إيران
            4 تشرين الثاني/نوفمبر ليس مجرد يوم عادي في التقويم الإيراني، بل هو سردٌ حيٌّ للمقاومة والوعي ورفع الصوت من أجل العدالة لجيلٍ صمد في وجه الظلم.. بقلوبٍ مليئةٍ بالإيمان وعقولٍ نيرة، من نفي الإمام الخميني قدس سره إلى دماء الطلاب والاستيلاء على وكر التجسس (مقر السفارة الأميركية في طهران)، ثلاثة فصولٍ من الملحمة التي خُلدت في ذاكرة الأمة الإيرانية.
"يوم مقارعة الاستكبار العالمي" هو يومٌ يتحدث فيه التاريخ بصوتٍ عالٍ عن شجاعة ووعي جيل الشباب، اليوم الذي صمد فيه الطلاب، بقلوبٍ مليئةٍ بالأمل وعقولٍ نيرة، في وجه الظلم وأصبحوا صوت العدالة. هذا اليوم ليس مجرد صفحة في التقويم، بل هو رمزٌ للالتزام، وصرخةٌ من أجل العدالة، وبدايةُ طريقٍ أضاءته تضحياتُ الشباب ووعيُهم، هو يومٌ للتأمل، واليقظة، وتجديد الالتزام بالمُثُل التي نبتت في قلوب شباب هذه الأرض.
هو يومٌ خُلد في ذاكرة الأمة الإيرانية رمزًا للغضب المقدس ضدّ الهيمنة واليقظة ضدّ الذل، هو قصّة ثلاثة أجيال من المقاومة: الجيل الذي شهد نفي الإمام الراحل، والجيل الذي رأى دماء الطلاب على أرصفة شوارع طهران، والجيل الذي باستيلائه على وكر التجسس، أوصل صرخة الاستقلال إلى آذان العالم.
إحياءً لهذه المناسبة شهدت المدن الإيرانية اليوم الثلاثاء 04 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مسيرات عارمة، كان أضخمها مسيرة انطلقت صباحًا من ساحة فلسطين وسط العاصمة طهران، باتجاه السفارة الأميركية السابقة.
وأطلق المشاركون في هذه المسيرات، شعار "الموت لأميركا"، وهتافات أخرى تعبّر عن رفضهم وإدانتهم للسياسات العدائية والسلطوية التي تتبعها الولايات المتحدة الأميركية.
وحمل المشاركون في هذه المسيرات صور الإمام الخميني (ره) وآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي والطلاب الشهداء کما رفع المشاركون الأعلام الإيرانية والفلسطينية ورايات المقاومة.
البيان الختامي
واختتمت المسيرات ببيان ختامي أكد فيه المشاركون أن "يوم الثالث عشر من آبان (04 تشرين الثاني) هو النقطة المحورية في المواجهة الخطابية بين الجمهورية الإسلامية ونظام الاستكبار العالمي، وهو تذكير بملحمة التلاميذ والطلبة الطلائعيين في ميدان الثورة، أولئك الأبطال الذين، اقتداءً بالمؤسس الكبير للثورة الإسلامية الإمام روح الله الخميني (قدس سره الشريف) والقائد المعظم للثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله العالي)، حوّلوا هذا اليوم إلى معيار للعزة والثقة بالنفس والصمود الوطني في وجه الاستكبار".
وأشار البيان إلى أنه "بعد نحو خمسة عقود من عمر الثورة الإسلامية المباركة، غيّرت القوّة المنبثقة من عقيدة مقارعة الاستكبار العاقلـة موازين القوى في المنطقة والعالم لمصلحة جبهة الحق، ومنعت الولايات المتحدة المجرمة والكيان الصهيوني الفاشي من التفرّد في غرب آسيا".
وأضاف البيان: "اليوم، وفي لحظة المواجهة بين الحق والباطل، تقف غزّة الصامدة -المحاصَرة في براثن وحشية الاستكبار الحديث- بسلاح الإيمان والإرادة الإلهية، موجّهةً ضربة قاصمة لا يمكن ترميمها إلى جسد الكيان الصهيوني العنصري واللاإنساني، فتعطّل بذلك حسابات ومخطّطات هذا الكيان المصطنع".
وأعلن المشاركون في المسيرات الشعبية الشاملة أنهم "متحدون وثابتون في مواجهة الاستكبار، ومعتمدون بثقة راسخة على النصر الإلهي، ومؤمنون بمبدأ مقارعة الاستكبار كأصل لا يقبل المساس"، وأضافوا "نعلن مواقفنا أمام العالم بصوتٍ واحد: الله أكبر - خامنئي قائدنا - الموت لأميركا - الموت لـ"إسرائيل"".
وتابعوا: "نحن، المشاركين في هذه الملحمة الوطنية، إذ نؤكد دعمنا لكل الحركات الشعبية في مختلف أنحاء العالم ضدّ النظام الاستكباري، نؤكد كذلك مبدأ المقاومة الفاعلة ونرفض رفضًا قاطعًا أي شكل من أشكال التسوية أو الخضوع لهيمنة القوى الاستكبارية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني الفاشي، ونشدد على انعدام الثقة التام بالغرب".
ورأى المشاركون "أن صون المصالح الوطنية مرهون باستمرار نهج المقاومة ومتابعة إستراتيجية تحييد العقوبات الاقتصادية الجائرة بفاعلية"، معتبرين أن "إدانة جرائم الحرب الصهيونية والدعم الحازم لجبهة المقاومة، ولا سيما للشعب الفلسطيني المظلوم وغزّة الصامدة، مسؤولية جوهرية ووجودية للأمة الإسلامية".
وشددوا على أن "الحفاظ على القوّة الوطنية والاستقلال الشامل للبلاد مرهون بتثبيت دعائمها الداخلية"، مؤكدين على الوحدة المقدسة والتماسك الوطني حول محور ولاية الفقيه ومصالح الوطن، مع الابتعاد الجاد عن النزاعات المفرقة، وأنهم يعتبرون الطاعة المطلقة لولاية الفقيه رمز الحفاظ على هوية النظام ومحور وحدة القيادة في مواجهة التهديدات الإستراتيجية.
وأكدوا أن "حق الشعب المشروع في تعزيز قدراته الدفاعية واستمرار استراتيجية الردع النشيط أمر غير قابل للتفاوض، داعين إلى ترسيخ الثقة بالذات في المجالين العلمي والتقني لتحقيق الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، وإلى عرض منجزات إيران القوية بوعي وإدراك لرفع مستوى الأمل الاجتماعي".
وجدد المشاركون في المسيرات "العهد الصادق مع قائد الثورة الإسلامية، على صيانة مبادئ الثورة الأصيلة وإرث الشهداء، لا سيما التلاميذ والطلبة الطلائعيين في ميدان مقارعة الاستكبار".
كما أكد المشاركون على الأولوية الإستراتيجية لمواجهة التهديدات الثقافية وحرب العدوّ المركبة والمعرفية، ورأوا أن جهاد التبيين واجب حتمي لكشف حقيقة العدوّ وبث الأمل الفاعل.