لبنان
أكد الأمين العام لحزب الله؛ سماحة الشيخ نعيم قاسم، أن المقاومة الإسلامية تمكَّنت من منع "إسرائيل" من تحقيق أهداف عدوانها على لبنان، ووقفت حاجزًا أمام الاجتياح "الإسرائيلي"، لافتًا إلى أن الصمود الأسطوري لمجاهدي المقاومة أوقف 75 ألف جندي "إسرائيلي" فلم يستطيعوا الدخول إلّا مئات أمتار"، معلنًا أن المقاومة لن تركع وستبقى واقفة ولن تنسحب من الميدان.
وفي كلمة ألقاها، خلال الاحتفال المركزي الذي أقامه حزب الله، اليوم الثلاثاء 11 تشرين الثاني/ 2025، إحياءً لمناسبة "يوم الشهيد" تحت شعار "عندما نستشهد ننتصر" قال سماحته: "في هذا اليوم يكون الاحتفال عامًّا في لبنان، ولقد اخترنا أن يكون اجتماع الناس في 11 موقعًا في مختلف المناطق الجنوبية في بيروت وبعلبك والهرمل والكرك والمعيصرة ودير قانون النهر وحاريص ومشغرة والنبطية والغازية وكفررمان". معتبرًا أن أروع ما يمكن أن يُفتتح به "هذا اليوم العظيم هو ما قاله السيد نصر الله قائد المسيرة وملهمها "عندما نستشهد ننتصر".
وقال: "لا يقبل الشهيد مسار الذل، ولا يقبل إلا أن يكون حيًّا كريمًا مستقلًا محررًا يواجه الاعداء بكل عنفوان وإيمان، وقد اخترنا يوم الشهيد في يوم عملية الاستشهادي أحمد قصير؛ لأن نموذج استشهاده،د نموذج مميز، وهو الرمز لكل الشهداء والذين يسيرون على درب الشهادة..".
وأضاف: "الاستشهادي أحمد قصير أخذ قراره وتواصل مع الإخوة وكانت العملية بإشراف الحاج عماد مغنية والحاج أبي الفضل كركي. وقد جهزوا له السيارة وذهب إلى مبنى الحاكم العسكري ليفجر نفسه تعبيرًا عن رفضه للاحتلال.. الاستشهادي أحمد قصير علمنا بدمائه وربانا بعطاءاته ورسم لنا الطريق التي توصل لله تعالى وإلى الحياة العزيزة والتحرير والكرامة".
ولفت الشيخ قاسم إلى أن الشهيد أحمد قصير استطاع أن يوقع خسائر فادحة في الطبقات الثماني في المبنى، وأوقع 76 قتيلًا و118 جريحًا، وقد هزّ معنويات الكيان "الإسرائيلي" وفتح الطريق أمام انسحاب العدو من لبنان ذليلًا مُهانًا.
وقال: "عندما نحيي ذكرى الشهيد قصير نحيي ذكرى جميع الشهداء، فكلهم استشهاديون؛ سواء ذهبوا بسيارات مفخخة أو في مواجهة أو في أثناء تنقلهم".
وأكد سماحته أن "كل من قُتل أو مات في سبيل الله على هذا الدرب، من المنتسبين أو المحبين أو المدنيين، جميعهم في الموقع العظيم نفسه، مشيرًا إلى أن بعد الشهيد أحمد قصير استشهد أربعة من إخوته، وجميعهم قُتلوا في سبيل الله، وهذه العائلة نموذج من مجتمعنا ومن العطاءات على درب الشهادة.
وقال: "عندما يذهب الشاب إلى المعركة ويقف مقاتلًا مجاهدًا لا يقترب منه الموت؛ لأن توقيته من عند الله، ولكن الأهم كيف تذهب إلى ربّك.. الشهيد أحمد قصير حين ذهب لتنفيذ العملية كان مفعمًا بالحياة والإيمان ونُقل عنه أنه قال: "إننا لا نستطيع.. بل بالتوكل قادرون.. سأريكم ما أنا فاعل بهم".
