كلام الأمين

بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال المهرجان المركزي لمناسبة ولادة الرسول الأكرم النبيّ محمد (ص) وأسبوع الوحدة الإسلامية في قاعة الشهيد السيد محمد باقر الصدر في ثانوية الامام المهدي في الضاحية الجنوبية لبيروت
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم نحتفل بذكرى ولادة النبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، مع مرور ١٥٠٠ عام هجرية على ولادته. هذا النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو نعمة إلهية عظيمة عمّت البشرية جمعاء، قال تعالى: ﴿لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة﴾. هذه النعمة الإلهية هي التي ظلّلتنا بالاستقامة والصلاح واتباع منهج الحق، وهي التي تظلّل حياتنا سعادة في الدنيا وسعادة في الآخرة.
إننا أمام رجل استثنائي، وأمام نبي مرسل عظيم، هو سيد الأنبياء والرسل، هو سيد البشرية جمعاء، هو الرجل الأول على مستوى جميع المخلوقات وخاصة البشر، هو المعصوم الذي كلّفه الله تعالى أن ينقل إلينا رسالة السماء وهي الإسلام.
رسولنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم حمل الحق من عند الله تعالى، قال تعالى: ﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نُزّل على محمد وهو الحق من ربهم كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم﴾، هو الحق من عند الله تعالى. نحن نحتاج إلى مصدر ونحتاج إلى خلفية ونحتاج إلى مرجعية كي نعود إليها لنقوم حياتنا، ولنعرف كيف نتعامل مع هذه الحياة. هذا هو الحق، الإسلام من عند الله تعالى عن طريق نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا النبيّ الأكرم هو الرحمة الخالصة، هو رحمة للعالمين، قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾، وهو قال عن نفسه: أنا رحمة مهداة. هذه الرحمة هي التي تعطي وتشُدّ العزيمة وتساعد الإنسان على التفاعل في هذه الحياة.
يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنت الذي أنرت لنا الطريق، أنت الذي فتحت لنا أبواب الفضيلة، أنت الذي علمتنا كيف نكون مؤمنين بشرع الله تعالى، ومستقيمين على منهج الحياة. أنت الذي درّبتنا على الأخلاق، أنت الذي بثيت فينا الإحسان، أنت الذي علمتنا كيف نكون مع خالقنا، لنستمد منه دائمًا وفي كلّ لحظة، نذكره ونحبه ونتعاطى معه ونعيش معه في حياتنا، لنكون مؤمنين صالحين.
الحمد لله الذي أنعم علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وعرّفنا على الحق من خلال محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطانا رحمة عظيمة للعالمين. محمد هو سيد البشر، سيد الرسل، سيد التربية والأخلاق والإيمان والصلاح. الحمد لله على هذه النعمة الكبيرة.
تعرفون أنه يوجد اختلاف بين المسلمين في تحديد تاريخ الولادة؛ بعضهم يقول: وُلِدَ في ١٢ ربيع الأول، وبعضهم يقول: وُلِدَ في ١٧ ربيع الأول. جاء إمامنا الخميني قدّس الله روحه الشريفة كي لا يبقى هناك خلاف على هذه المسألة البسيطة، خاصةً أن الشيعة بشكل عام يقولون إن الولادة في ١٧ ربيع الأول، والسنة يقولون الولادة في ١٢ ربيع الأول. قال: لماذا لا يكون هناك أسبوع للوحدة الإسلامية؟ أسبوع لولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. نحتفل بهذه الولادة من ١٢ إلى ١٧ ربيع الأول. ولذلك أعلن أسبوع الوحدة الإسلامية على قاعدة أن يكون هناك جمعٌ واحتفالٌ يمر خلال أسبوع، وبالتالي هذا مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية.
ألم يقل تعالى: ﴿وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون﴾؟ كيف نُجسّد الأمة الواحدة؟ نُجسّدها من خلال المظاهر، من خلال الأهداف، من خلال التعاون في القضايا المشتركة، من خلال العمل الدؤوب لنكون في الموقع الواحد في مواجهة التحديات، وفي مواجهة الأعداء، وفي مواجهة مشاكلنا، أن نكون على خطٍ واحد حتّى ننقذ العالم والبشرية وننقذ أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم بِشرع الإسلام وبالارتباط بالله جل وعلا.
قال إمامنا الخميني قدّس الله روحه الشريفة: إننا اليوم مُكلّفون، أيًا كان الزيّ الذي نرتديه أو العمل الذي نمارسه، بِتجنب اختلاف الكلمة، والحرص على الوحدة الإسلامية التي يوصي بها الكتاب والسنة على الدوام، وأن نجعل كلمة الحق هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى.
