مقالات
يتابع العدو "الإسرائيلي" اعتداءاته على لبنان بمستوى غير بعيد عما كان عليه قبل اتفاق نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) عام ٢٠٢٤. وفيما يستمر سقوط الشهداء والمصابين جراء هذه الاعتداءات التي تطال أغلب المناطق اللبنانية، شمال وجنوب الليطاني وصولًا الى اغلب مناطق البقاع وبشكل يومي، يبقى الفارق الوحيد عما قبل الاتفاق المذكور هو أن حزب الله ملتزم بوقف إطلاق النار، ولم يقم حتى الآن بتنفيذ أي إجراء يمكن ان يُعتبر تجاوزًا للاتفاق.
لناحية العدو "الإسرائيلي"، فهو يدعي انه يهاجم بنية تحتية عسكرية من جهة، ويدعي انه يهاجم مسؤولين وكوادر ومقاتلين للحزب من جهة أخرى، متذرعًا بأنه يستهدف مناورة الحزب في إعادة تأهيل قوته وفي استعادة تنظيم وتجهيز قدراته واسلحته، وكل هذه الاعتداءات تجري تحت أعين اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، ودون أن يتم اتخاذ إجراء عملي او شكلي يرتبط بدور ومهمات هذه اللجنة.
عمليًا، حصل الاتفاق على وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحزب الله، خلال فترة المواجهة الشرسة التي كانت قائمة بين الطرفين، وقبل أن ينهزم أي طرف منهما، وفي وقت كانت فيه قدرات حزب الله ما زالت موجودة وبمستوى لا يمكن تحديده بدقة، نسبة لما كانت عليه قبل المواجهة المباشرة بين الطرفين. لا شك أن المقاومة ما زالت تملك مستوى معينا من القدرات البشرية والتسليحية، مع احتمال قوي بأن تكون هذه القدرات والأسلحة هي من بين الأكثر فعالية والأكثر تطورًا، وذلك كونها لم تُستعمل بكاملها خلال المواجهة وقبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، والأهم، يبقى الاحتمال الأكبر او شبه الأكيد، أن هذه القدرات والأسلحة موجودة شمال الليطاني وصولًا الى شرق لبنان، لكي تتناسب مسافة أهدافها المرتقبة داخل الكيان مع امكانياتها في المدى البعيد الذي تتميز به.
من هنا، وامام هذا المسار المتواصل من الاعتداءات "الإسرائيلية" القاتلة داخل لبنان، والتي يسقط خلالها عدد كبير من الشهداء والمصابين، بالإضافة للتدمير الممنهج الذي تسببه هذه الاعتداءات، وفي وقت تتفرج اللجنة الخماسية المكلّفة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار على هذه الاعتداءات، ودون أن تقاربها او تتطرق اليها لا من قريب ولا من بعيد، وفي وقت تعجز فيه السلطة اللبنانية عن اتخاذ أي اجراء ( لا ديبلوماسي ولا عسكري بطبيعة الحال ) يمكن ان يؤمن أي مستوى ولو بالحد الأدنى من الحماية لسيادة ولأراضي ولأبناء لبنان، اصبح لا يد من البحث عن خيارات أخرى.