إيران
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 27 تشرين الأول 2025 بتحليل الأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية، لا سيما سياسات الولايات المتحدة الضاغطة في كلّ اتّجاه في العالم، من شرقه إلى غربه وانعكاسات هذا الأمر على اصطفافات الدول والتحالفات.
دلهي واختبار استقلال الطاقة
كتبت صحيفة وطن إمروز: " تتّخذ نيودلهي نهجًا هادئًا وحازمًا في مقاومة محاولات الولايات المتحدة فرض سياساتها النفطية والتجارية. ويبدو قرار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعدم حضور قمة قادة شرق آسيا التي تستمر يومين في كوالالمبور يومي 25 و26 نوفمبر/تشرين الثاني خطوة ذكية. ويُنظر إلى اختيار مودي حضور قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا افتراضيًا كوسيلة لتجنب لقاء مباشر مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتشير التكهنات إلى أنه لو عُقد الاجتماع حضوريًا، لتحول الضغط الثنائي الذي يمارسه ترامب على الهند لوقف استيراد النفط الروسي إلى ضغط متعدد الأطراف.
في نهجه الحالي، الذي يجمع بين التهديد والإطراء، يُحذر ترامب الهند علنًا من شراء النفط الروسي ويهدّد برفع الرسوم الجمركية، ومن جهة أخرى، يصف مودي بالصديق الوفي والقائد العظيم في تغريدات مليئة بالثناء والإطراء على إكس.
يُتابع رئيس الوزراء الهندي هذه الرسائل والمكالمات المُجاملة. قد تبدو ردوده اللفظية دافئة وودية، لكن أفعاله تُظهر أنه بهذه المجاملات، لا أمل له في تراجع أميركا عن الضغط على الهند من خلال الرسوم الجمركية.
يبدو أن السبيل الوحيد لمنع هذه الضغوط هو ألا يذعن رئيس الوزراء الهندي لمطالب ترامب ويتجنب مقابلته شخصيًا.
[...] أكدت دلهي مرارًا وتكرارًا أن أمن الطاقة أمر حيوي لها، وأن الواردات من روسيا تسترشد بمصالحها الوطنية في ضمان استقرار الأسعار وإمدادات الطاقة الآمنة. ووصفت الحكومة الهندية تعريفات ترامب بأنها غير عادلة وغير معقولة وغير مبررة. وقد أدى الخلاف حول التعريفات إلى عرقلة تقدم المحادثات التجارية بين الهند والولايات المتحدة، على الرغم من استمرار المحادثات على مستويات مختلفة.
ويبدو أن بعض هذه المحادثات يأخذ الهند في اتّجاه سيصعّب عليها مقاومة الضغوط الهائلة من الولايات المتحدة. ويتجلى ذلك، في المقام الأول، في موافقة الهند على خفض وارداتها من النفط الروسي، على الرغم من عدم صدور أي إعلان رسمي بأنها ستفعل ذلك امتثالًا لمطالب ترامب؛ وفي طلبها من شركات النفط المملوكة للدولة شراء المزيد من النفط الخام من الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أفادت التقارير أن الهند وافقت على فتح قطاعها الزراعي أمام المنتجات الأميركية، وهو أمر كانت حكومة دلهي متردّدة في القيام به سابقًا بسبب الضرر المحتمل الذي قد يلحق بالمزارعين الهنود.
تُعزى التطورات في قطاعي الطاقة والزراعة الرئيسيين إلى الزيارة الأخيرة لسيرجيو غور، المبعوث الخاص الجديد لترامب إلى الهند. ويبدو أن الزيارة قد أضعفت مقاومة دلهي لمواصلة استيراد النفط الروسي وعدم فتح القطاع الزراعي للمنتجات الأميركية".
أيدي الغرب الفارغة في مناهضة التقدم الصاروخي والنووي الإيراني
كتبت صحيفة كيهان: "أقرّ ريتشارد نيفيو، مُصمّم العقوبات الأميركية الذكية، في تقرير جديد بأنّ الجبهة الغربية المُناهضة للتطورات النووية والصاروخية للجمهورية الإسلامية خالية من أي حيلة حاليًا، ولا تملك حتّى الوسائل والأدوات اللازمة لمواجهة ردّ إيران في حال هاجمتها مُجددًا.
ويوضح ريتشارد نيفيو، الخبير في معهد واشنطن ومؤلف كتاب فنّ العقوبات، في مقترحه السياسي المُقدّم للمسؤولين الأميركيين أنّ الحكومة الأميركية، بالتعاون مع حلفائها، يُمكنها توفير الوقت اللازم لتصميم خيارات جديدة ضدّ إيران من خلال عرقلة استعادة قدراتها الدفاعية وتعزيز قدراتها الصاروخية.