هذه الوحدة الإسلامية تتطلب ترجمةً عملية، تتطلب أن نقوم بحمل القضايا المشتركة معًا. وأعلى درجة من درجات التعبير عن الوحدة الإسلامية هو الالتفاف حول قضية فلسطين. قال إمامنا الخامنئي دام ظله: الجمهورية الإسلامية منذ بدايتها، منذ تأسيسها، جعلت في الأسطر الأولى الأساسية من أهدافها اتحاد المسلمين وتقارب قلوبهم، ومنها قضية فلسطين.
هذه قضية مركزية، هي التي تُوحد الأمة، هي التي تجعلنا معًا نناصرها، ندعمها، ندعم مقاومتها، ندعم تحريرها، ندعم أهلها، نساعدهم على أن يكونوا مع هذه الأمة محاطين بالتفاعل والتعاون والدعم والجهاد والتحرير. هذه أبرز قضية من قضايا الوحدة الإسلامية.
وإلا، فإن الذي يقول: نحن مؤمنون بالوحدة الإسلامية، كيف تُعبّر عنها؟ الوحدة الإسلامية وحدة موقف، وحدة عمل، وحدة جهاد، وحدة مواجهة، وحدة مصير، وحدة تحمّل التضحيات. نحن لا نتحدث عن وحدة إسلامية تدخل إلى المذاهب وتعدل من قناعات المرتبطين بها أبدًا، بل نتحدث عن وحدة إسلامية سياسية عملية تربوية أخلاقية في مواجهة التحديات.
هذا يجب أن يكون: قضية فلسطين أبرز قضية تعبّر عن الوحدة الإسلامية. نحن إلى جانبها، معها ضحّينا وعملنا، وعلى الجميع أن يكون معها لِيعبر عن الوحدة. ألا ترون ما يحصل في غزّة؟ مجازر، عمل إبادة، قتل الأطفال والنساء، تدمير الشجر والبيوت والمساكن والقرى والمدن. يوجد أبشع عمل إجرامي تُمارسه "إسرائيل" وأميركا في فلسطين المحتلة، في غزّة، وكذلك الآن في الضفّة الغربية.
هذا كله هو نتاج الاستكبار، هو نتاج الغدة السرطانية "إسرائيل"، هو نتاج هذا الاحتلال. علينا أن نكون معًا لِننصرهم. أكثر من ٢٢٨ ألفًا بين شهيد وجريح ومفقود، منهم ٦٥ ألفًا من الشهداء خلال هذه الفترة، خلال سنتين من العدوان "الإسرائيلي" الأميركي المجرم المستمر على غزّة وعلى فلسطين.
هل يمكن أن يكون هذا مقبولًا عند العالم؟ هل يمكن أن يكون مقبولًا عند المسلمين؟ أين أنتم يا من تؤمنون بلا إله إلا الله محمد رسول الله؟ أين أنتم يا من تؤمنون بالإنسانية؟ أين أنتم يا من تؤمنون بضرورة حقوق البشر؟ أين الموقف؟ أين الدعم؟ أين العمل الإيجابي الذي يكون لمصلحة إيقاف هذه الإبادة التي تحصل في فلسطين؟ هذه مسؤوليتنا جميعًا.
الحمد لله، صمود الفلسطينيين صمود أسطوري.
هذا شعب نموذجي قدّم، ضحّى، أعطى، ولا يزال يُعطي. هو صامد في غزّة، هو صامد في مدينة غزّة، في كل شوارعها، في كلّ بيوتها، في كلّ أحيائها. هذا نموذج المقاومة للشعب الفلسطيني المستمرة رغم كلّ الصعوبات، رغم كلّ ما يحصل. هذا عمل عظيم.
عملية راموت قرب القدس التي ذهب بسببها ٧ قتلى إسرائيليين وأكثر من ٢٠ جريحًا، عملية جريئة شجاعة، تُثبت أن هذا الشعب الفلسطيني يملك الحياة وإرادة المقاومة وإرادة التضحية، ويُريد أن يُحرر أرضه. هذا أمر عظيم. في جباليا في غزّة وكذلك في حيّ الشيخ رضوان، أعداد كبيرة من الإسرائيليين يُقتلون ويُجرحون رغم كلّ الصعوبات الموجودة هناك. هذا رمز وهذا تعبير.
نحن أمام شعب حي، نحن أمام شعب يعطي. يجب أن نكون إلى جانبه، يجب أن نكون معه، يجب أن نساعده، يجب أن نكون جميعًا يدًا واحدة معه.
بالأمس قامت "إسرائيل" بعدوان تحت عنوان قتل قادة حماس في قطر. هذا عدوان كبير جدًا، عدوان استثنائي، عدوان لِقتل قادة حماس وعدوان على قطر نفسها. وبالتالي، هذا أمر محل إدانة وشجب، ويجب أن يُواجه من كلّ العالم، لأن "إسرائيل" تجاوزت كلّ الخطوط، وقامت بأعمال شنيعة جدًا، ولا يمكن الصمت على هذا العمل.
