لبنان
الشيخ الخطيب: الإرهاب لم يعد فقط من "الإسرائيلي" بل من الداخل أيضًا
الشيخ علي الخطيب: لسنا ضعفاء مهما اشتدت الظروف والمفسدون يكملون مخطّط العدوّ "الإسرائيلي"
أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؛ العلامة الشيخ علي الخطيب، أنه أمام العدوّ "الإسرائيلي" وعدوانه، يبرز سؤال جوهري: "ما قدرتنا على مواجهة هذا العدوّ الذي يقف الغرب كله خلف سلاحه واقتصاده وماله ودعايته وحمايته القانونية؟"
وأضاف: "هل نحن ضعفاء؟ لا والله، لسنا ضعفاء. لقد مررنا بظروف أصعب مما نمر به اليوم. ومن نسي فليتذكر ما قبل عام 1982، وفي عام 1982، وما بعده، والحرب الأهلية في البلد، والتي كانت أصعب من الحرب "الإسرائيلية"... ومع ذلك عبرناها".
جاء كلام العلامة الخطيب خلال كلمة له في الحفل التأبيني للراحل السيد وهبي حيدر وهبي في حسينية بلدة لبايا في البقاع الغربي، بحضور لفيف من العلماء وفاعليات بلدية واجتماعية وثقافية ورؤساء بلديات ومخاتير وحشد من أبناء البلدة والمنطقة.
وأكد العلامة الخطيب أن من لا يريد الدولة يقف ضدّ الإصلاح ويعمّق الأزمة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الذين لا يريدون أن تكون هناك دولة حقيقية وإصلاح حقيقي هم أنفسهم الذين يقفون خلف ضرب الوضع الاقتصادي والنقدي والمالي والاجتماعي.
وقال: "كان اللبنانيون يعيشون بنعمة من الله سبحانه وتعالى، فجاؤوا وأفقروا الناس. هذا كان تمهيدًا لهذه اللحظات؛ كي يقولوا، إننا ضعفاء ولا نستطيع الوقوف في مواجهة العدوّ "الإسرائيلي"، وإنه يجب أن نستسلم كما يريد بعضهم".
وتابع قائلًا: "نحن نعيش حالة تخويف وإرهاب يومي من هذا العدوّ "الإسرائيلي" ومن أسلحته. وهناك أيضًا مفسدون في الإعلام والدعايات يكملون المخطّط المالي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والأمني. فالإرهاب لم يعد فقط من الطيران "الإسرائيلي"، بل من الداخل أيضًا، بمحاولة إرهاب شعبنا ودفعه إلى الانقلاب على نفسه والاستسلام للعدوّ، والقول إننا مهزومون".
وأضاف: "نحن لم نكن نملك شيئًا، وخرجنا من تحت الأرض وحررنا أرضنا. يريدون أن يُنسوكم مواقفكم العزيزة، وانتصاراتكم الكبيرة، وتاريخكم المليء بالفخر، وشهداءكم، وعدم الاستقرار الذي دفعتم ثمنه. يريدون أن يقولوا لكم، إنكم لا شيء وإنكم ستستسلمون، ولا ضمان غير ذلك".
وتساءل الشيخ الخطيب: "هذا الهجوم على سلاح المقاومة... لماذا يريدون هذا السلاح؟ إذا كان قد انتهى دوره كما يدّعون، فلماذا يريدون نزعه؟ هذا يعني أن دوره قائم، وإلا لتركوه. إذًا لماذا يضغطون على البيئة وعلى المقاومة؟ لماذا يحملونها المسؤولية ويحاصرونها ويحاولون تأليب الناس عليها وتهديدهم بحرب واسعة، من أجل أخذ هذا السلاح؟"
وتابع العلامة الخطيب قائلًا: "لا تُخدعوا. هذا السلاح لم يكن يومًا ملكًا فرديًا؛ فقد كنّا بلا سلاح سوى البندقية البسيطة، وكانت الدولة تلاحق بعض الناس على أبسط الأمور... ومع ذلك حررنا الأرض. اليوم يراد كسر إرادتنا. ولكن إرادتنا لن تنكسر بفضلكم".
وتابع سماحته قائلًا: "عندما أراكم أرى العزيمة. انظروا إلى أهلنا... إلى مواقفهم... إلى تشييع الشهداء... إلى عروض الكشافة في المدينة الرياضية... إلى صمود نسائنا وبناتنا، وأهل الشهداء في القرى الأمامية: بنت جبيل، العديسة، كفر كلا، بليدا، ميس الجبل وسواها. هل هناك شكّ رغم المصيبة الكبرى التي يعيشها أهل تلك المناطق؟ إنهم يعرفون، والحمد لله، ما هو المقصود من كلّ ما يجري".
وعن الاستقلال والسيادة قال سماحته: "نحن نريد دولة تحفظ السيادة وتحفظ أمن أهلنا وكراماتهم ودماء شهدائهم، ولا نريد أكثر من ذلك. نحن مع الدولة ونريد قيامها. وأؤكد كلام فخامة الرئيس: طالما هناك أرض محتلة، فأين السيادة؟ السيادة لا تتجزأ؛ إمّا أن تكون كاملة وإمّا ألا تكون".
وتابع: "ما نراه اليوم ليس دولة، بل تعامل يشبه تعامل القبائل والعشائر، لا تعامل أبناء وطن واحد. لم تُقَم الدولة حتّى الآن".
وقال: "عيد الاستقلال... والحقيقة أنه لا يوجد استقلال. نرى المبعوثين الأجانب؛ الأميركيين وغيرهم، يأتون ليبلغونا رسائل "الإسرائيليين": يجب أن تستسلموا".
وأضاف منتقدًا أداء بعض المؤسسات: "البنك المركزي يطبق إملاءات تأتي من واشنطن، وتُقال علنًا. يقولون: نريد أن نجفف المال... ليس عن المقاومة فقط، بل عن الطائفة الشيعية اللبنانية، لمحاصرتها".
وتابع: "وظيفة البنك المركزي هي حماية الاقتصاد الوطني والنقد وقيمة العملة ومصالح المواطنين... ونحن في حرب، ويفترض بالدولة بعد هذا الخراب أن تقوم بعملية إعمار وإنهاض ومساعدة هذه البيئة. لكن ما يحصل هو العكس تمامًا: يُحاصر الناس، ويُمنع ترميم البيوت، إلا إذا خضعوا... وحتّى في حالة الخضوع لا ضمان".
وأضاف: "الاستقلال لا يحصل إلا حين تتحرر أرضنا وتتحرر إرادتنا ونأخذ قرارنا بأنفسنا وبما يحقق مصلحة أهلنا وكلّ اللبنانيين".
وتابع العلامة الخطيب: "نأمل أن يأتي اليوم الذي يعمل فيه جميع اللبنانيين للوصول إلى هذه النقطة: استقلال حقيقي، إرادة حرة، ورفض مشاريع الفتنة التي تحلم بها بعض الفئات".
وقال: "هناك حملة تُشنّ على رئيس الجمهورية... ونحن لسنا من يقودها. نحن مع رئيس الجمهورية، ومع قيام الدولة والاستقلال الناجز التام. أما الآخرون فلا يعرفون سوى التخريب، ولا نسمع منهم إلا نعيق الغراب".
وختم قائلًا: "نأمل أن نخرج من هذه الحالة، وأن يتوحد اللبنانيون جميعًا، وأن نبتعد عن الطائفية، ونتّجه نحو الوحدة الوطنية. فلبنان وطن نهائي لجميع أبنائه".