إيران
إيران: الضغوط الغربية دفعت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التسييس
عراقتشي يُعلن إنهاء اتفاق القاهرة بين إيران و"الطاقة الذرية"
أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقتشي، أنّ الدول الأوروبية شوّهت مصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك عقب قرارٍ صدر عن الوكالة يطالب إيران بتعاون "كامل ودون تأخير".
وأكّد عراقتشي، في ردّه على الخطوة التي أقدمت عليها الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة بتمرير قرارٍ مناهض لإيران في مجلس محافظي الوكالة، أنّ "تفاهم القاهرة يُعتبر منتهيًا بشكلٍ رسمي".
ورأى أنّ "هذا الإجراء، وتجاهل هذه الدول لتفاعلات إيران وحسن نيّتها، شوّه مصداقية الوكالة واستقلاليتها، وعرقل عملية التفاعل والتعاون بينها وبين إيران".
وأضاف عراقتشي قائلاً: "على الرغم من أنّ تفاهم القاهرة لم يعد أساسًا للعلاقات بين إيران والوكالة في مجال الضمانات، بعد الإجراء غير القانوني الذي اتّخذته الدول الأوروبية الثلاث في مجلس الأمن الدولي لإعادة العمل بقرارات المجلس الملغاة، فقد أُبلغ المدير العام للوكالة رسميًا، اليوم، بأنّ هذا التفاهم لم يعد ساريًا ويُعتبر منتهيًا".
نجفي: القرار سيؤثّر سلبًا في التعاون مع الوكالة
من جهته، قال مندوب إيران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رضا نجفي، إنّ "هذا القرار لن يضيف شيئًا إلى الوضع الراهن، ولن يكون مفيدًا، بل سيعود بنتائج عكسية".
وأضاف نجفي، في حديثٍ إلى وكالة "فرانس برس"، أنّ "إيران بدأت التعاون مع الوكالة، رغم التحديات، وأتاحت الوصول إلى كلّ المنشآت السليمة. وهذا القرار ستكون له بالتأكيد آثار سلبية في التعاون الذي بدأ بين إيران والوكالة".
وأقرّ مجلس محافظي الوكالة، الخميس 20/11/2025، قرارًا يطالب إيران بتعاون "كامل ودون تأخير"، بحسب وكالة "فرانس برس"، غداة تجديد المدير العام للوكالة؛ رافائيل غروسي، دعوته طهران للسماح بتفتيش المواقع التي تعرّضت لعدوان "إسرائيلي" وأميركي.
ويحضّ القرار الجمهورية الإسلامية على "تعاون كامل ودون تأخير" و"تقديم المعلومات وإتاحة الوصول" إلى منشآتها النووية، بحسب "فرانس برس".
وقدّمت مشروع القرار أربع دول هي فرنسا، الولايات المتحدة، ألمانيا، وبريطانيا، وذلك لدى افتتاح الاجتماع الفصلي لمجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء.
إيران: الضغوط الغربية دفعت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التسييس
في غضون ذلك، حذّرت البعثة الدائمة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في فيينا، في مذكرتها التوضيحية بشأن التقرير الجديد للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أن الضغوط التي تمارسها بعض الدول الغربية دفعت مجلس محافظي الوكالة إلى التسييس.
وأوضحت البعثة الدائمة لجمهورية إيران الإسلامية في فيينا في هذه المذكرة الجوانب القانونية والفنية للوضع الذي نشأ بعد الهجمات العسكرية الأمريكية والصهيونية على المنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات، مؤكدةً أن التقرير الجديد للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية قدّم صورة ناقصة وانتقائية ومدفوعة بضغوط سياسية حول هذه التطورات.
وفي هذا النص الذي يشير إلى استئناف أنشطة التحقق في معظم المنشآت النووية وتعاون طهران المستمر، جاء أن التنفيذ الطبيعي لاتفاقية الضمانات في ظروف "الحرب والعدوان" يواجه عمليًا قيودًا جادة، وأن إيران اضطرت إلى تنظيم التعاون في إطار موافقات مجلس الشورى الإسلامي والمجلس الأعلى للأمن القومي حفاظًا على أمنها وسلامتها ومصالحها الوطنية.