كنت أفكر: كيف يمكن الرد؟ طبعًا نحن إلى جانب قطر، نعتبر أنها اعتُدي عليها، ونحن ندعم مواجهة قطر لهذا المشروع "الإسرائيلي" ولهذا الاعتداء ال"إسرائيلي"، كما نحن مع المقاومة الفلسطينية، مع حركة حماس في المواجهة، والرحمة للشهداء الذين ارتقوا في هذه المواجهة وفي هذا العدوان.
لكن أنا لدي اقتراح، اليوم ما حصل بالعدوان على قطر ليس عدوانًا في محل أو مكان أو على مجموعة أو عدوانًا استثنائيًا أبدًا، هذا العدوان على قطر هو جزء لا يتجزأ من مشروع "إسرائيل" الكبرى. "إسرائيل" تعمل خطوة وراء خطوة، "إسرائيل" تتوسع تدريجيًا. "إسرائيل" منذ سنتين تعمل من أجل إنهاء وإبادة المقاومة في غزّة، تمهيدًا لإبادة الشعب الفلسطيني في غزّة، والآن بدأت في الضفّة الغربية من أجل أن تغيّر معالم فلسطين لتصبح "إسرائيلية" بالكامل، وتريد أن تُهجّر إلى مصر وإلى الأردن، وكذلك تبحث عن عدد من الدول حتّى تنقل الفلسطينيين إليهم.
هذا جزء من مشروع "إسرائيل" الكبرى. اليوم عندما تضرب في قطر، معنى ذلك أن "إسرائيل" تقول: هذه خطوة من الخطوات حتّى لا تبقى أي دولة في المنطقة قادرة على أن تقول لا، بل حتّى تتحكم "إسرائيل" تدريجيًا بالتوسع. الآن هي مسلّطة على الأجواء وعلى القدرات بدعم أميركي كامل ومفتوح، والعدوان الذي حصل على قطر هو عدوان "إسرائيلي" أميركي بامتياز، بضوء أخضر أميركي. هذا كله يدل على أن خطوات المشروع تسير إلى الأمام.
أنا أعتبر أن ضرب قطر هو خطوة من خطوات "إسرائيل" الكبرى من الفرات إلى النيل. وتحتاج "إسرائيل" إلى ظروف متعددة لتتوسع. يمكن أن نسمع في يوم من الأيام أنها ضربت في السعودية، أو ضربت في الإمارات، أو ضربت في أي مكان، كما تستمر اليوم في الضرب في لبنان وسورية، فضلًا عما يحصل في فلسطين المحتلة.
أقترح عليكم اقتراحًا: أن نقول ردّوا على "إسرائيل" بِضربها، هذا أمر غير واقعي، ولا أعتقد أن أحدًا يفكر الآن بهذه الطريقة لاختلال موازين القوى والظروف الموجودة في المنطقة وفي العالم. لكن أقترح عليكم أحد اقتراحين، أحدهما أفضل من الآخر:
الاقتراح الأول: طالما أن مشروع "إسرائيل" الكبرى اتُّخذ قراره من قبل نتنياهو وبدعم من ترامب، وهم يقومون بالخطوات التفصيلية لقيام هذا المشروع، وتبيّن عمليًا أن الذي يؤخّره والذي يُجنّنهم هو استمرار المقاومة وعدم استسلامها وعدم خضوعها في فلسطين وفي لبنان وفي المنطقة، الآن لماذا لا تُدعَم المقاومة كدول عربية، كدول إسلامية، بأشكال الدعم التي ترونها مناسبة؟ يمكن أن يكون الدعم سياسيًا، دعمًا إعلاميًا، دعمًا ماليًا، دعمًا اقتصاديًا، دعمًا اجتماعيًا. قولوا في المحافل الدولية بأنكم تؤيدون حق المقاومة، لأن المقاومة ماذا تفعل؟ المقاومة فقط تقول: أنا أُريد أن أسترجع أرضي، لا تقول المقاومة إنها تريد أرضًا أخرى.
وبالتالي، إذا اجتمعت اليوم جامعة الدول العربية، أو اتفق مجموعة من العرب أو من المسلمين على أن يعملوا خطوات دعم بأشكال مختلفة، تقوم خطوات الدعم على دعم المقاومة. المقاومة بالنسبة لكم الآن سدّ منيع قبل أن يصلوا إليكم. اعلموا أنه إذا أنهوا المقاومة لا سمح الله، ولن ينهوها على الإطلاق، إذا أنهوا المقاومة سيأتي الدور إليكم. ماذا تستطيعون أن تفعلوا؟ كيف تستطيعون المواجهة بالسياسة الدولية؟ بأميركا؟ أصلًا أميركا متواطئة، والسياسة الدولية لا قدرة لها، وأنتم كلّ إمكاناتكم لا تستطيع، بل إمكاناتكم مبنيّة على تقنيات وإمكانات عسكرية من أميركا وبإشراف "إسرائيل"، وهي مالكة التقنيات ومالكة الذكاء الاصطناعي، وعندها كلّ الإمكانات التي تتحكم حتّى في بلدانكم ساعة تشاء.