وفي تصميمها، بنت وحدة الاستخبارات المالية الوطنية (NEFIU)هيكلية احتواء مدنية ضدّ برامج إيران النووية والصاروخية، ترتكز على ثلاثة ركائز: (1) إعادة تفعيل صلاحيات قرارات مجلس الأمن مع التركيز على اختناقات سلسلة التوريد، و(2) إنشاء نواة للتنسيق المعلوماتي الدبلوماسي بين الدول ذات التوجّهات المُتشابهة بدلًا من الاعتماد حصريًا على آليات الأمم المتحدة، و(3) إنعاش وعي الحكومات بأحكام القرارات وصلاحياتها القانونية لاتّخاذ إجراءات وقائية.
الهدف من هذا التصميم ليس إيقاف إيران تمامًا، بل خلق تأخيرات وزيادة التكاليف وجعل المسار أكثر صعوبة من أجل كسب الوقت الكافي لخيارات أكثر صرامة ضدّ إيران.
بعد عودة عقوبات الأمم المتحدة في أعقاب العودة السريعة، يكشف معهد واشنطن عن نموذج ذي طبيعة أمنية تقنية ويعتمد على تعطيل سلسلة التوريد. سلسلة لا تزال، وفقًا لمركز الأبحاث، تعتمد على الأسواق العالمية لبعض العناصر الرئيسية والنادرة والتي لا يمكن تعويضها من أصل أجنبي.
[...] في هذا الطرح، يُقرّ ريتشارد نيفيو ضمنيًا بأن الجبهة الغربية خالية الوفاض حاليًّا في مواجهة التطورات النووية والصاروخية للجمهورية الإسلامية، ولا تملك حتّى المرافق والأدوات اللازمة والكافية لمواجهة ردّ إيران في حال وقوع هجوم آخر على هذا البلد.
من ناحية أخرى، يُمثّل هذا المقترح السياسي تأكيدًا لتصريحات قائد الثورة بأن معرفة إيران وقدراتها التكنولوجية محلية؛ فالأصول العلمية والتكنولوجية الإيرانية ليست مُستعارة أو مستوردة لتشويهها بالقصف والعقوبات".
هل تعود "داعش"؟
كتبت صحيفة إيران: " بعد سقوط حكومة بشار الأسد وتشكيل حكومة مؤقتة جديدة في دمشق، انقسمت البلاد بشكل شبه كامل. لم تندمج القوات الكردية والعربية في جيش واحد بعد بموجب اتفاق مارس/آذار 2025. وقد عمّقت الانقسامات العرقية وانعدام الثقة المتبادل وضعف الهيكل الإداري فراغ السلطة في المناطق الشرقية.
وقد أقرّت أجهزة الأمن السورية بأن الفجوة الأمنية الناجمة عن نقص القوات وانعدام سيطرة الحكومة على جميع المناطق قد مهدت الطريق أمام الجماعات المسلحة للعمل. ورغم تصريح المسؤولين بتحييد بعض خلايا "داعش" في دمشق، إلا أن الواقع على الأرض يُظهر أن سيطرة الحكومة على شرق البلاد محدودة للغاية.
في غضون ذلك، تواجه قوات سورية الديمقراطية أيضًا أزمة في الموارد البشرية. إذ يتعين عليها حماية مساحات شاسعة من الشمال الشرقي وإدارة المعسكرات والسجون التي يُحتجز فيها حوالي 50 ألف مقاتل سابق من "داعش" وعائلاتهم. ولا تزال العديد من الدول ترفض إعادة مواطنيها من هذه المعسكرات، مما يزيد من خطر التمرد أو الهروب.
بالإضافة إلى قتال "داعش"، تُقاتل القوات الكردية أيضًا الميليشيات المدعومة من تركيا والوحدات الموالية للحكومة الجديدة. في آب/أغسطس، أُبلغ عن اشتباكات بين هذه الجماعات مجددًا في حلب والمناطق المحيطة بها.
يقول المحللون إن كلّ توتر من هذه التوترات يُتيح فرصة ذهبية لـ"داعش" للاختباء بين خطوط الصراع وتغذية حالة عدم الاستقرار.
[...] عودة "داعش" في عام 2025 لا تعنى عودة ظهور "الدولة الإسلامية" بحدود واضحة، بل تعنى إحياء شبكة سرية ومرنّة تستغل فراغ السلطة، وإحباط السكان، وانعدام النظام. لم يعد التنظيم يسعى للاستيلاء على العواصم، بل يسعى إلى خلق حالة من عدم الاستقرار المستمر تُمكّنه من استعادة شرعيته. يُحذر الخبراء من أنه إذا استمرت الانقسامات الحالية، فقد يصبح شرق سورية مجددًا ملاذًا آمنًا للإرهاب الدولي؛ منطقة لا تعرف الفوضى فيها حدودًا، وقد يكون لها تداعيات أمنية بعيدة المدى على العراق وتركيا، وحتّى أوروبا".