أضاف: "عام 1982 دخلت "إسرائيل" زاعمةً أنها تريد طرد الفصائل الفلسطينية، ولكنها بقيت محتلة حتى العام 2000، وأطلقت ما سُمي "جيش لبنان الحر" وبعدها غيرت اسمه ليصبح "جيش لبنان الجنوبي" في محاولة للقول، إن المشكلة داخلية في لبنان وليس لها (إسرائيل) علاقة"، مؤكدًا أن "إسرائيل" خرجت صاغرة في العام 2000 بسبب ضربات المقاومة وبفضل الشهيد أحمد قصير وإخوانه.
وتابع الشيخ قاسم: "قيل لنا "العين لا تقاوم مخرزًا"، وكنا نقول "إسرائيل" محتلة ويجب مقاومتها. وقد قام حزب الله على الجهاد ومقاومة الاحتلال والوقوف إلى جانب فلسطين.. المجاهدون يملكون قوة الإيمان والإرادة، وهذه هي القوة الأساسية التي تجعل للسلاح والصيحات تأثيرًا غير عادي".
وشدد على أن "إسرائيل" لم تخرج من لبنان بالمفاوضات ولا بالسياسة، بل خرجت دون قيدٍ أو شرط بفعل المقاومة، ومنذ العام 2000 حتى عام 2023 كان هناك ردعٌ بسبب المقاومة وبسبب المعادلة الذهبية. وقد منعنا "إسرائيل" من مشروعها التوسعي".
وقال: "قدمنا في معركة "أولي البأس" تضحيات كبيرة، ومنعنا "إسرائيل" من تحقيق أهدافها، ووقفنا حاجزًا أمام الاجتياح "الإسرائيلي"، موضحًا أن الصمود الأسطوري لمجاهدي المقاومة أوقف 75 ألف جندي "إسرائيلي" فلم يستطيعوا الدخول إلّا مئات أمتار".
أضاف الشيخ قاسم: "حصل اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024"، وقد نص على انسحاب العدو من جنوب نهر الليطاني وانتشار للجيش، وبالنسبة لنا فإن ثمن الاتفاق مقبول من ناحيتنا، وهو انتشار الجيش وهم أهلنا وأبناء وطننا.. "المقاومة تحملت المسؤولية 42 سنة، وقد قالت الحكومة، إنها ستتحمل المسؤولية هذه المرة، ونحن فتحنا لها الطريق، ونحن نؤيد أيًّا كان يريد الدفاع عن هذا الوطن".
وأكد سماحته أن "إسرائيل" خسرت؛ لأنها لم تحقق أهدافها من العدوان. وعليها على وفق الاتفاق الانسحاب من جنوب لبنان، مشددًا على أن العدو لم يلتزم بالاتفاق؛ لأن لبنان ما زال في طور استعادة سيادته. وقد مرت سنة والعدو يمارس خروقاته واستهدافاته ولم يُرد عليه حتى الآن؛ لكي لا يقول إن لبنان لا يلتزم بالاتفاق، ولأن العدو يريد أن يتدخل في مستقبل لبنان.
وأشار إلى أن أميركا و"إسرائيل" تتدخلان في مستقبل لبنان، وهما تريدان إنهاء قدرة لبنان المقاومة، وتسليح الجيش بقدر [معيَّن] لمواجهة المقاومة وليس مواجهة العدو "الإسرائيلي"، وأميركا و"إسرائيل" تعتبران أن الاتفاق يعطي لبنان مكاسب، وأنه إذا خرجت "إسرائيل" من لبنان، فيستعيد سيادته، ولذلك يجري الضغط على الحكومة.
ولفت إلى أن "إسرائيل" تريد أن تتحكم في لبنان سياسيًا واقتصاديًا وتريد لبنان حديقةً خلفية لتوسع المستوطنات ضمن "إسرائيل الكبرى"، معربًا عن أسفه لأن الحكومة "لم ترَ من البيان الوزاري إلّا نزع سلاح المقاومة. ولكن اليوم لم يعد نزع السلاح هو المشكلة بل اليوم باتت ذريعة بناء القدرة والأموال، وبعدها يقولون، إن المشكلة بأصل الوجود، وهذه الذرائع لن تنتهي".
وأشار إلى أن "إسرائيل" تقتل المدنيين في بيوتهم وتدمر البيوت وتجرف الأراضي وتمنع عودة الأهالي إلى بيوتهم وتمنع الحياة عن القرى، والمتحدث باسم اليونيفيل يقول، إن "إسرائيل" نفذت أكثر من 7 آلاف خرق، فيما لم يرصد من قبل حزب الله أي خرق في منطقة عملياتها، ويخرج بعض العابثين ليقول، إن المشكلة في لبنان بينما المشكلة في "إسرائيل".
