لبنان
برعاية قائد الجيش العماد رودولف هيكل ممثلًا بالعميد الركن يحي الكردي، احتفت بلديتا بعلبك ودورس بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب ونقابة ومستخدمي المحلات التجارية في البقاع بذكرى الاستقلال، برفع العلم اللبناني عند مدخل مدينة بعلبك الجنوبي، مستديرة الجبلي في دورس.
وفي كلمة له خلال الاحتفال، قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب ينال صلح: "نلتقي اليوم في ذكرى الاستقلال، التي لا تُختزل بيومٍ على الروزنامة، بل هي مسارٌ طويل من التضحيات والصمود. استقلالٌ صنعه ولا يزال رجالٌ ونساء حملوا هذا الوطن في قلوبهم، ودفعوا أثمانًا باهظة ليبقى حرًّا سيّدًا مستقلًا".
وأضاف: "الاستقلال، أيها الأعزاء، لا يأتي من فراغ، بل يُكتب كل يوم بإصرار اللبنانيين على البقاء رغم الألم، وعلى البناء رغم الركام، وعلى التمسك بالأرض مهما اشتدت العواصف".
ورأى أن القطاع التجاري كان وما زال أحد أعمدة الصمود في لبنان، فالتجار وأصحاب المؤسسات هم الجنود المجهولون للاقتصاد، فهم من فتحوا أبوابهم رغم الانهيار، وصمدوا رغم طل العواصف والأزمات، وأصرّوا على استمرار دورة الحياة كي لا يسقط البلد بالكامل. ولهذا، أوجّه التحية لكل تاجر ومهني ومؤسسة ومزارع، أنتم لستم فقط محرّكي السوق، بل حماة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وأنتم جزء من حماية الاستقلال، لأن استقلال الدول كما يبنى بالسلاح يبنى بالاقتصاد وبالقدرة على الصمود واستمرار أسواقها بالحياة".
وتابع: "في قلب هذا المشهد الوطني، يبقى الجيش اللبناني هو الركن الثابت، الحارس الأمين، والساهر على الأمن، والضامن لوحدة البلاد. ونؤكد اليوم – كما في كل يوم – أن جيشنا هو جزء لا يتجزأ من المعادلة التي حمت لبنان لسنوات: الجيش والشعب والمقاومة. هذه المعادلة التي حفظت السيادة، ودافعت عن الأرض، وصدّت العدوان، ومن دونها ما كان للبنان أن يبقى واقفًا في وجه التهديدات".
وأردف: "لن يكون وطننا قويًا ما لم يكن جيشه قويًا، ولن يكون الاقتصاد مستقرًا ما لم يكن الأمن ثابتًا. وفي هذا السياق، نقف أمام بيان الجيش اللبناني الأخير، ذلك البيان الوطني الشجاع الذي عبّر بوضوح عن موقف الجيش في مواجهة الاعتداءات على لبنان. بيانٌ أزعج البعض في الخارج، وكأن المطلوب جيشٌ صامت، لا جيشٌ يدافع عن أرضه ويواجه العدوان، لكن رسالتنا واضحة: نحن مع جيشنا، ومع استقلالية قراره، ومع دوره الوطني، ومع حقه في أن يبقى جيشًا قويًا يحمي سيادة لبنان وكرامة شعبه".
وأكد أن "السيادة ليست ورقة تفاوض، ولا بندًا في صالونات السياسة، ولا رقمًا في خرائط تُرسم في الخارج. السيادة هي جوهر وجودنا، هي خطّنا الأحمر، وهي حقّنا الطبيعي في أن نعيش على أرضٍ حرّة لا تُساوم على كرامتها. حدود لبنان ليست قابلة للمقايضة أو للتعديل تحت الضغط. رسمها التاريخ، وثبّتها ولا يزال دم الشهداء من الجيش والمقاومة والشعب. لكن الاستقلال لا يكتمل بلا تنمية، ولا قيمة للسيادة إذا بقي الناس مهمّشين بلا خدمات أو فرص عمل".
وقال: "من هنا، ننتقل إلى الركن الثالث من قوة لبنان: البلديات والمؤسسات الأهلية، فالبلديات ليست مجرد جهات خدماتية، إنها خط الدفاع الأول عن حاجات الناس اليومية، وصوت القرى والأحياء، وأقرب سلطة إلى المواطن، وعبرها تُصنع المشاريع، وتتحوّل المبادرات إلى إنجازات، وتُبنى بنية تحتية قادرة على تحمّل الأزمات"، مردفًا: "أما المؤسسات الأهلية والمجتمع المحلي، فقد شكّلت رافعة حقيقية للصمود الاجتماعي. برامجها التنموية، ودعمها للأسر، ومبادراتها في التربية والصحة والبيئة، كلها لعبت دورًا أساسيًا في سدّ الفجوات التي خلّفتها الأزمات المتتالية.وأثبتت التجارب أن التكامل بين الدولة والبلديات والمجتمع الأهلي هو الطريق الأكثر واقعية لخلق تنمية مستدامة، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وبناء مجتمعٍ يحفظ كرامة الإنسان".
وتابع: "من هنا، نؤكّد اليوم الحاجة إلى دعم البلديات بالصلاحيات والموارد، وتوسيع الشراكات مع الجمعيات والمؤسسات المحلية، لأن التنمية ليست موسمًا، ولا مشروعاً ظرفيًا، بل مسارًا وطنيًا يبدأ من القرى والأحياء، ويُصنع بإرادة الناس، ومن أجل مستقبل أبنائهم".