل" بكل هذا الدعم الأميركي والانحياز الكامل لمصلحة الكيان الغاصب من منبر أعلى سلطة في لبنان، ليمرّ الأمر كأن شيئًا لم يُقل، وهي النتيجة التي وإن كانت معروفة منذ اليوم الأول لأي وساطة أميركية إلا أن التصريح يقطع الشكّ باليقين حول حقيقة الانسحاب "الإسرائيلي" المفترض.

وقد ارتكبت الحكومة سلسلة من الأخطاء التي أسهمت بشكل أو بآخر للوصول إلى هذا الدرك من التبعية الرسمية لقرارات الخارج، بعيدًا عن الحد الأدنى من السيادة والوطنية. فهي خضعت للإملاءات الخارجية، وأدارت ملف السلاح بطريقة سطحية سريعة دون وضع خطّة تراعي مصلحة البلد. كما عملت على إضعاف الموقع التفاوضي للبنان، وإضعاف الوحدة الوطنية وجعل البلد مرتهنًا للخارج. وأمام هذا الواقع، فالحكومة مطالبة بالتراجع عن قرارها الخطيئة بحصر السلاح، فالتراجع عن الخطأ فضيلة، كما قال الأمين العام لحزب الله؛ سماحة الشيخ نعيم قاسم الذي شدّد في خطابه الأخير على أنّ المفتاح الأساس لحل مشاكلنا في لبنان يكمن في استعادة السيادة الوطنية. تبدو الأخيرة البداية الأساسية لإعادة بناء وطن قوي وعادل. ومن وجهة نظر سماحته، فإنّ البداية تكون بوقف العدوان بشكل كامل، والانسحاب "الإسرائيلي" ‏من الأراضي المحتلة، وبداية الإعمار، وإطلاق الأسرى، وهو دعا في هذا الإطار الحكومة اللبنانية إلى جلسات مناقشة مكثفة لكيفية استعادة السيادة، ودراسة الخطط والبرامج للوصول إلى هذا الهدف.

الصمد: الحكومة تُنفّذ أجندة تُفرض عليها فقط

رئيس لجنة الدفاع والأمن النيابية النائب جهاد الصمد يأسف في حديث إلى موقع "العهد" الإخباري للواقع الذي تقارب فيه الحكومة اللبنانية الملفات. برأيه، فإنّ هذه الحكومة تُنفّذ أجندة تُفرض عليها فقط، وهي لا تملك خطة عمل واضحة. وعليه، يرى الصمد أن الدولة اللبنانية تُقارب بعض المواضيع بطريقة غير ميثاقية، لا تراعي صيغة العيش المشترك التي بُني لبنان على أساسها. وطننا كله قائم على هذه الصيغة، وعندما نلتزم بأجندة خارجية دون مراعاتها نأخذ البلد إلى أماكن لا تحمد عقباها، يضيف النائب الصمد.

ويدعو الصمد الحكومة اللبنانية لاعتماد الواقعية في التفكير والخيارات على قاعدة "إذا أردت أن تُطاع، فاطلب المستطاع". وفق قناعاته، ثمّة مشكلة جوهرية في طريقة تفكير القيّمين على هذه الحكومة. بعضهم لا يفكر بمصلحة البلد بل بمصالحه، جلُّ همه جمع "علامات زائدة" من المعلم الذي يُملي عليه. تلقت الحكومة إملاءات واستجابت لها، لكن العبرة تبقى في التنفيذ. وفي هذا السياق، يُشدّد المتحدّث على أنّ هناك قرارات تنفذ وأخرى غير قابلة للتنفيذ، والشواهد على ذلك كثيرة. لذلك، طالما هناك احتلال فإنّ قرار حصر السلاح غير قابل للتنفيذ.

ويُشدّد الصمد على أنّ استعادة السيادة تبدأ بزوال الاحتلال، فطالما ليس هناك سيادة للدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وطالما أنّ الجيش غير قادر فعليًّا على أن يحمي ويطبق القانون على الأراضي كافة، بمعنى طالما لا يوجد دولة قوية وقادرة على حماية أرضها وشعبها، فالسيادة منقوصة. وهنا، يُشدّد رئيس لجنة الدفاع والأمن النيابية على أنّ استعادة السيادة تكمن في استمرارية المقاومة، فطالما أنّ هناك احتلالًا؛ هناك مقاومة، وهذا الحق (المقاومة) موجود في كل الشرائع والأعراف الدولية في الأمم المتحدة. الشرائع المختلفة أعطت الحق لأي بلد في أن يستعمل الوسائل المتاحة كافة، بما فيها الكفاح المسلح لتحرير أرضه، وشريعتنا الإسلامية تقول؛ إنه عندما ينزل العدو في أرض المسلمين يصبح الجهاد فرضَ عين على كل مسلم. من وجهة نظر الصمد، هذا الحق موجود في كل المواثيق وشرعة الأمم المتحدة، والمقاومة هي حق مشروع عندما يكون هناك احتلال، إذ من حق الشعوب أن تحرر أرضها، لتستعيد سيادتها.

وفي ختام حديثه، يعود الصمد ليؤكّد؛ أنّ السيادة تبدأ من زوال الاحتلال، ومنع استباحة الأجواء برًّا وبحرًا وجوًّا، وإعادة الأسرى واحترام الحدود، وهذا كله يحتاج إلى ضمانة حقيقية بعيدًا عن مبدأ "فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".

الكلمات المفتاحية
مشاركة