إذن، ندعوكم إلى أن تدعموا المقاومة لتدعموا أنظمتكم وشعوبكم وبلدانكم. هذا الحدّ الأفضل ليكون هناك عملية مواجهة، ماذا ستفعل أميركا وماذا ستفعل "إسرائيل" عندما ترى أنكم جميعًا متضافرون مع بعضكم، خاصة إذا حصل ما يشكّل خطرًا.
إذا لم تقبلوا بهذا المستوى الأول، أو لم تتجرؤوا على هذا المستوى الأول الذي يتضمن موقفًا اقتصاديًا، كعدم تبادل تجاري إلى آخره، فانتقلوا إلى المستوى الثاني.
المستوى الثاني: لا تطعنوا المقاومة في ظهرها. يا أخي، إذا لم تدعموها فلا تقفوا إلى جانب "إسرائيل" حتّى تأخذ ما تريد من المقاومة بدعم منكم. اخرجوا من قصّة حصرية السلاح، اخرجوا من قصّة أن حماس تتحمّل مسؤولية المعركة التي حصلت، اخرجوا من قصّة أن على حماس أن تقبل بالشروط "الإسرائيلية"، أو على المقاومة الفلسطينية أن تقبل بالشروط "الإسرائيلية". يا أخي، لا تتحدثوا عن تنازلات عند المقاومة، وبنفس الوقت لا تضغطوا على المقاومة، أنتم تضغطون عليها لكي تقولوا: والله نُريد أن نفك الذرائع عن "إسرائيل". لا يوجد فك ذرائع، "إسرائيل" مستمرة في عدوانها، لا يوجد أحد يوقفها إلا المقاومة أو من يقف بوجهها. لذلك، هذا شكل من أشكال دعم المقاومة: بأن لا تطعنوها في ظهرها، وبأن لا تواجهوها حتّى تتمكّن من أن تعمل ومن أن تتقدّم إلى الأمام.
هنا أُريد أن أوجّه تحية خاصة جدًا جدًا لليمن: اليمن العظيم، اليمن الشجاع، اليمن الذي يتحمّل أعباء كثيرة من أجل فلسطين، من أجل التعبير عن الأمة الواحدة، من أجل التعبير عن الحق المشروع للقضية الفلسطينية. إنهم يدفعون أثمانًا، لكن اسألوهم: ماذا يقولون لكم؟ يقولون لكم: هذه الأثمان لا تساوي شيئًا أمام العزة والكرامة، وأمام إيقاف المشروع ال"إسرائيلي"، وأمام دعم المقاومة واسترداد الأرض.
لماذا لا يُعمَل مثل اليمن في كلّ البلدان؟
على كلّ حال هذا اقتراحنا، وأنتم انظروا ما الذي يظهر معكم. هذه الوحدة التي تكون من منطلق الحق، طبعًا تؤدي أيضًا إلى الوحدة الوطنية. نحن عندما نقول ندعو إلى الوحدة الإسلامية، لأن نفسنا تعاوني، وفي الوقت نفسه ندعو إلى الوحدة الوطنية في كلّ بلداننا على قاعدة أنه عندما نكون على أرض واحدة عندنا مصائب واحدة، مشاكل واحدة، قضايا واحدة، يجب أن نكون مع بعض حتّى نكون أقوياء يشدّ بعضنا أزر بعض.
الموضوع الثاني هو موضوع ولادة حفيد النبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الإمام جعفر الصادق عليه السلام، الذي وُلد في 17 ربيع الأول سنة 83 للهجرة. الإمام الصادق هو إمام المذهب الشيعي يُنسب إليه بشكل أساسي، رغم أنه مذهب الأئمة عليهم السلام، لكن لأنه كان في مرحلة وبعطاءات غزيرة جدًا في الروايات والتعليم والتربية وتوضيح الشريعة وتركيز الأسس المتينة لهذه الشريعة. تصوّروا أن أربعة آلاف عالم تتلمذوا على يد الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه، كلّ واحد منهم يقول: حدّثني الإمام جعفر الصادق سلام الله تعالى عليه.
عندما نتحدث عن أربعة آلاف عالم فهذا ليس عددًا قليلًا لنشر هذا الدين وللتأكيد على خصوصيته وعلى تأثيره في الحياة. والعلماء من مختلف المذاهب، حتّى فيهم علماء من أهل السنة. معروف أن الإمام أبا حنيفة درس على الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه لمدة سنتين، وهذا أمر مشهور ومعروف ومدوّن في التاريخ.
الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه بالنسبة إلينا هو خط الاستمرارية للنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. نحن ليس عندنا اتّجاهات متعددة، نحن عندنا اتّجاه واحد كله يعود إلى محمد: أولهم محمد، وأوسطهم محمد، وآخرهم الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أذكر رواية واحدة عن الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه تُبيّن هذا العمق وهذا الاتّجاه المستقيم الأصيل. عندما جاء الخليفة المنصور من السفر، وكان معتادًا أن تأتيه الوجهاء والناس والزعامات فيزورونه، الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه لم يذهب إلى زيارته. فسأل عنه، ثمّ التقى به، فسأله الخليفة المنصور للإمام الصادق عليه السلام: لمَ لا تغشانا كما يغشانا الناس؟ لماذا لا تأتي إلينا مثل ما الناس تأتي عندما نسافر ونرجع، على الأقل لتهنئنا؟ فأجابه الإمام الصادق سلام الله تعالى عليه: ليس لنا ما نخافك من أجله، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوه منك، ولا أنت في نعمة فنهنئك، ولا تراها نقمة فنعزيك، فما نصنع عندك؟ أي لا فائدة لا إيجابية ولا سلبية.
قال له: تصحبنا لتنصحنا، كأنه يعمل ذكاء المنصور، طيب على الأقل نأخذ منك النصيحة. فأجابه الإمام الصادق عليه السلام: "من أراد الدنيا لا ينصحك، ومن أراد الآخرة لا يصحبك". هذا يبيّن الأصالة.
يجب أن ننتبه، نحن لا نمشي وراء الزعماء كيفما كان، ولا نكون نسلّم فنخسر ديننا ونخسر دنيانا ونخسر آخرتنا، لأن الاستقامة هي الأساس. الزعيم الذي يمشي على الاستقامة أهلًا وسهلًا به، نحن معه، نتابعه ونعمل معه. ولكن الذي لا يمشي هكذا، لا يجوز أن يشترينا بأمواله فننقاد له لمجرد أنه يحاول أن يتحكم برقاب العباد. في موقف أصيل يجب أن نقفه.
قبل أن نبدأ بالحديث السياسي، نريد التعزية بالعلامة السيد عبد الصاحب فضل الله ابن المجاهد المقدس السيد عبد المحسن فضل الله، وأخو الشهيد محمد حسن فضل الله. هذا العالم الكبير كان له دور في الصمود ودعم المقاومين وتخريج طلبة العلوم الدينية والعمل لِترويج الشريعة الإسلامية على مذهب أهل البيت سلام الله تعالى عليهم.
كما أُعزّي العائلة بالدكتور سعدون حمادة، المؤرخ الشيعي القدير الذي صحّح موقع الشيعة في جبل عامل وفي التاريخ اللبناني الذي طَمس دورهم ومكانتهم وما قاموا به من أجل لبنان ومن أجل هذا المقام الكبير الذي نحن عليه اليوم.
إلى العائلتين الكريمتين، إلى كلّ المحبّين، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.
نتحدث عن لبنان، العنوان الكبير: لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ونحن من أبنائه منذ نشأة لبنان الحديث. ولإسرائيل أطماع، أطماع توسعية، أطماع في أخذ بعض البلدات، أطماع في الاستيطان في لبنان، أطماع في جعل جزء كبير من جنوب لبنان جزءًا من الكيان ال"إسرائيلي".
أعلى مراتب الوطنية في لبنان هو الدفاع عن الوطن وتحرير الأرض. كلّ الذين قاوموا خلال الفترات السابقة منذ تأسيس لبنان حتّى الآن، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم وقناعاتهم ومناطقهم وانتماءاتهم، هم في الحقيقة ساهموا في حماية لبنان واستقلال لبنان. وهذا ما فعله الجيش اللبناني بحسب قدرته في محطات مختلفة، وهذا ما قامت به المقاومة على اختلاف انتماءاتها وجهاتها.
لقد دفعت المقاومة الغالي والنفيس في مواجهة العدوّ ال"إسرائيلي"، وخاصةً مقاومة حزب الله حيث قدمت أغلى ما عندها: قدّمت سيد شهداء الأمة السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، وخيرة القادة الشهداء، السيد الهاشمي، والقادة الشهداء، وكلّ الشهداء الأبرار الذين قدّموا، والجرحى والأسرى، وكذلك تضحيات العوائل كلها كانت من أجل حماية لبنان ومن أجل الدفاع عن أرضه ومن أجل تحرير هذه الأرض.
الحمد لله استطاعت المقاومة أن تُسقط أهداف "إسرائيل". نجحنا بالتحرير ومنعناها في معركة أولي البأس من الاجتياح، وهي الآن مردوعة ولا تستطيع الاستقرار في أرضنا، وإن كانت محتلة لكنّه احتلال مؤقت لا يمكن أن يستمر، وهذا قدرٌ من الردع.
جاء اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني سنة 2024 ليحقق هدفين ويفتح مرحلة جديدة: الهدف الأول إيقاف العدوان، والهدف الثاني استلام الدولة اللبنانية مسؤولية الحماية للبنان وإخراج العدو من أرضنا. لكن كلا الهدفين لم يتحقق حتّى الآن.
