عربي ودولي
قال مركز "صوفان" البحثي الأميركي إن الهجوم المفاجئ الذي شنته قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الإمارات الأسبوع الماضي على محافظة حضرموت اليمنية الغنية بالنفط يعكس التوترات الطويلة الأمد بين أبو ظبي والرياض بشأن السياسة في اليمن. مشيرًا إلى أنه أول تغير جوهري في التضاريس السياسية والعسكرية لليمن منذ وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة عام 2022، بين صنعاء والرياض.
وأكد المركز في تقريره أن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس عام 2017 بدعم مالي وعسكري من الإمارات، يدعو إلى إنشاء دولة جنوبية مستقلة، كما كانت قائمًة لعقود حتّى اتحدت مع شمال اليمن عام 1990.. ونتيجة لذلك، اجتاحت قوات متحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي يوم الأربعاء مدينة سيئون، وسيطرت على القصر الرئاسي ومطار سيئون ثمّ على حقول نفط ومنشآت طاقة حيوية. ثمّ سيطرت الجماعة لاحقًا على مناطق أخرى في محافظتي حضرموت والمهرة، ووصلت وحداتها إلى الحدود العمانية.
وذكر المركز أنه خلال سنوات من الحرب مع صنعاء بدعم تحالف عربي منذ عام 2015 - 2022 تمكّن قادة المجلس الانتقالي وحكومة المرتزقة المدعومة من السعودية من تجاهل الاختلافات في أهدافهم وأيديولوجياتهم كما فعلت راعيتهم السعودية والإمارات.
وأضاف المركز بأن القوتين الخليجيتين قادتا تحالفًا عربيًا عسكريًا سعى إلى هزيمة قوات صنعاء، لكنّه فشل في ذلك الوقت، رغم الدعم المقدم من الولايات المتحدة والقوى الغربية.. ونتيجة لذلك، يمثل الهجوم على محافظة حضرموت انهيارًا في تحالف المجلس الانتقالي وحكومة المرتزقة.. في حين أكدت مصادر مقربة من القادة العسكريين السعوديين أن السعودية بدأت بسحب بعض قواتها إلى الأراضي السعودية.
ويرى بعض الخبراء أن هدف المجلس الانتقالي الجنوبي هو منع القادة السعوديين من تقديم تنازلات كبيرة لحكومة صنعاء مقابل تسوية سلمية معها.. حيث يدعو محمد بن سلمان الزعيم الفعلي للسعودية، إلى تقديم تعويضات مالية لصنعاء من أجل التوصل إلى تسوية سياسية نهائية للحرب - وهو استنتاج يرى أنه يمكّنه من التركيز على أولويته الأساسية: تحويل المملكة اقتصاديًا واجتماعيًا.
وفي الوقت نفسه، تمتلك حضرموت 80 في المئة من احتياطيات النفط في البلاد، ويطالب قادة صنعاء، بتسوية سلمية على مستوى اليمن، بحصة ثابتة من عائدات مبيعات النفط اليمنية، والتي توفر جزءًا كبيرًا من تدفق الإيرادات الذي يسدد حاليًّا رواتب البيروقراطيين في الجنوب.
ووصفت منظمة "باشا ريبورت"، وهي منظمة بحثية يمنية مقرها الولايات المتحدة، اقتحام المجلس الانتقالي الجنوبي بأنه محاولة متعمدة "لإفشال" محادثات السلام بين صنعاء والرياض. ويرى الجنوبيون أن السعودية تعمل على التوصل إلى تسوية سياسية مع صنعاء، ويريدون ضمان سيطرتهم الكاملة على الجنوب قبل التوصل إلى أي اتفاق بين الرياض وصنعاء.
ويُشير بعض الخبراء إلى أن الإمارات وحلفاءها في المجلس الانتقالي الجنوبي يخططون لمحاولة حرمان اليمنيين الشماليين من الوقود والموارد المالية، لإجبارهم على التنازل عن المحافظات لشمالية.. ويرى آخرون أن قادة الإمارات سعوا في المقام الأول إلى إضعاف حكومة المرتزقة أو إزاحتها بسبب اعتمادها على جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الميليشيات الإسلامية التي تدعمها أبو ظبي.
ولا يزال المحللون غير متأكدين مما إذا كان المجلس الانتقالي الجنوبي، سواءً بمفرده أو بناءً على طلب أبو ظبي، سيشارك في قتال متجدد ضدّ صنعاء، إلا أن معظم الخبراء يرون أن استئناف الحرب مع صنعاء قد تكون لها تداعيات إقليمية وعالمية كبيرة. لطالما شعر محمد بن سلمان وقادة سعوديون آخرون بالقلق من أن انهيار وقف إطلاق النار مع صنعاء قد يدفعها إلى تجديد هجماتها الصاروخية والطائرات المسيّرة على السعودية، والإمارات.
ويشعر دبلوماسيون عالميون بالقلق من أن اليمنيين قد يستأنفون أيضًا هجماتهم على الشحن التجاري في البحر الأحمر. كما فعلوا خلال حرب "إسرائيل" على حماس وأن احتمالات تصعيد الحرب المتجددة في اليمن بسرعة ــ لجذب أطراف إقليمية وعالمية، ليس فقط السعودية والإمارات ولكن أيضًا "إسرائيل" وإيران، وربما الولايات المتحدة ــ واردة بقوة.