إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس (11 أيلول 2025)، بقراءة تداعيات الهجوم الإسرائيلي على الوفد الفلسطيني المفاوض في الدوحة وآثاره وتداعياته، كما اهتمت أيضًا بعودة التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، إضافة إلى إحياء ذكرى ولادة الرسول (ص) وكتابة التحليلات التي تربط بين جاهلية الغرب اليوم وادعائه "الحضاري" المزيف.
الدوحة تحت نيران الكيان الصهيوني.. قراءة في معنى الهجوم وتداعياته
كتبت صحيفة همشهري :"عندما هاجم النظام "الإسرائيلي" الدوحة، عاصمة قطر، لم يكن ذلك مجرد عملية عسكرية خاطفة، لقد كان إعلانًا واضحًا بأن العدوان أصبح أداة هيكلية لتدمير أي مسار للمفاوضات؛ مسار يمكن أن يفتح نافذة نحو وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى. ما حدث كان عملاً جبانًا بكل معنى الكلمة؛ ليس فقط لأنه استهدف وفدًا سياسيًا في جلسة تفاوض، ولكن لأنه أرسل رسالة واضحة مفادها أن أي محاولة لإيجاد حل من خلال الوسطاء القطريين والمصريين محكوم عليها بالفشل تحت صواريخ النظام الإسرائيلي. وهذه ليست المرة الأولى، لكنها عادة متجذرة. كلما اقتربت المفاوضات من نقطة حرجة بالنسبة إلى العدو؛ تكسر تل أبيب طاولة المفاوضات بالقوة. لقد حدث ذلك في غزة، وحدث في لبنان وسوريا، وحدث مرة أخرى اليوم في الدوحة.
وفقًا للصحيفة، لقد أظهر استهداف وفد حماس في أثناء دراسته للمقترح الأميركي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى أن النظام الصهيوني لا يبحث عن حل؛ بل يرى العنف خياره الوحيد. وتتجلى وقاحة هذا الإجراء أكثر فأكثر عندما نتذكر أن استضافة قطر للمكتب السياسي لحماس لم يكن قرارًا أحادي الجانب، لقد تمّ بناءً على طلب الولايات المتحدة وبموافقة نظام الاحتلال، ليتمكّن الجانب الفلسطيني من التفاوض بشأن قضايا حساسة. لكن ما حدث في الدوحة أثبت أن هذا التنسيق لم يكن سوى فخ دائم: استغلال غطاء المفاوضات للإيقاع بالطرف الآخر ثم تدميره. وكل حديث أمريكي عن الوساطة هو في الواقع غطاء لعمليات الكيان الصهيوني العدوانية ضد سيادة الدول.
وتتابع الصحيفة مؤكدة" : لقد تكرر النمط نفسه من قبل؛ عندما هاجم الكيان الصهيوني إيران قبل يومين فقط من الجولة السادسة من المحادثات بين إيران وواشنطن، كانت الرسالة واضحة بأن أي مسار دبلوماسي لن يكون بمنأى عن نيرانه". والأخطر من ذلك، بحسب الصحيفة، أن الهجوم على الدوحة تزامن مع تعطل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية في قطر؛ فالأنظمة التي كان من المفترض أن تكون درعًا لحماية أحد حلفاء واشنطن الرئيسيين، صمتت أمام طائرات الكيان الإسرائيلي. ولم يكن هذا الصمت أقل كارثية من الهجوم نفسه؛ أي تحالف أمني يسمح للعدو بانتهاك سيادة حليف ومهاجمة قلب عاصمته؟ الرسالة واضحة: أميركا إما متواطئة صامتة أو شريك فاعل، وفي كلتا الحالين، يُسحب لقب ضامن الأمن عنها".
التكيك الحتمي للتعاون
وكتبت صحيفة خراسان:" بعد أسابيع من الجدل السياسي والدبلوماسي، وأخيرًا عشية تفعيل آلية العودة التلقائية للعقوبات، أو سناب باك، التقى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي ورافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لعدة ساعات في القاهرة، وكانت نتيجة هذه المفاوضات توقيع وثيقة، وفقًا لوزير الخارجية الإيراني، تتوافق وقانون البرلمان وتوفر إطارًا للتعاون المستمر بين إيران والوكالة. ويأتي هذا التطور في موقف قُدّم غروسي، في الأدبيات الرسمية لبعض مسؤولي الدولة قبل بضعة أشهر فقط، أنه جاسوس وحتى عميل لأجهزة أجنبية. والسؤال الرئيسي الآن هو: لماذا سلكت إيران، على الرغم من تشاؤمها وذكرياتها المريرة عن الماضي، طريق التفاوض مع الوكالة مرة أخرى؟.
تجيب الصحيفة: يجب البحث عن إجابة لهذا السؤال في وزن وأهمية سناب باك، إن تفعيل هذه الأداة القانونية يمكن أن يضع إيران مرة أخرى تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة؛ فصل صعب مصمم في المقام الأول لمواجهة التهديدات للسلم والأمن الدوليين. ومن منظور اقتصادي، يقدر الخبراء أن التنفيذ الكامل لإعادة فرض العقوبات يمكن أن يعطل ما بين 30 و50 في المئة من الأنشطة الاقتصادية الإيرانية. وفي حال تكافح فيها البلاد مع عواقب الحرب الأخيرة، والتي استمرت 12 يومًا والضغوط التضخمية، فإن مثل هذه الضربة ستؤثر بشدة ليس فقط على الاقتصاد الوطني، أيضًا على سبل عيش الشعب اليومية. ومن منظور سياسي وقانوني، العودة إلى الفصل السابع من شأنها أن تحد من مساحة المناورة الدبلوماسية لإيران وتضع البلاد فعليًا في وضع محفوف بالمخاطر. لهذا السبب، يضطر الجهاز الدبلوماسي إلى استخدام جميع الأدوات الممكنة، بما في ذلك التعاون المحسوب مع الوكالة، لمنع تفعيل إعادة فرض العقوبات.