البعض يرد أسباب الانهيار في لبنان إلى وجود مقاومة المحتل ال"إسرائيلي"، وهذا طبعًا تدليس على الناس، وهذا كلام ليس فيه أي صحة. ما هو سبب الانهيار في لبنان؟ الانهيار في لبنان سببه الفساد المستشري، والتجاذب الداخلي، وطموحات الهيمنة بمعونة الأجنبي، وتجاوز الدستور والقوانين، وعدم تطبيق كامل مندرجات اتفاق الطائف. جاء العدوان لِيضيف سببًا وجوديًا للبنان واستقلاله، أي أن العدوان سلبي باتّجاه لبنان بأصل وجود لبنان. أما مشاكل لبنان وتعقيداته فبسبب قياداته، بسبب أبنائه، بسبب ما حصل.
وطبعًا قسم من القيادات والأبناء الذين أساؤوا خلال الفترات المختلفة.
ساهمت المقاومة في اتّجاهين: الاتّجاه الأول انطلاق مسيرة العهد الجديد مع انتخاب فخامة الرئيس العماد جوزيف عون، وكلّ الترتيبات التي نشأت من تشكيل الحكومة إلى كلّ الأعمال التي حصلت حتّى الآن.
وهذه مساهمة كبيرة من المقاومة في إنشاء الدولة من جديد، وفي انطلاق هذا العهد. كما ساهمت المقاومة في الوقوف سدًا منيعًا أمام الأهداف "الإسرائيلية". يعني صراحة الأهداف "الإسرائيلية" لم تتحقق ولن تتحقق لأننا موجودون، ولأن مثلنا كمقاومة، سواء كُنا في حزب الله أو حركة أمل أو الأحزاب أو القوى أو الشعب أو الجهات المختلفة من الطوائف المختلفة، مع وجود هذه الثلة الطيبة الطاهرة، لا يمكن لـ"إسرائيل" أن تستمر ولا أن تستقر. بإمكانها أن تعتدي، لكن ليس بإمكانها أن تستمر في احتلالها ولا أن تقضم الأرض. وعلى كلّ حال الزمن أمامنا ونحن وإياهم في المواجهة، ولن نتوقف ولن نترك الميدان.
ما هي أولوية الحكومة الآن؟ أولويتها أن تُحقق السيادة، وهي مسؤولية الحكومة. السيادة تعنى أن تُخرج "إسرائيل"، وهذه يجب أن تكون مسألة مركزية أساسية قبل كلّ شيء. كيف تستطيع الحكومة أن ترفع رأسها والعدوان مستمر على لبنان، وقد وصل إلى الهرمل وإلى مناطق مختلفة في النبطية وفي كلّ الجنوب؟ كيف لهذه الحكومة أن تقدر على أن تقول إنها تحافظ على السيادة وتمثل الشعب اللبناني وتطعن المقاومة في ظهرها، والمقاومة هي ركن بناء الدولة وركن تحرير الأرض؟ كيف تتصرف الحكومة بهذه الطريقة؟ لماذا تريد هذه الحكومة الاستغناء عن قوة لبنان وليس لها بديل للدفاع؟ لو عندها بديل للدفاع لقلنا لا بأس، لكن لا يوجد لديها بديل للدفاع. شاهدوا كيف تستثمرون هذه القوّة.
الوساطة الأميركية متآمرة بالكامل مع "إسرائيل". تُريد أميركا أن تستحوذ على لبنان وأن تُعطي "إسرائيل" ما تريد. ولا تستغربوا إن أميركا حاضرة لِتعطي لبنان لـ"إسرائيل" بالكامل. لقد تخلت أميركا عن الضمانة التي أعطتها بانسحاب "إسرائيل"، طمعًا بالسيطرة على لبنان.
اسمعوا ماذا قال غراهام: قال "بدون نزع سلاح حزب الله ستكون المناقشة مع "إسرائيل" بلا جدوى". يعني ماذا يطلب؟ يطلب أولًا أن يُنزع السلاح، وليس لديكم قوة على الإطلاق، ثمّ نرى "إسرائيل" هل تقبل أم لا. أي حتّى الالتزام بأنه بعد نزع السلاح ستنسحب "إسرائيل" لم موجودًا. يقول أيضًا: "إذا لم نتمكّن من التوصل إلى حل سلمي لِنزع سلاح حزب الله فعلينا النظر في الخطة ب، وهي نزع سلاح حزب الله بالقوّة العسكرية".
حسنًا، الآن أصبح الأميركيون يريدون أن ينزعوا السلاح إما سلمًا، أي عبر الدولة اللبنانية وبالاستسلام، وإما عسكريًا عبر الدولة اللبنانية أو بتدخلهم المباشر. هذا يدل على أنهم يضعون هدفًا واحدًا، وهو إفقاد لبنان قوته وقدرته حتّى يصبح لقمة سائغة تحت عنوان مشروع "إسرائيل الكبرى".
