خاص العهد
يستعيد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؛ سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب في حوار مع موقع "العهد" الإخباري ضمن "بودكاست عالعهد" لقاءاته الأولى بسيد شهداء الأمة؛ الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله، فيشير إلى أنّ اللقاء الأول كان في النجف الأشرف، حيث التقى في سبعينيات القرن الماضي مع السيّد الطالب المجدّ في الحوزة الدينية.
وأكد سماحته أن الشهيد الأسمى أعطى صورة حقيقية لهذه الأمة التي رغم كل ما أصابها، وقفت في وجه كل التهديدات وشيّعت سيدها في المدينة الرياضية في بيروت، وأحيت ذكراه قرب ضريحه. كما وقفت هذه البيئة كلها موقفًا واحدًا مثّل صورة السيد نصر الله الصادق والمخلص والشجاع المتفاني والمحب لأهله ووطنه.
ويسرد العلامة الخطيب تفاصيل المواقف التي جمعته بسماحة السيد الأسمى، مستذكرًا لحظة تتويج السيد نصر الله بالعمامة على يد الشهيد السيد محمد باقر الصدر، كما يلفت إلى اللقاء الأخير الذي جمعه بسيد شهداء الأمة.
وفي الشق السياسي، يتطرّق الشيخ الخطيب إلى زيارة بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر إلى لبنان، مشددًا على أنها أعطت صورة جميلة عن التفاف اللبنانيين جميعًا، فالمواطنون اللبنانيون كلهم طيبون ويريدون الاستقرار، ومجيء البابا أثمر كثيرًا في إظهار الصورة الحقيقية للشيعة في لبنان وأنهم ليسوا عنصريين، بالعكس هم أول من استقبل البابا، شاكرًا له مسيره في الضاحية الجنوبية لبيروت، لافتًا إلى أن هذا الاستقبال له في الضاحية عزّز الصورة الحقيقية التي لديه.
ويرى الشيخ الخطيب أن زيارة البابا مهمة يجب أن نستثمرها ليدرك اللبنانيون جميعًا أن مصيرهم واحد، وبلدهم لا تهدده طائفة بل العدو "الإسرائيلي" وليس الطائفة الشيعية التي بذلت كل هذه الأثمان، ليكون لبنان متحررًا من الضغوط "الإسرائيلية"، وذا كرامة وسيادة.
ويقول سماحته: "نحن جميعًا سند لبعضنا في مواجهة الخطر الحقيقي الذي هو الخطر "الإسرائيلي" الذي رآه اللبنانيون حينما احتلت "إسرائيل" لبنان".
ويشير الشيخ الخطيب إلى القضية الفلسطينية الحاضرة اليوم، قائلًا: "نحن من دفع أثمانًا باهظة لأجلها، يكفي أننا قدّمنا سماحة السيدين والشهداء، سواء شهداء المقاومة أو المدنيين. كل هؤلاء الشهداء، وكل هذه الخسائر المادية، وفقدان الأمن لفترة طويلة من الزمن، وهذا الحصار الذي تُوّج بهذه الحرب وما زال مستمرًا".
وتابع الشيخ الخطيب "أريد أن أقول شيئًا ربما لا يعجب البعض، نحن نعتقد وهذا يجب أن نأخذه بعين الاعتبار، نحن نسجل للتاريخ موقفًا، هذا موقف وحجة على الناس، أن هؤلاء اللبنانيين وقفوا إلى جانب الحق ولم يتركوه والى جانب المظلومين ولم يتركوه والى جانب أمتهم والى جانب أهلهم وبلدهم، لم يُخِفهم في ذلك أن يدفعوا هذه الأثمان. البشر والأمم تمرّ بامتحانات في مراحل معينة من الحياة. نحن اليوم في امتحان، وقد نجحنا فيه رغم الثمن الكبير الذي دفعناه. والآن ما يهمّنا هو هذه البيئة التي قدّمت التضحيات؛ أن تقوم الحكومة بواجبها تجاهها، لافتًا الى أنّ مساعدات تُبعث إلينا من الخارج تُصادر في المطار وللأسف أن السلطة اللبنانية تمارس هذا النوع بدل أن تكون الى جانب أهلها الى جانب شعبها، متوجهًا للسلطة بالقول :"أنتم سلطة لبنانية، حكومة لبنانية بدل أن تكون الى جانب شعبها للأسف تمارس الضغط على شعبها، ولم يقدم قرش واحد لأهلنا في الضاحية ولا في الجنوب ولا في البقاع، نحن دفعنا كل هذا الثمن، فتاريخنا هو هذا التاريخ، ونحن على هذا التاريخ".