ومع التذكير بتحذيرات إيران السابقة بشأن خطر الهجوم على المنشآت النووية، تنتقد المذكرة رفض الوكالة ومديرها العام إدانة العدوان العسكري، وتجاهل الخسائر البشرية والأضرار التي لحقت بالمنشآت السلمية، والمبالغة السياسية في بعض المسائل التقنية، بما في ذلك مستوى التخصيب، والذي يُنفذ بالكامل في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي واتفاقية الضمانات.
وإذ تؤكد المذكرة، أن جميع المواد والأنشطة النووية الإيرانية قد أُعلن عنها، وأن "القضايا السابقة" قد أُنهيت وفقًا لقرار مجلس المحافظين لعام 2015، فإن وفد إيران يعتبر أي إشارة متكررة إلى الملفات المغلقة والاستخدام الانتقائي للقرارات الأخيرة مفتقرًا إلى أساس قانوني، ودليلًا على التلاعب السياسي في مجلس المحافظين، مشيرةً إلى أنه في ظروف الحرب، حتى "استمرارية المعرفة" للوكالة كانت ضحية للعدوان.
وأضافت: "على الرغم من العواقب واسعة النطاق والمدمرة للحرب التي فرضها النظامان "الإسرائيلي" والأميركي على إيران – بما في ذلك الخسائر البشرية الفادحة، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنشآت النووية السلمية، وتأثيرها في تنفيذ اتفاقية الضمانات الشاملة – يتجاهل تقرير المدير العام بشكل غير متوقع هذه الأحداث الحرجة وغير المسبوقة التي نجمت عن الهجمات الأميركية و"الإسرائيلية". ومع الأسف، لا يذكر التقرير هذه الأحداث الخطيرة إلا بإيجاز دون أن يعكس الأبعاد الحقيقية لهذه الأحداث الخطيرة. ويعكس هذا النهج المتمثل في إغفال الحقائق والوقائع الأساسية النمط نفسه الذي لوحظ سابقًا في تقرير المدير العام حول خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي لم يُشدد فيه بشكل كافٍ على انسحاب الولايات المتحدة".
وتابعت المذكرة: "امتثلت جمهورية إيران الإسلامية تمامًا لالتزاماتها، بما في ذلك اتفاقية الضمانات الشاملة (INFCIRC/214)، وبذلت قصارى جهدها لتمكين الوكالة من تطبيق أنشطة التحقق في إيران بفعالية ــ بما في ذلك تدابير الضمانات والمراقبة (C/S) ــ على المواد والأنشطة النووية الإيرانية".
وأردفت: "نتيجةً للعدوان، اضطرت إيران إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على أمن وسلامة منشآتها النووية وسكانها وبيئتها".
ولفتت المذكرة إلى أن الضغوط السياسية المستمرة التي تمارسها بعض الدول وصلت "إلى حد تغيير نتائج المسائل الفنية التي تم حلها في تقارير الوكالة، خلافًا للاتفاقيات المبرمة. وقد منعت هذه الضغوط ذات الدوافع السياسية الوكالة من أداء دورها المهني والنزيه على النحو المفترض".
وقالت: "تُعدّ أعمال العدوان في حزيران/يونيو 2025 انتهاكًا واضحًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي التي تحظر جميعها استخدام القوة. وقد حظرت العديد من المواثيق، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالإضافة إلى مؤتمرات مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، صراحةً الهجمات أو التهديد بشن هجمات ضد المنشآت النووية". وأوضحت قائلةً: "بينما أدان عدد كبير من الدول الأعضاء هذه الأعمال العدوانية بأشد العبارات، فإن المدير العام والوكالة لم يفعلا ذلك. ولم تشكل هذه الهجمات خطرًا على السلام والأمن الإقليمي والدولي فحسب، بل أدت أيضًا إلى الإضرار بمعاهدة منع الانتشار النووي واتفاقية الضمانات الشاملة".
