لبنان
شدّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؛ الشيخ علي الخطيب، على أنّ "الحكومة أو السلطة تمثّل الشعب اللبناني، وينبغي أن تقوم بحماية الشعب اللبناني وبحماية السيادة اللبنانية وبحماية الأرض اللبنانية وبمواجهة العدوان بكل الوسائل الممكنة"، محذرًا المعنيين من مغبَّة إلقاء "المسؤولية على الشعب اللبناني وعلى السلاح".
كلام الشيخ الخطيب جاء في خطبة الجمعة 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، والتي ألقاها في مقرّ المجلس ــ طريق المطار.
وأشار الشيخ الخطيب في كلمته إلى ذكرى وفاة السيدة الزهراء (ع)، مشددًا على دور المرأة في الاسلام، وقال: "إن الإسلام أوّل من أعطى المرأة قيمة إنسانية وأخلاقية، وأعطاها موقعها الإنساني في المجتمع".
ثم تناول التطورات الراهنة، فقال: "أمس كانت مناسبة مرور سنة على توقيع اتفاق وقف النار، والذي حصل بطلب من العدو "الإسرائيلي" وبتدخل من الولايات المتحدة الأميركية لوقف القتال وتطبيق الاتفاق 1701".
وأضاف الشيخ الخطيب: "ماذا حصل خلال هذه السنة؟ إنّ الشيء المعروف وكلنا نعرفه والعالم كله يعرفه وشاهد عليه، أن "الإسرائيلي" لم يلتزم بتطبيق هذا الاتفاق، وأنّ القوى التي توسّطت وضمنت هذا الاتفاق لم تقم بدورها في ذلك، وإنما كانت إلى جانب المعتدي الذي لم يُطبّق الاتفاق"، وبيَّن أن "الولايات المتحدة الأميركية والدول الخمس لم يقوموا بأيّ عمل جديّ لتطبيق هذا الاتفاق، وكانت النتيجة أنّ "الإسرائيلي" يريد تغيير هذا الاتفاق، وانتقل من قبول المقاومة بالانسحاب من جنوب الليطاني إلى المطالبة بسحب السلاح من كل لبنان".
ولفت إلى أنّ ""إسرائيل" تعدت ذلم إلى التدخل في الشأن اللبناني الداخلي"، مشيرًا إلى أنّ "هذا السلاح في الداخل لبناني بعيدًا عن جنوب الليطاني هو أمر لبناني بحت لا يخص العدو "الإسرائيلي"، ولكن العدو "الإسرائيلي" مضى في خرق هذا الاتفاق ومضى في الحرب ويمعن في القتل والتدمير، والآن وخلال هذا العام استُشهد من استُشهد وجُرح من جُرح".
وقال الشيخ الخطيب: "الجنوبيون لم يستطيعوا العودة إلى قراهم لإعمارها. الدولة لم تقم بأي أمر، الشيء الذي وعدت القيام به أنها تستطيع أن تطبق هذا الاتفاق وأن تحرر الأرض وأن تعيد الأسرى وأن تعيد الإعمار بوسائل دبلوماسية، لم نرَ منه شيئًا".
وتابع: "بعد مرور سنة والدولة اللبنانية لم تحقق ما وعدت به. إذا كان هناك أمل للدولة في أن تحقق هذا الاتفاق خلال سنة فلقد كان كافيًا، فلتعترف الدولة أنها فشلت في تطبيق هذا الاتفاق بالدبلوماسية، وفشلت في وقف الحرب والعدوان "الإسرائيلي" على لبنان خلال سنة، ومع الأسف إنّ خطاب بعض المسؤولين في الدولة اللبنانية هو خطاب يبرر للعدو "الإسرائيلي" عدوانه وعدم تطبيقه للاتفاق".
وأضاف الشيخ الخطيب: "أنتم سلطة، أنتم دولة، وأنتم كحكومة، هل يعقل أنكم تبررون للعدو "الإسرائيلي" بالتغطية على فشلكم وبإلقاء اللوم على شعبكم وعلى المقاومة؟ هذا عجزكم فلا تبرروا، قولوا إنكم غير قادرين وفشلتم".
