اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ندوة لـ"لجنة نصر المقاومة في الجبل" في صوفر عن "الصبر الاستراتيجي والقوة الكامنة"

خاص العهد

رسالة حزب الله إلى البابا تغيظ خدّام
خاص العهد

رسالة حزب الله إلى البابا تغيظ خدّام "اسرائيل".. هكذا افتضح أمرهم

88

لم تكن الرسالة التي وجهها حزب الله إلى البابا لاوون الرابع عشر، ولا مشهدية الاستقبال العفوي والمنظم التي رسمتها جمعية كشافة الإمام المهدي (عج) على طريق المطار، مجرد بروتوكولات رسمية فقط، بل كانت تعبيرًا صادقًا نفذ إلى القلوب وترك أثرًا عميقًا في الوجدان العام، وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير في المهرجان الذي أقامه حزب الله تعظيمًا للعلماء الشهداء على طريق ‏القدس وأولي البأس. 

هذا الأثر الطيب كان انعكاسًا لديدنٍ ثابت ونهجٍ راسخ خطّه حزب الله في مسيرته، قائم على مدّ اليد وبناء الجسور مع الأطياف اللبنانية كافة.

لقد استطاع حزب الله، من خلال تجربته الرائدة والتي لها مصاديق متعددة من بينها التحالف مع التيار الوطني الحر عام 2006 أن يقدم نموذجًا راقيًا لتحالف بين حزب الله وقوة مسيحية مؤثرة في الساحة بحسب ما أشار سماحته، متجاوزًا حدود السياسة إلى رحابة القناعات الوطنية المشتركة ومشروع النهضة بالوطن. أثبتت هذه التجربة أن حزب الله هو قطبُ رحى قادرٌ على جمع الآخرين وخلق مساحات للتفاعل الإيجابي، مؤسسًا بذلك لتجربة وطنية مميزة كان لها الأثر الكبير في الداخل والمحيط.

وأمام هذا النموذج الرائد انبرت الجهات المتضررة لمهاجمته؛ لأنها تدرك تمامًا أن ترسيخ هذا النموذج النظيف يعني هزيمة مشاريعهم. وقد ظهرت عدوانيتهم بشكل كبير في مهاجمة رسالة حزب الله إلى البابا التي خاطب فيها الضيف الكبير، وحملت في طياتها الشكر والمطالب المحقة، إذ إن الحملة الشرسة التي شنتها بعض الجهات المتضررة ضد هذا الموقف الوطني تطرح علامات استفهام كبرى. فبدل الانشغال بإنجاح الزيارة، تفرّغ هؤلاء لمهاجمة بيان الرسالة، لا لشيء إلا لأنهم لمسوا صدق تأثيره. لقد أدركوا أن رسالة الحزب دخلت إلى القلوب، وقدمت صورة ناصعة ومشرقة عن المقاومة وجمهورها في الواقع اللبناني، وهو ما يتعارض تمامًا مع أجندتهم القائمة على التشويه المستمر ومحاولة طمس هذه الصورة الوطنية الجامعة.

وفي هذا الإطار، قدّم المتخصص في الشؤون الاجتماعية والسياسية الدكتور طلال عتريسي لموقع العهد الإخباري قراءة لما تعكسه هذه الرسالة من أبعاد تتصل بصورة حزب الله الناصعة في الواقع اللبناني، وما يرتبط بمشاريع الفئة التي أغاظها هذا الأمر.

ويؤكد الدكتور عتريسي أنّ "رسالة حزب الله إلى البابا تعكس قناعة بضرورة التعارف والتقارب بين الطوائف والقوى الاجتماعية في لبنان، ولا سيما في مرحلة تتكاثر فيها الدعوات إلى القطيعة والشيطنة".

ويرى عتريسي أنّ "هذا الانفتاح الذي عبّر عنه الشيخ قاسم يقابله في الداخل خطابٌ يعمل على ضرب التواصل بين اللبنانيين، وخصوصًا بين بعض الجماعات السياسية، عبر تكريس سرديات تقوم على الاختلاف الجذري واستحالة العيش المشترك". 

ويشير إلى أنّ "بعض هذه الجماعات تلجأ إلى خطاب يقول: إن "الآخر لا يشبهنا"، أو إن عقيدته تعود إلى 1500 سنة، ما يهدف إلى تكريس القطيعة لا إلى تعزيز الشراكة".

في مقابل ذلك، يلفت الدكتور عتريسي إلى أن "استقبال البابا لم يكن رسميًا فقط، بل اعتمد على مشاركة شعبية واسعة من البلديات والكشاف، وهو ما يؤكد أنّ البيئة المؤيدة للمقاومة تُظهر انفتاحًا وتعاونًا يعكسه حضور الأطفال والشباب على طريق المطار".

هذه المشاركة، بحسب الدكتور عتريسي تكشف أن "الحزب منفتح على الجميع ويربي على مبادئ الاستقامة والوطنية والتعاون مع الآخر، خلافًا لما يروّج له بعض المغتاظين الذين يريدون عزل بيئتهم عن بقية الطوائف".

ويضيف أنّ "زيارة البابا ولقاءاته مع مختلف القيادات الدينية تؤكد انفتاحه على الطوائف اللبنانية كافة، ما يعني أن الذين يحاولون القول إن فئة من اللبنانيين "لا تشبههم" إنما يتعارضون مع مضمون رسالة البابا نفسه". 

ومن هنا، فإن المشكلة كما يرى المتخصص في الشؤون الاجتماعية والسياسية "تكمن في هوية هذه الجماعات لا في هوية البيئة الشيعية أو موقفها".

وينتقل عتريسي إلى البعد الأعمق في خطاب الشيخ قاسم، حيث يشير إلى أنّ "الانفتاح على الآخر وحماية الوجود المسيحي والمشاركة الدائمة في مناسبات الطوائف الأخرى ليست قرارات ظرفية، بل ثابت من ثوابت نهج حزب الله". 

وفي هذا السياق، يذكّر عتريسي "بدور الحزب في حماية المسيحيين في سورية، معتبرًا ذلك دليلًا على أنّ هذا النهج ليس موسميًا ولا مرتبطًا بزيارة البابا فحسب".

كما يلفت إلى أنّ "بعض الأطراف التي ترفع اليوم شعار التخويف من "الآخر" وتسهم في تطبيق الأجندة الأمريكية في لبنان، تغفل حقيقة أنّ الوجود المسيحي هو المهدد اليوم بشكل كبير في المنطقة بسبب التحولات الجارية، وأن زيارة البابا تأتي في وقت يغادر المسيحيون بلادهم". 

ولذلك، فإن "المطلوب رؤية سياسية واجتماعية أوسع تحافظ على الوطن وعلى العيش المشترك، بدل الانغلاق وتكريس الخطابات التقسيمية".

ويختم الدكتور عتريسي بالقول إنّ: "خطاب الأمين العام لحزب الله يمثّل فرصة لإعادة النظر في المقاربات المتشنجة، ولبناء نظرة وطنية تجاه العلاقة بين المكوّنات اللبنانية". 

كما يؤكد أن "مقاربة الأمين العام لحزب الله الثابتة تقوم على حماية العيش المشترك وعلى الحفاظ على لبنان كرسالة، كما وصفه الراحل البابا فرنسيس، ومن شأن هذه المقاربة أن تفتح الباب أمام مراجعة جدية لدى الأطراف التي ما زالت تراهن على العزل والانقسام بدلًا من الشراكة والاستقرار".

الكلمات المفتاحية
مشاركة