وتابعت: "رغم تحذيرات إيران السابقة، أدى إهمال الوكالة وعدم اتخاذها التدابير اللازمة إلى إلحاق أضرار بالمنشآت النووية الإيرانية الخاضعة للضمانات، ووقوع خسائر بشرية جسيمة".
وقالت المذكرة: "في أعقاب العدوان "الإسرائيلي" والأميركي، أقرّ مجلس الشورى الإسلامي قانونًا ينص على أن أي تعاون يخضع لاستيفاء متطلبات محددة يحددها المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وتقع ضمن اختصاصه. ومع ذلك، ينص هذا القانون أيضًا على إجراءات تنفيذ التزامات إيران المتعلقة بالضمانات بمجرد استيفاء الشروط اللازمة".
واعتبرت أن اتفاق الضمانات الشاملة يفتقر إلى أحكام محددة بشأن تنفيذ تدابير الضمانات في زمن الحرب. ووفقًا للمادة 68 من الوثيقة التي تشير إلى "الحوادث أو الظروف غير العادية"، فإن هذه المصطلحات غير كافية لوصف نطاق العدوان العنيف على إيران من قِبل النظامين "الإسرائيلي" والأميركي بشكل كامل.
وأضافت: "صرّح المدير العام في تقريره بأنه "لا يمكن تعليق تنفيذ اتفاق الضمانات تحت أي ظرف من الظروف". هذا الادعاء باطل، وفقًا لمسودة اتفاقية الضمانات الشاملة في اللجنة 22، فقد نصّت المسودة صراحةً على أنه في بعض الحالات "كالحرب والصراع المدني، وما إلى ذلك، قد تنشأ ظروف صعبة يظل فيها هذا الاتفاق ساريًا رسميًا، ولكن قد لا يكون قابلًا للتنفيذ عمليًا". وعلى النقيض من هذا الادعاء، ذكر المدير العام أيضًا في تقريره أنه: "في بداية الهجمات العسكرية، علّقت الوكالة أنشطة التحقق في إيران، وقررت سحب جميع مفتشيها من إيران بحلول نهاية حزيران/يونيو 2025 لأسباب أمنية". لذلك، ما دامت الوكالة نفسها قد علَّقت أنشطة التحقق، "فلا يمكنها الادعاء بخلاف ذلك".
وأوضحت أنه "في ما يتعلق بالمؤسسات غير المتضررة، ووفقًا للقانون، وافق المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني حتى الآن على طلب الوكالة بالوصول إلى جميع المؤسسات التي طلبتها الوكالة والتي لم تتأثر بالهجمات".
وقالت المذكرة: إن "معالجة القضايا المتعلقة بالمؤسسات المتضررة ينبغي أن تشمل سلسلة من التدابير، بما فيها: الأمن والسلامة والمتطلبات القانونية وتقييم الأضرار وتقديرها. تُرفع نتائج هذه المراجعات إلى المجلس الأعلى للأمن القومي للموافقة النهائية قبل أي مناقشات مع الوكالة".
وأكدت أنه "لا تتضمن اتفاقية الضمانات الشاملة أي أحكام تتعلق بظروف الحرب. وتُطبق الأحكام المتعلقة بنهج الضمانات المشار إليه في هذه الفقرة فقط على الظروف العادية".
ولفتت إلى أنه "تم الاتفاق على عمليات التفتيش/الاختبارات المطلوبة للتحقق من معلومات التصميم (DIVs) في المنشآت النووية الثلاث غير المتضررة وفقًا للقانون، بعد استكمال الإجراءات القانونية". وأوضحت أنه تم تعليق تقديم تقارير تدقيق المواد النووية واستبيانات معلومات التصميم المُحدثة، باستثناء محطة بوشهر، في أعقاب العدوان العسكري وإنفاذ القانون.
وقالت: "كما ورد في الرسالة المؤرخة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر من السفير والممثل الدائم لجمهورية إيران الإسلامية: "خلال مفاوضات القاهرة، تم التأكيد صراحةً على أنه في حال قيام الأطراف الأوروبية والأمريكية بأعمال عدائية، فلا يُتوقع من إيران الاستمرار في تنفيذ هذا التفاهم بشكل سلبي أو غير مبالٍ".