تتابع الصحيفة: "ووفقًا للبيانات الرسمية، لم تكن المحادثات الأخيرة مع غروسي قرارًا فرديًا أو مجرد مبادرة من وزارة الخارجية. أوضح السيد عباس عراقتشي إن بدء المفاوضات مع الوكالة وبنود الاتفاق التي تُرضي رأينا قد أُثارها وأُقرها المجلس الأعلى للأمن القومي، بمعنى آخر، لم تُجرَ المفاوضات مع الوكالة انطلاقًا من تجديد الثقة بغروسي شخصيًا، بل في إطار السياسة الكلية للنظام، وبهدف تحييد أي خطر وشيك. ويُظهر هذا النهج أن جهاز السياسة الخارجية اليوم، بحذرٍ تام ونظرةٍ شاملةٍ لجميع الجوانب، يضع حتى أصعب الخيارات على جدول أعماله كتكتيكٍ لدرء المخاطر المباشرة. علاوةً على ذلك، لا ينبغي إغفال حقيقةٍ قانونيةٍ جوهرية. لا تزال إيران عضوًا في معاهدة حظر الانتشار النووي، وعضويتها في هذا النظام القانوني الدولي تُلزمها بالتعاون مع الوكالة في إطار نظام الضمانات. لذلك، يُعدّ الحوار والتفاعل مع الوكالة، بغض النظر عن مستوى الثقة أو عدم الثقة بمديرها العام، جزءًا لا يتجزأ من التزامات إيران القانونية والدبلوماسية على الساحة الدولية".
الجاهلية الجديدة وذكرى ولادة النبي الأعظم (ص)
كتبت صحيفة كيهان:" في زمنٍ كانت فيه أرض الحجاز غارقةً في أقصاها وأشدّها جهلاً، وقد أفسحت فيه المعتقدات المنحرفة والكريهة المجالَ للحياة البشرية، ومع ميلاد نبي الإسلام الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ورسالته، أشرقت شمس الهداية من أرض مكة، وأضفت لوناً ونكهةً جديدين على الحياة البشرية، ليعيش الإنسان الغارق في الجهل حياةً إلهيةً قائمةً على القيم والروحانية والإنسانية. .. وفي هذا العصر الحالي، وفي أبعاد تتجاوز خيال قادة هذه الجبهة الشيطانية، أصبح العالم أكثر ميلًا نحو الإسلام يومًا بعد يوم، فقد أصبح الناس يدركون صدق الإسلام ويتعرّفون تعاليم القرآن المستنيرة والتقدمية. إن موجة النزعة نحو الإسلام في أعماق أوروبا وأمريكا خطيرة لدرجة أنها دفعت قادة بعض الدول، وهم أنفسهم رواد هذه الجبهة، إلى السعي جاهدين لمنع انتشار الإسلام وموجة النزعة الشعبية العارمة نحوه بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات.
وتؤكد الصحيفة:" إذا كانت الفتيات البريئات يُدفنّ أحياءً في عصر الجاهلية، فقد ارتفع اليوم في عصر الجاهلية عدد الأطفال الشهداء في قطاع غزة خلال ما يقرب من 23 شهرًا من حرب النظام الصهيوني على النساء والأطفال في هذه المنطقة من 20 ألفًا إلى تجاوز، ما يعني أن طفلًا فلسطينيًا واحدًا على الأقل يفقد حياته كل ساعة، وأصيب 21000 آخرين بإعاقة دائمة، ولا يزال الآلاف في عداد المفقودين أو يُعتقد أنهم مدفونون تحت الأنقاض. وتشير التقارير أيضًا إلى أن ما لا يقل عن 1000 طفل دون سن عام واحد قد استشهدوا خلال هذه الفترة، نصفهم تقريبًا (450) ولدوا واستشهدوا في أثناء الحرب. وفي قطاع غزة، يتعرض ما لا يقل عن 132000 طفل دون سن الخامسة لخطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد، وقد مات ما لا يقل عن 135 طفلاً من الجوع حتى الآن.
تكمل الصحيفة صورة المشهد الدموي في غزة:" وفي عصر الجاهلية الحديث فقط، يتنافس عالم الباطل الذين تلطخت أيديهم بدماء أكثر من 64000 شخص بريء، بمن فيهم عشرات الآلاف من النساء والأطفال الفلسطينيين في حرب غزة الأخيرة، وأولئك الذين، بصمتهم أو بإرسال المعدات، يشجعون ويدعمون قتلة هؤلاء الأبرياء، على جائزة نوبل للسلام ويتظاهرون بأنهم مدافعون عن حقوق الإنسان! بينما يُضحي المتعلمون في مدرسة الإسلام بأرواحهم وأموالهم في سبيل نصرة المظلومين والدفاع عنهم ومواجهة الظلم، انتقلت اليوم فكرة الدفاع عن المظلومين ومواجهة الظلم من مدرسة الإسلام المُستنيرة إلى أحرار العالم، ونشهد في كل أرجاء العالم سيلاً من الناس الساعين إلى العدالة بضمائر حية، يقولون ويفعلون ما يقوله الإسلام في مواجهة الظلم".