وحول سلاح المقاومة، قال العلامة الخطيب :" أنا أنصح الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني وكل من يريد خيرًا للبنان وأهلنا العرب والحكومات العربية الذين يأتون بالمبادرات أن موضوع السلاح ونزع السلاح يتطلّب على الأقل أن يعطى هذا الشعب ثقة بأن هناك دولة وأن هناك أمة حاضرة لأن تعطيه الأمن والاستقرار وأن ترفع عنه هذا السيف المسلط من العدو "الإسرائيلي" الطامع في أرضه". وفي هذا السياق، يؤكد الشيخ الخطيب أن هذا السلاح عمره من عمر لبنان الذي تخلى فيه عن الحفاظ على السيادة، وهذا الشعب اضطر للدفاع عن نفسه فحمل هذا السلاح، ولكي يتخلى عنه يحتاج إلى دولة فعلًا تعطيه الأمن والأمان ليثق بها وهذا الأمر يأتي عبر وقت تقوم فيه الدولة بإعطاء هذه الثقة لهذا الشعب.
وشدّد سماحته على أنه يجب أن يعرف اللبنانيون جميعًا أن مصيرهم واحد، وأن بلدهم لا تهدده طائفة من طوائفه وإنما هذا غنى، وأن لبنان مهدد من قبل العدو "الإسرائيلي" وليس من الطائفة الشيعية التي بذلت كل هذه الأثمان وعلى رأسها شهادة سماحة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وكل الشهداء، وقد قُدّم الكثير ليس في سبيل الشيعة وإنما في سبيل لبنان وكرامة لبنان وكرامة اللبنانيين جميعًا، لأنه حينما يكون لبنان متحرر من العدوان "الإسرائيلي"، ومتحرّر من الضغوط "الإسرائيلية" سيأخذ اللبنانيون جميعًا دورهم في هذا البلد الذي يستحقونه في قلب هذه المنطقة، ليعطوا الصورة الحقيقية لبلدهم غير الصورة التي يراد إنشاؤها للأسف وتُعطى للخارج بأن هؤلاء اللبنانيين متباغضين متخاصمين، وهي الصورة التي يريدها العدو "الإسرائيلي" ليبرّر وجوده.
وأكّد سماحته أنّ صورة لبنان الجميلة هي بمحبة أبنائه بعضهم للبعض بإخلاص أبنائه لهذا البلد وبتحرره من هيمنة وسيطرة العدو "الإسرائيلي" الذي هو يشكل الخطر الكبير ليس على فلسطين فقط وإنما أطماعه تتعدى ذلك الى تفكيك البنية الاجتماعية والدينية والأخلاقية في هذه المنطقة، مشددًا على أنّ البعض للأسف يدفع بالأحقاد لتفجير الوضع الداخلي بين الطوائف وهو مستعد لأن يخوض حربًا داخليه طائفية وليس مستعد أن يواجه العدو الأساسي المتمثّل بـ"إسرائيل".
ولفت نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى أنّ العدو "الإسرائيلي" استطاع أن يدخل إلى القرى الحدودية بعد التوقيع على تطبيق الاتفاق 1701 وبضمانة دول كبرى، وأن يستثمره ليدمّر هذه القرى بعد عجزه عن اجتياح لبنان وعن مواجهة المقاومة، هذه صورة "إسرائيل"، صورة الموت والخراب والدمار، فكيف لنا نحن اللبنانيين جميعًا من كل الطوائف أن نطمئن؟".