وذكّرت بأن "إيران أتاحت للوكالة إمكانية الوصول اللازمة إلى جميع المرافق النووية بحلول تاريخ العدوان. وفتشت الوكالة جميع المرافق النووية غير المتضررة بناءً على طلبها".
وتابعت: "في ما يتعلق بطلب الوكالة تقديم تقرير عن المرافق المتضررة (الفقرتان 22 و23)، وكما ذُكر سابقًا (الفقرة 4 من الرقم 6)، يجب أولًا فحص وتقييم جوانب الأمن والسلامة وغيرها من الأمور ذات الصلة، وهذا يتطلب، كحد أدنى، ضمانات بعدم تكرار الهجمات. كما هو موضح في الوثيقة INFCIRC/1297، فقد حُلّت "مسائل الماضي المتبقية" في عام 2015. وفي 14 كانون الأول/ديسمبر 2015، اعتمد مجلس المحافظين القرار GOV/2015/72، والذي نصّ، من جملة أمور، على أن جميع الأنشطة المدرجة في خارطة الطريق قد نُفّذت وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه، و"اختُتم بذلك نظر المجلس في هذه المسألة". وبالتالي، فقد حُلّت جميع المسائل قبل عام 2015. وفي ضوء هذه الاعتبارات، فإن أي إشارة إلى المسائل التي حُلّت قبل عام 2015 تفتقر إلى أساس قانوني".
واعتبرت المذكرة "القرار المشار إليه في تقرير المدير العام (الفقرة 28) قرارًا آخر ذا دوافع سياسية"، وقالت: "علاوة على ذلك، فإن إبراز المدير العام لأجزاء من ذلك القرار بشكل انتقائي هو أيضًا عمل ذو دوافع سياسية قد يُمهّد الطريق أمام إجراءات سلبية من جانب بعض الدول الأعضاء". وأضافت "في ما يتعلق بالفقرة 29 (التطورات الأخيرة)، من المثير للدهشة أن الوكالة توقعت إعادة النظر في قضايا سبق تناولها بالكامل (الوثيقة INFCIRC/1297 بتاريخ 13 حزيران/يونيو 2025)، فيما كانت إيران لا تزال تواجه عواقب العدوان".
وتابعت المذكرة: "في حالات الحرب، كتلك التي شهدتها إيران، تُعتبر "استمرارية المعرفة" ضحية أخرى من ضحايا الحرب. وبمجرد عودة الظروف اللازمة، يُمكن استعادة استمرارية المعرفة". وأكدت أن مستوى ومدى التخصيب في إيران، كما هو موضح في تقرير المدير العام، لا ينتهكان أيًا من أحكام معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة. ولفتت إلى إن تسليط الضوء على إيران في التقرير، في ما يتعلق بمستوى ومدى التخصيب المتوافق تمامًا مع الضمانات، هو عمل سياسي واضح ويتعارض مع مبادئ الاحترافية والنزاهة.
وجاء في خلاصة التقرير: "لقد غيّر العدوان العسكري غير المبرر على إيران الوضع بشكل كبير، وأثّر في جوانب عديدة، بما في ذلك أساليب وإجراءات تنفيذ اتفاقية الضمانات الشاملة. إلا أن المثير للدهشة أن المدير العام لم يُدن هذه الانتهاكات الصارخة ضد المنشآت النووية الإيرانية المحمية بموجب الضمانات، على الرغم من أن هذه الهجمات قد عقّدت أنشطة التحقق التي تقوم بها الوكالة".
اعتمد مجلس المحافظين حتى الآن نهجًا سياسيًا تجاه البرنامج النووي الإيراني. ولكن مع الأسف، لم تتخذ الوكالة ولا مديرها العام أي إجراء استجابة لطلب إيران (INFCIRC/1301) لإدانة الانتهاكات واتخاذ إجراءات ضدها، سواء في أثناء الهجمات أو بعدها، وفقًا لقراري المؤتمر العام (533 و444)، وكذلك النظام الأساسي للوكالة".