يا جماعة اسمعوا ماذا يقول نتنياهو: يقول إنه يريد "إسرائيل الكبرى"، وأول بلد مناسب وقريب إذا كان معدوم القدرة، وإذا لم يكن عنده مقاومة، ولا عنده التكامل بين الجيش والشعب والمقاومة، هو لبنان.
هناك سفيرة لِدولة أوروبية التقى بها أحد إخواننا، وبلغني محضر الجلسة. انظروا ماذا تقول هذه السفيرة، التي تمثل الاتحاد الأوروبي: "القدرات العسكرية الهائلة والمدعومة من قوى خارجية في إسرائيل لا تترك أي مجال لِردعها". أي أنها تخبرنا أن "إسرائيل" عندها قدرة كبيرة، وما حدا قادر لها، ولا يمكن ضمان التصرفات "الإسرائيلية" إذا تم نزع سلاح حزب الله، ولكن يمكن أن نتوقع كيف ستتصرف إسرائيل في حال عدم حصول ذلك. جميل! هي تقول: إذا نُزع السلاح لا نعرف ماذا ستفعل "إسرائيل" لاحقًا، لكن نعرف أنه إذا لم يُنزع السلاح فإن "إسرائيل" ستعتدي، ولا أحد يستطيع أن يوقفها.
يعني تهديد. إن تصرفات "إسرائيل" لا تبدل الموقف الأوروبي بضرورة حصرية السلاح. رماه في اليم مكتوفًا وقال له: إياك إياك أن تبتلَّ بالماء! عجيب. يعني أنتم تريدون لبنان أم لا تريدونه؟ أنتم تريدون "إسرائيل"، وبالتالي إذا كان لبنان ملحقًا بـ"إسرائيل" فهذا آخر همكم. لكن نحن ليس آخر همنا. لبنان بالنسبة إلينا وطننا وبلدنا وأرضنا ورصيدنا وحياتنا ومستقبل أطفالنا. لن نتخلى عن لبنان حتّى ولو اجتمعت الدنيا. لن نتخلى عن أرضنا حتّى ولو دفعنا أغلى التضحيات. لن نكون في موقع الاستسلام مهما بلغت الضغوطات الداخلية والخارجية.
خلص، يجب أن تفهموا مع من تتعاملون، مع من تتعاطون. أنتم تتعاطون مع ناس يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي علمنا أن نكون أعزة وأن نكون في الموقع الأعلى.
هل تريدون أن تعرفوا من يريد نهضة لبنان؟ نهضة لبنان إنما تتمثل بثلاثة أمور:
أولًا: أن نُحقق السيادة بِطرد الاحتلال "الإسرائيلي" ومنع الوصاية الأميركية - العربية التي تريد أن تسيطر على لبنان وتعدمه قدرته على الاستقلال.
ثانيًا: أن ينتظم عمل الدولة ومؤسساتها، وأن نبدأ بحركة الإعمار، وبالتالي هذه مسؤولية على الحكومة.
ثالثًا: أن تكون هناك مواجهة للفساد الذي أدى إلى هذه النتائج السابقة.
للأسف، في 5 و7 آب اتّخذت الحكومة قرارات غير ميثاقية كادت تأخذ البلد إلى فتنة كبرى، لكن الحمد لله هناك عوامل عطّلت خطوة الحكومة لِتخريب البلد: من ناحية دور الثنائي الشيعي الوطني المتماسك الذي أكد على ثبات المقاومة وتصرف بحكمة في مواجهة القرارين، وحركة الرئيس بري في التأكيد على أولوية الحوار، وتجاوب فخامة رئيس الجمهورية وقائد الجيش في مواجهة الأفق المسدود، وانفضاح الموقف الأميركي الذي لم يُعطِ شيئًا ولم يُقدّم شيئًا، وضعف مبررات خدام "إسرائيل" في الداخل وفشلهم بالدفع نحو الفتنة. هذه العوامل جعلت جلسة 5 أيلول تكبح الاندفاعة نحو تطبيق قرارات 5 آب اللاميثاقية والمشؤومة.
نحن ندعو إلى العودة إلى الوحدة الوطنية، بِبركة ولادة النبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ندعو إلى الوحدة الإسلامية وإلى الوحدة الوطنية، وأن نعود إلى الأولويات الأربعة:
1 - إيقاف العدوان على لبنان (العدوان "الإسرائيلي" - الأميركي).
2 - انسحاب "إسرائيل" من جنوب لبنان والمناطق المحتلة.
3 - الإفراج عن الأسرى.
4 - بدء عملية الإعمار.