وقال الشيخ قاسم: "لن أناقش خدام "إسرائيل" الذين لا يدافعون عن مواطني بلدهم ولا يستنكرون اعتداءاتها: بل أسأل الأحرار: لماذا لا تضع الحكومة خطة زمينة لاستعادة السيادة الوطنية وتطلب من القوى الأمنية تطبيقها"، مشيرًا إلى أن ما تطلبه أميركا من لبنان هي أوامر تضغط باليد "الإسرائيلية" لتطبيقها وتدخلها في شؤوننا الداخلية مرفوض.
وأشار سماحته إلى تصريح الموفد الأميركي؛ توم برّاك حول ضرورة تسليح الجيش اللبناني ليواجه شعبه المقاوم متسائلاً؛ كيف ترتضي الحكومة بذلك؟
وتابع: "نحن في حزب الله نقول، إن اتفاق وقف إلطاق النار هو حصرًا لجنوب الليطاني، وعلى "إسرائيل" الخروج من لبنان وإطلاق سراح الأسرى، ولا خطر على المستوطنات الشمالية". مشددًا على أنه إذا كان الجنوب نازفًا فالنزف سيطاول كل لبنان بسبب أميركا و"إسرائيل".
وأكد أنه "لا استبدال للاتفاق ولا إبراء لذمة الاحتلال باتفاق جديد، ويجب تنفيذ الاتفاق، وبعدها كل السبل مفتوحة لنقاش داخلي حول قوة لبنان وسيادته، ولا علاقة للخارج بهذا النقاش، مشددًا على أن "العدوان لا يمكن أن يستمر ولكل شيءٍ حد".
وقال الشيخ قاسم: "إن مجتمع المقاومة يحمي الدولة من الضغوطات الخارجية فاستفيدوا من هذا المجتمع... التشييع المليوني للسيدين الشهيدين والتجمع الكشفي ووحدة حزب الله وحركة أمل؛ كل ذلك ليس تهمة، وعلى الناس أن تفكر في كيفية اتحادها لا في كيفية تفرُّقها.
وأردف: "نحن نتعافى في حضورنا الطبيعي فمجتمعنا مجتمع حي مؤمن بالمقاومة والتحرير بينما مشكلتهم في أصل وجودنا، ونحن في خطر وجودي حقيقي، ولذلك من حقنا أن نقوم بأي شيء لحماية وجودنا.. دماء شهدائنا وتضحيات أهلنا تدفعنا للأمام، والتهديد لن يثنينا عن الدفاع عن كرامتنا، ولن نترك مستقبل أجيالنا للمستكبرين، ولن نتخلى عن سلاحنا الذي يمكننا من الدفاع عن أرضنا وأهلنا".
وتابع الشيخ قاسم: "على أميركا و"إسرائيل" أن تيأسا، فنحن أبناء الحسين (ع) وأبناء الأرض الصامدون، بعنا جماجما لله، ولن نتركها للشياطين؛ إما أن نعيش أعزة وإما أن نعيش أعزة.. لن نركع وسنبقى واقفين، وقد جربتمونا في السابق، وإذا أردتم التجربة مجددًا فلن ننسحب من الميدان".
وأضاف: "نحن مطمئنون لأن هذه المقاومة وشعبها لا يهزمون، ونحن منصورون بالنصر أو الشهادة، وهذا زمن الصمود وصناعة المستقبل، وهذه القواعد الثلاث التي نسير عليها".
ووجه سماحته تحية للشعب الفلسطيني ومقاومته وتضحياتهم قائلاً: "هم أبطال عرَّفوا العالم معنى أن يقفوا لأجل المطالبة بحقهم وستبقى البوصلة فلسطين"
كما وجه التحية لـ"الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي دعمتنا وتدعمنا، وتحية للإمام الخامنئي المحب والداعم، والتحية للشهيد قاسم سليماني".
كذلك وجه التحية للقيادة والشعب اليمنيَّين قائلاً: "أنتم إن شاء الله طلائع التحرير"، وحيَّا العراق حكومة وشعبًا وعشائرًا على وقوفهم الدائم إلى جانب حزب الله.