عين على العدو

قال الكاتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية، تسيفي شميلوفيتش، إنّ "أيّ شخص كان في الولايات المتحدة خلال العام الماضي، حتى لفترة قصيرة، لا يمكنه إلّا أنْ يشعر بأنّ "الأرض تتحرَّك" بشكل ملحوظ في ما يتعلَّق بالموقف من "إسرائيل""، وفق تعبيره.
وأشار شميلوفيتش، في مقالة نشرتها الصحيفة، إلى ما أظهره استطلاع رأي أجراه معهد "غالوب"، الشهر الماضي، من أنّ "32 في المئة فقط من الأميركيين يؤيّدون العمليات "الإسرائيلية" في غزة، فيما يعارضها 60 في المئة"، مستحضِرًا نتائج استطلاع رأي آخر أجراه معهد "يوغوف" أظهرت أنّ" غالبية الأميركيين الآن يؤيّدون تقليص المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل""، معلّقًا على نتائج الاستطلاعين بالقول: "هذا التغيُّر حقيقي وبقوة مدهشة، لأنّه أصبح واضحًا أنّ التحوُّل لا يأتي فقط من المعسكر التقدّمي اليساري".
في آذار/مارس 2025، أظهر استطلاع رأي أجراه معهد "Pew" أنّ هناك "تغييرًا ملحوظًا بين الشباب الجمهوريين تحت سن الـ50"، فـ"في عام 2022، أعرب 63 في المئة منهم عن موقف إيجابي تجاه "إسرائيل"، أما في الاستطلاع الجديد فقد أعرب 48 في المئة فقط عن موقف إيجابي، و50 في المئة عن موقف سلبي"، بحسب شميلوفيتش.
وبيّن الكاتب أنّ "عدد اليمينيين يزداد، خصوصًا شباب (معسكر) MAGA (اسم مختصر لـMake America Great Again، أيْ ("لنجعل أميركا عظيمة مجددًا") الذين يرون أنّ على الولايات المتحدة البدء في قطع الرابط الوثيق بينها وبين "إسرائيل"، وعندما تصبح الانتقادات لدولة ما قضية ثنائية الحزب، فهذا يشكّل لعبة جديدة بالكامل".
وأورد شميلوفيتش تصريحات للعضو في الكونغرس ريتشي توريس من نيويورك، أحد أكبر المؤيّدين لـ"إسرائيل" من الجانب "الديمقراطي" الذي قال: "إذا كان هناك تآكُل في الدعم لـ"إسرائيل" في الولايات المتحدة، فهذا أمر يجب على الحكومة "الإسرائيلية" التعامل معه بجدية. من المهم الانتباه إلى العاصفة الكاملة المتمثّلة في نفاد صبر النخب في واشنطن جنبًا إلى جنب مع نفاد صبر الجمهور". وعقَّب شميلوفيتش على تصريحات توريس بالتذكير أنّه "طوال الصيف، سمع أعضاء الكونغرس من ناخبيهم شكاوى بشأن مجموعة واسعة من القضايا، وكان الجوع في غزة دائمًا على رأس القائمة، فيما يشاهد الأميركيون منذ أكثر من عام صورًا مروّعة من هناك، ممّا له تأثير فعلي"، قائلًا: "يبدو أنّ التحالف القديم بين "الحزب الجمهوري" و"إسرائيل" تظهر عليه الآن الصدوع".
وأشار شميلوفيتش إلى أنّ "(مارغوري تايلور) غرين؛ النائب الجمهورية التي بدأت ما وصفه منتقدوها بـ"حملة صليبية" ضد "إسرائيل""، هي صوت استثنائي في المشهد الجمهوري في واشنطن، لكنّها تمتلك نفوذًا هائلًا في معسكر MAGA لمؤيّدي (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب. عندما قالت إنّ ما يحدث في غزة هو "إبادة جماعية"، معتبرًا أنّه "كان يمكن سماع الصدى (لحديث غرين) في أرجاء "كابيتول هيل"".
وحول حديث غرين بأنّه "من الأسهل قول الحقيقة: ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين أول 2023) في "إسرائيل" كان مروّعًا، ويجب إعادة جميع الأسرى، لكنْ تَحْدُث أيضًا إبادة جماعية وأزمة إنسانية وجوع في غزة"، رأى شميلوفيتش أنّ غرين "وضعت نفسها، برغم صعوبة التصديق، بشكل واضح إلى يسار معظم أعضاء "الحزب الديمقراطي" الذين يلتزمون بالصمت التام حول هذا الموضوع".