هذه الأولويات هي التي تضع لبنان على السكة مجددًا. لا مجال لأي حلٍ خارج نقاش إستراتيجية الأمن الوطني. إذا كان أحد يفكر أنه بطرق مختلفة ُيحاول أن يصل إلى ما يريد، فلا توجد إمكانية. نحن قلنا: نحن مستعدون. نقاش إستراتيجية الأمن الوطني هي الطريق والباب للوصول إلى الحل.
هل تريدون أن تعرفوا رأي الشعب؟ هناك استطلاعين للرأي: واحد لـ"الدولية للمعلومات"، والثاني لـ"المركز الاستشاري". وفي الاستطلاعين ظهر أن بين 58% إلى 60% ضدّ تسليم الحزب سلاحه في هذه الظروف. طبعًا الشيعة ظهروا بنسبة 96%. هذا يدل على شعورهم بأن هذا المكوّن يتعرض لخطر حقيقي له علاقة بالوجود. 63% يقولون إنهم لا يعتقدون بانسحاب "إسرائيل" لو سُلّم السلاح. يعني إذا البعض يعتبر هذا ذريعة، كلا، هذا ليس ذريعة.
اليوم كُنا أمام شهرٍ بكامله، من ٥ آب إلى ٥ أيلول، وُضع لبنان على صفيح البارود المشتعل، والحمد لله خرجنا من هذا البارود. آمل أن يستفيد المسؤولون، وخاصة الحكومة، مما جرى لعِمل إيجابي في وضع البلد.
نحن اليوم، إذا أردنا أن نفصل، نقول: عندنا مشكلتان.
توجد مشكلة داخلية: أن هناك ناس مُصرين، يُريدون أن لا يكون السلاح موجودًا حتّى لو كان اسمه سلاح مقاومة.
وتوجد مشكلة خارجية: في العدوان "الإسرائيلي" المستمر والمتكرّر والحرب على لبنان، وهو يحتل أرضنا ويعتدي علينا بشكل دائم.
طيب، على مستوى المشكلة الداخلية، هي لا تؤثر على مسار الدولة. اصبروا قليلًا، دعونا نحل المشكلة الخارجية، والقابلية موجودة لِحل المشكلة الداخلية من خلال إستراتيجية الأمن الوطني. لِنحقق أولًا السيادة، وبعدها نسير في الأمور الأخرى.
أما العمل على تحقيق هدف "إسرائيل"، وهو مُعلن، فـ"إسرائيل" تريد أن تستمر مسيطرة لأنها تعمل على مشروع "إسرائيل الكبرى" وتجريدنا من قدراتنا، فهذا عمل خطير جدًا. بعض من في الداخل يعمل على الإيقاع ال"إسرائيلي"، وللأسف يبرر لـ"إسرائيل" ويسهّل خطوات مشروعها.
أنا أنصح هؤلاء أن يكونوا شركاء حقيقيين في داخل الوطن. نحن لدينا استعداد للتعامل مع كلّ الشركاء في الوطن من أجل بناء لبنان ومنع "إسرائيل" من السيطرة عليه. لا تُبرروا للعدو ال"إسرائيلي"، لا تقولوا كان الحزب هو البادئ بعدم الالتزام بتطبيق الاتفاق. بعضهم يقول إن الاتفاق لم ينص فقط على وقف إطلاق النار وإنما أيضًا على تفكيك كلّ البُنى العسكرية غير الشرعية في لبنان وإيداع أسلحتها لدى الجيش اللبناني.
يعني، أنت تُقدّم نفسك محاميًا عن إسرائيل؟ لماذا يا أخي تدافع عن إسرائيل؟ لماذا تعطونها مبررات؟ لماذا تُشعرونها أننا غير متماسكين؟ استقواؤكم بـ"إسرائيل" لن ينفع.
نحن ندعوكم، وندعو الجميع، إلى أن نبني بلدنا معًا، مسلمين ومسيحيين من كلّ القوى. نريد أن نكون شركاء ويطمئن بعضنا بعضًا، وأن نكون موحَّدين ضدّ أعدائنا. هذه مسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا.
أُكرّر دعوة للحكومة إلى أن تُناقش مواجهة "إسرائيل" وكيفية تحقيق السيادة. وأتمنى أن تُجيبونا: هل هذه الميكانيزم الموجودة هي فقط لِتقول إن هناك سلاحًا عند حزب الله أو لا؟ لا تقول إن "إسرائيل" اعتدت أو لا! لقد تجاوزت ٤٥٠٠ اعتداء. أين الميكانيزم؟ أين أوقفوا إسرائيل؟ أين أشاروا إلى إسرائيل؟
أنا أدعو مجددًا إلى أن نكون معًا، وإلى أن ننتبه. هذه محطة تاريخية مصيرية. استمرار المقاومة مصلحة للجميع. استمرار قوة لبنان مصلحة للجميع. تعالوا نتحاور ونتفق، ولا تجعلوا الأعداء يستفيدون من خلافاتنا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الأربعاء: 10 - 9 - 2025
17 ربيع الأول 1447 هـ