وقال: "اجلسوا مع إخوانكم اللبنانيين لتروا ماذا يمكن أن تفعلوا وما هو العمل المجدي، وليس أن نخلق قصة مخترعة نحمّل فيها أنفسنا المسؤولية، وحينما تحمّلون المقاومة والناس في جنوب لبنان وفي الضاحية وفي البقاع المسؤولية، أنتم ماذا تفعلون؟ هذا فشل لكم، أنتم تحمّلون لبنان مسؤولية التخلُّف عن القيام بهذه المسؤولية".
وأوضح الشيخ الخطيب أنّ "الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل والجيش اللبناني والكل يقول، إن "إسرائيل" لا تريد أن تطبق الاتفاق"، وسأل "إذًا ما الحل؟"، وأضاف: "الحل عندكم، وكلما نزعتم ذريعة ستخرج "إسرائيل" بذريعة جديدة؛ يعني لن ينتهي هذا إلا باستسلام لبنان للمطالب "الإسرائيلية" وللعدو "الإسرائيلي". العدو يريد حتى من قائد الجيش (العماد رودولف هيكل) ومن المسؤولين اللبنانيين ألَّا يقولوا: العدو "الإسرائيلي"".
وتابع: "لقد أصبح واضحًا خلال هذه السنة أنّ العدو "الإسرائيلي" لا يريد تطبيق هذا الاتفاق، وإنّما يريد استسلام لبنان وأن يذهب لبنان صاغرًا أمامه مستجيبًا لكل طلباته. قولوها بصراحة كما تقولها بعض القوى اللبنانية التي تعبّر عن هذا المعنى، وتقول إن لبنان يجب أن يستجيب لكل الطلبات "الإسرائيلية"، وإنه ليس هناك من مانع أن نذهب لـ "السلام" مع "إسرائيل"، وهو ليس "سلامًا" بل هو استسلام لـ"إسرائيل" التي تفرض الشروط التي تريدها".
وأكّد الشيخ الخطيب أنّ "هناك فشلًا للحكومة اللبنانية. الحكومة اللبنانية حكومة فاشلة، ولم تستطع أن تقوم بالمهمة التي تشكَّلت من أجلها وهي تطبيق الاتفاق 1701، وردع العدو "الإسرائيلي" الذي تجرأ أمس وضرب بيروت. هذا مؤدَّاه أنه يجرؤ على ضرب أي مكان في لبنان. العاصمة التي ينبغي أن تكون أكثر تحصينًا وتأمينًا يُعتدى عليها ويُعتدى على اللبنانيين، ثم تبدأ التحليلات التي تزعم أنّ المقاومة فاشلة، ويتم استغلال هذا الموضوع لمصلحة العدو "الإسرائيلي""، وأضاف: "هذا المنطق الذي دائمًا هو منطق تيئيس الشعب اللبناني وأخذه إلى الاستسلام للعدو "الإسرائيلي"، وتبرير الحكم أنه هو يقوم بمهمته. الحكم فاشل والحكومة اللبنانية فاشلة في القيام بواجبها الملقى على عاتقها".
وتابع: "صباح هذا اليوم استيقظنا على خبر العدوان "الإسرائيلي" على سورية، وهناك 13 شهيدًا وعدد من الجرحى. نحن نشدّ على أيدي الذين واجهوا العدوان "الإسرائيلي" من الشعب السوري الأخ والشقيق، ولم يتركوا العدو يخرج سالمًا، وهذا عمل مباشر في سورية في مواجهة الشعب السوري للعدوان "الإسرائيلي" المستمر. هذا النموذج الذي يريدون منكم أن تسيروا عليه".
وشدد الشيخ الخطيب على أنّ "ما يحصل في سورية هو نتيجة التراجع وسحب الذرائع، وكما يقولون العدو "الإسرائيلي" كلما أعطيته شيئًا يطلب شيئًا أكبر وأكثر".
وأكّد أنّ "هذا العدو وجد في هذه المنطقة بالقوة وبالغصب وبالقتل وبالإجرام، ولن تستطيعوا أن تغيّروا وأن تخدعوا قلوبنا وقلوب شعوبنا التي سيأتي اليوم الذي تنتقم منه لشرفها وكرامتها وتحرر أرضها".
وختم الشيخ الخطيب بالقول: "في هذه المناسبة نحيي أهلنا الصامدين الصابرين المحتسبين في كل المناطق طوال عام كامل، ونشد على أيديهم، ونتوجه إلى العلي القدير بأن يرحم شهداءهم ويشفي جرحاهم".