إيران
رأى رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران محمد باقر قاليباف أن "اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي" ويوم الطالب الإيراني الذي يوافق اليوم الثلاثاء 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 (13 آبان) ليس حدثًا تاريخيًّا عابرًا، بل هو حقيقة مستمرة، وقال: "في هذا اليوم، أعلن شعبنا بصوت واحد وعالٍ أنه لن يقبل أبدًا بالوصاية أو الهيمنة، وسيواصل الكفاح ضدّ القوى المهيمنة والمستكبرة إلى الأبد".
وقال قاليباف خلال مشاركته في مراسم إحياء هذه الذكرى: "من البديهي أن تقوم السياسة الخارجية على أساس المصالح الوطنية، ولذلك لا يمكن لإيران أن تتجاهل مصالحها الوطنية في علاقاتها الخارجية، ولا سيما أن أساس هذه المصالح هو الاستقلال".
وشدد قاليباف على أن "البلد الذي لا يتمتع بالاستقلال لا يملك شيئًا، سواء من عزّة أو مصداقية أو اقتدار وطني ولا حتّى تقدّمًا دائمًا".
وأشار رئيس مجلس الشورى الإسلامي إلى الأحداث التاريخية الكبرى التي وقعت في 4 تشرين الثاني/نوفمبر (13 آبان)، وقال: "عندما نتحدّث عن 13 آبان، فإننا نشير إلى ثلاث وقائع كبرى جرت في هذا اليوم، جميعها ترتكز على رفض الشعب الإيراني للهيمنة والخضوع والوقوف في وجه الاستكبار".
وأضاف: "الإمام الخميني (رض)، ذلك الرجل الإلهي الذي لم ينطق إلا بالحق، ولم يخطُ خطوة إلا في سبيل الله، قد حذّر الشعب في خطابه التاريخي بعد أحداث 15 خرداد 1342 (5 حزيران/ يونيو 1963) حول اتفاقية الكابيتولاسيون (الامتياز القضائي للأجانب)، حيث قال: "أُحذّركم أيها الشعب، فقد باعوا استقلالنا، وأهانوا كرامتنا، وسلّموا أرضنا لأيدي الأميركيين"".
وأردف بالقول: "في 13 آبان 1343 (4 تشرين الثاني/نوفمبر 1964)، نفّذ نظام الشاه ظلمه بحق الشعب ونفّى الإمام الخميني (رض) إلى تركيا ثمّ العراق. هذا يدلّ على أن جوهر نهضتنا منذ بدايتها كان المواجهة مع الاستكبار. وكان للطلاب والشباب آنذاك دورٌ نضالي بارز، حيث شكلوا لاحقًا في مرحلة الدفاع المقدس (حرب الثماني سنوات مع نظام صدام البائد) القلعة المنيعة التي وقفت في وجه الأعداء، وقدموا أعلى نسبة من الشهداء، وحموا استقلال البلاد وشرفها".
وقال قاليباف: "في ذلك اليوم، اقتحم الطلاب سفارة أميركا في طهران لِيَفْضحوا مكائد أميركا ومؤامراتها العلنية لقلب نظام الجمهورية الإسلامية، وليكشفوا بالوثائق والأدلة حقيقة دورها كـوكر للتجسس في قلب طهران".
لا مساومة على استقلالنا
وأكد رئيس مجلس الشورى الإسلامي أن مسيرات 13 آبان وتحرك الشعب والطلاب والعلماء، وقيادة الإمام الخميني العظيم، كلها تهدف لحماية استقلال البلاد من مطامع الأعداء ونزعاتهم الاستعلائية، وقال: "هذا الموقف هو احتجاج مبدئي ضدّ الظلم والطغيان. نحن نقف ضدّ أميركا لأننا لا نريد أن نخضع أو نكون تابعين. بكلّ وضوح، لن نُقايض استقلالنا بأي مصلحة أو مكسب أو تحت أي ظرف كان".
وأضاف: "اليوم نرى أن طبيعة نظام الهيمنة لم تتغيّر، حيث نجد أن العقلية نفسها التي كانت موجودة في إدارة كارتر، عندما دعمت الشاه المخلوع وآوته ودبرت المؤامرات ضدّ الجمهورية الإسلامية، ما زالت هي ذاتها اليوم، وإن اختلفت أدواتها وتقنياتها".
وتابع: "اليوم، وبنفس الغطرسة والاستكبار، يغتالون وبكل وقاحة علماءنا في قلب طهران، بل يعتبرون ذلك حقًّا لهم، لأنهم لا يريدون لإيران أن تكون قوية، وإذا صارت قوية، فلا يجب أن تكون مستقلة".
وأشار قاليباف إلى حرب الـ 12 يومًا الصهيونية الأميركية على إيران، قائلًا: "علّمتنا هذه الأحداث أن أعداءنا قد غيّروا وجوههم وأساليبهم، لكن طبيعتهم الاستكبارية المتغطرسة، ووحشيتهم، وإجرامهم، وعداؤهم ضدّ إيران وشعبها، ظلّت ثابتة وراسخة لا تتغيّر".
نشر الإحباط والتحقير الذاتي هو سلاح الاستكبار الفتّاك
وأكمل قاليباف موضحًا أن الأعداء يحاولون اليوم تجميل أفعالهم بعبارات فارغة، كالقول بأنهم نفّذوا هجومًا استباقيًا، لكن الحقيقة أنهم ضدّ إيران المستقلة والموحّدة والقوية، لأنهم يسعون للهيمنة والغطرسة. مضيفًا أن "سلاح الاستكبار الفتّاك اليوم هو نشر الإحباط واليأس والتحقير الذاتي عبر ما يسمّى بالإمبراطورية الإعلامية التي بَنَوها".
وتابع: "فهم لم يعودوا يدبّرون المؤامرات فقط من داخل السفارات، بل يستخدمون الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لبث أفكار اليأس في عقول شبابنا، ويحاولون إقناعهم بكلّ الطرق بأنه لا سبيل للتقدّم إلا بالارتماء في أحضان الغرب والخضوع له ولهيمنته".
العداء الأميركي تجاه إيران بدأ عندما قرر الشعب الإيراني أن يكون سيد نفسه
وأكد قاليباف أن "إجراءات إيران في المجالات النووية والبيولوجية والنانوية والدفاعية والطبية والفضائية ومختلف المجالات الأخرى كانت دحضًا لكذبتهم الكبرى، مبينًا أن عداء أميركا لإيران لم يبدأ يوم اقتحام السفارة الأميركية كما يظن البعض. فهذا فهم خاطئ، بل هو خداع تاريخي كبير. عداؤهم بدأ منذ اللحظة التي قرّر فيها الشعب الإيراني أن يكون سيد نفسه".
وختم لافتًا إلى أن "الشعب الإيراني قرر ألا يكون مصيره بيد السفارات الغربية في لندن أو واشنطن، وألا يقرّر الآخرون مستقبله نيابة عنه".