عين على العدو

علّق دورون متسا، مسؤول سابق في الشاباك، ومدير أقسام في وحدة البحث وتشكيل السياسات في الجهاز، على صفقة الأسرى التي تمّ التوصّل إليها بين العدوّ وحركة حماس، فقال في مقال له في صحيفة "معاريف": "لقد وُلدت هذه الصفقة بالنسبة لـ"إسرائيل" كـالشرّ الأقل سوءًا. فبعد عامين من اندلاع حرب "السيوف الحديدية" (العدوان على غزّة)، بات واضحًا أن "إسرائيل" تخوض حدثًا يفوق حجم الحروب الإقليمية في غزّة ولبنان وإيران. إنها معركة عالمية على شكل النظام الدولي المقبل".
ورأى أن "الولايات المتحدة وقفت على الضفّة الأخرى من المحيط، متبنيةً نهجًا نفعيًّا باردًا تحكمه المصالح الاقتصادية الذاتية"، مشيرًا إلى أن "تجربة العزلة هذه أطالت أمد الحرب بالنسبة لـ"إسرائيل"، لكنّها في الوقت نفسه كشفت لقيادتها حدود قوتها النسبية".
بحسب متسا، الصفقة التي وُقّعت في شرم الشيخ وأُقرت في الحكومة "الإسرائيلية" تمثل محاولة للحدّ من أضرار الواقع القائم، وتُختصر في إعادة الأسرى مقابل إنهاء تام ونهائي لحالة الحرب. بمعنى آخر، لن تتمكّن "إسرائيل"، على الأرجح، من استئناف الحرب طالما أن الولايات المتحدة منحت ضمانات لشركاء الصفقة. أما الجزء الثاني منها، الذي يُفترض أنه يحقق أهداف الحرب، فما زال مجرد مبادئ عامة يكتنفها الغموض.
اليوم الذي يلي صفقة إعادة الأسرى، يتابع، سيكون اليوم الذي تبدأ فيه معركة سياسية كبيرة بالنسبة لـ"إسرائيل".
وليس المقصود هنا مرحلة بسيطة من صياغة تفاهمات حول هوية الجهة التي ستدير قطاع غزّة، بل حدث أكبر من ذلك بكثير، حدث يتجاوز حجمه حدود المسألة الإدارية، إذ إن البذرة الصغيرة التي زُرعت في "صفقة النقاط" قد تتحول إلى حجر الأساس لـ"أوسلو" جديدة.
المسؤول الصهيوني يردف "هذه ستكون معركة صعبة في ظروف معقّدة بالنسبة لـ"إسرائيل"، في ظل عزلة دولية، واعتماد شبه كامل على الولايات المتحدة، ووسط بيئة إقليمية وغربية (وحتّى داخلية "إسرائيلية") تتزايد فيها جاذبية فكرة فرض التسويات من الأعلى، أو ما يسمّى في بعض الأوساط بـ "ترامب الملك"، كبديل عن الواقع القائم على التفاوض والمساومات".
وفق دورون متسا، "في ظل النفعية الأميركية المستعدة لإبرام صفقات حتّى مع "الشيطان" وأبنائه مقابل حفنة من الدولارات، وتحت مظلة التقدّمية الغربية التي تغضُّ الطرف عن مبادئ العدالة، وبغطاء من بعض الدول العربية الإقليمية التي تتغاضى عن حالة عزلتنا، سيدفع النظام بكلّ ثقله نحو ترويج "السلام" الإقليمي الوهمي القائم على اتفاقيات "أبراهام" (الاتفاقيات ذات النفع المؤقت)، لكن هذه المرة ستُجبر "إسرائيل" على دفع ثمنه بعملة فلسطينية.
وختم "السنوات القادمة ليست واقع ما بعد انتصار كبير، ولا مرحلة إصلاح العالم، بل مرحلة مليئة بالتحديات الإستراتيجية الهائلة، الناتجة عن حقيقة أن الحرب لم تنتهِ فعليًا، بل تحوّلت في طبيعتها وطريقة إدارتها".