واعتبر شميلوفيتش أنّ "غرين ذهبت أبعد من ذلك بمحاولتها تمرير قرار لخفض 500 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأميركية لـ"إسرائيل"، مخصَّصة لأنظمة الدفاع الجوي، وإشارتها إلى القصف "العرضي" للكنيسة الكاثوليكية في غزة الشهر الماضي بواسطة "الجيش "الإسرائيلي""، وقولها إنّ "الولايات المتحدة لا يجب أنْ تموّل نظام دفاع صاروخي لدولة تمتلك سلاحًا نوويًّا". وأضاف شميلوفيتش: "صوّت معها عضو الكونغرس الجمهوري توماس ماسي من كنتاكي، وانضم إليها 4 ديمقراطيين، من بينهم رشيدة طليب؛ الديمقراطية التقدّمية الفلسطينية - الأميركية الوحيدة في الكونغرس".
وبحسب شميلوفيتش، فإنّه "من اللافت للانتباه، أن غرين كانت قد قادت قبل عامين محاولة لتمرير قرار يندّد بطليب بسبب تصريحاتها ضد "إسرائيل"، والآن تعاونتا معًا في محاولة لخفض المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل". الأرض بالفعل تتحرَّك".
وبينما ذكَر شميلوفيتش أنّ "الغالبية العظمى من الجمهوريين لم تَحِد عن هذا الموقف"، نبّه إلى أنّ "كلام غرين الذي انضمَّ إليه بعض مؤثّري اليمين، يتغلغل ويكتسب زخمًا، خاصة بين جيل الشباب الذي أصبح أقلَّ دعمًا لـ"إسرائيل" تلقائيًّا".
وذكَر أنّه "حتى "الشباب التقدّمي" يُتَّهم بالجهل بشأن الصراع "الإسرائيلي" - الفلسطيني، لكنْ سيأتي وقت لا يمكن فيه لوم كل الجيل الشاب في أميركا على الجهل، فحتى لو كان هذا صحيحًا، فهذا الجيل سيكون قريبًا هو من يتّخذ القرارات".
وأضاف: "في مؤتمر طلّابي محافظ مؤخّرًا، ظهر ديف سميث، محلل ليبرتاري، في نقاش بتوجيه من الناشط اليميني تشارلي كيرك، وحظي بتصفيق حار عندما رفض فكرة أنْ تكون الولايات المتحدة منسِّقة تمامًا مع "إسرائيل"، وقال: من الواضح أنّ المسيحيين واليهود والمسلمين مرتبطون بهذه الأرض، لكنْ هذا لا يعني أنّنا يجب أنْ نقصف إيران من أجل "إسرائيل"، ولا يعني أنّنا يجب أنْ ندعم "إسرائيل" في قتل أشخاص في غزة".
وشدّد شميلوفيتش على أنّ "التحالف الوثيق بين "إسرائيل" والمعسكر الجمهوري الذي بدأت تظهر عليه الآن صدوع، لم يكن دائمًا كذلك"، موضحًا أنّه "حتى نهاية القرن الـ20 تقريبًا، كان الجمهوريون متشكّكين للغاية تجاه "إسرائيل""، مذكّرًا بأنّ "ريتشارد نيكسون كانن لديه ميول "معادية للسامية"، ورونالد ريغان لم يزر "إسرائيل" أبدًا".
وأشار إلى أنّ "تاكر كارلسون، مقدّم "فوكس نيوز" السابق، وأحد أصحاب النفوذ الكبير في اليمين الأميركي، لم يعبّر فقط عن معارضة شديدة لأيّ هجوم أميركي على منشآت إيران النووية، بل دعا مؤخّرًا إلى سحب الجنسية من الأميركيين الذين خدموا سابقًا في "الجيش "الإسرائيلي""، بسبب مخاوف من "ولاء مزدوج"، وهو ما اعتبره شميلوفيتش أنّه "تهمة معروفة و"معادية للسامية" في اليمين الأميركي"، في حين أضاف (كارلسون) أنّ هناك الكثير من الأميركيين الذين خدموا في "الجيش "الإسرائيلي""، ويجب أنْ يفقدوا جنسيتهم. لا يمكن القتال لصالح دولة أخرى والبقاء أميركيًّا".
واستنتج شميلوفيتش، في ختام مقالته، أنّه "على الأقل في المستقبل القريب، يبدو أنّ "إسرائيل" لا تحتاج للقلق بشأن الدعم الأميركي المادي، لكنّها يجب أنْ تقلق بشأن الدعم الأميركي الشعبي، الأخلاقي والعاطفي"، مؤكدًا أنّ "الشيء المشترك بين جيل الشباب من اليسار واليمين هو الانعزال، حتى ولو بطرائق مختلفة، يعتمدون على المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي، ويعرفون القليل جدًا عن التاريخ"، ومشيرًا إلى أنّ "دعم اليسار الأميركي لـ"إسرائيل" لم يختفِ فقط مع الرئيس (الأميركي) السابق جو بايدن، بل حتى جيل المستقبل من اليمين المحافظ لم يَعُدْ يتأثّر كثيرًا بِصوَر السياسيين الأميركيين وهم يباركون حائط المبكى".