عين على العدو
رأى الباحث الصهيوني في مجال الاستخبارات العميد احتياط جدعون ميتشنيك أن "الانتفاضة الفلسطينية الأولى، التي اندلعت في ديسمبر /كانون الأول 1987، كانت نتيجة فشل استخباراتي عميق ناتج عن تجاهل تحذيرات واضحة وعن مفاهيم خاطئة في صفوف القيادة".
وفي حديث للقناة السابعة "الإسرائيلية"، قال "على الرغم من أن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول تُقارن بالسادس من أكتوبر / تشرين الأول قبل 50 عامًا، حين اندلعت حرب "يوم الغفران" (حرب مصر وسورية ضدّ العدو)، إلّا أن الانتفاضة الأولى أيضًا اندلعت كنتيجة لفشل استخباراتي كبير. بدأ الحدث كله في التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1987 عندما "صدمت شاحنة "إسرائيلية" سيارتي أجرة من غزة، ما أسفر عن "مقتل" أربعة من سكان غزة، واندلعت فوضى في القطاع. استغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى فهم رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية، بما في ذلك وزير "الأمن" (الحرب) رابين، ما حدث. الجيش لم يستعد للحرب ولم يحذر الاستخبارات. وكان هناك أيضًا مفهوم خاطئ أن الانتفاضة لن تكون كبيرة"، وتابع "كان هناك أيضًا مفهوم خاطئ، وأدلة تشير إلى ضرورة تحفيز النظام الأمني، ولكن مقابل ذلك كان هناك حالة من اللامبالاة ربما بدأت بعد حرب الأيام الستة.. بعد الانتفاضة الأولى، تم تأسيس حركة حماس وهو ما لم يكن موجودًا حتى ذلك الحين".
ويستعرض ميتشنيك: "حتى كانون الأول/ديسمبر 1987، كانت هناك سلسلة من الأحداث في الميدان كان من المفترض أن تثير الانتباه الاستخباراتي لما كان يحدث، لكن الجهات المسؤولة عن التقييمات الرئيسية، سواء في شعبة الاستخبارات أو في الشاباك، لم تضئ أي إشارات تحذير. التقييم الأساسي كان أنه بما أنه لم يكن يبدو أن منظمة التحرير الفلسطينية، التي طُردت من تونس في عام 1982، قادرة على شن حرب جديدة ضد "إسرائيل"، فإننا لا نواجه خطرًا من جهة قطاع غزة، لكن التوترات والأزمات الاقتصادية كانت تتزايد".
ويردف "من كان يلاحظ ذلك هم العاملون والمستشارون في الشؤون العربية الذين كانوا يدركون توجهات الرأي العام، وكانوا يرسلون تقارير أيضًا إلى "تل أبيب"، لكن هذه لم تكن تقارير مصنّفة أو سرية للغاية. وبناءً على ذلك، كان التعامل مع تلك التقارير غير جادّ.. من ضمن من حذروا كان العقيد المتقاعد دافيد حاخم، الذي أصبح لاحقًا مستشارًا لشؤون العرب لستة وزراء أمن (حرب)، والذي شعر من خلال محادثاته مع المخاتير في القرى ومع رئيس بلدية غزة أن التوترات تتصاعد. كتب وثائق وشارك في نقاش في وزارة الخارجية، إذ شهد بأن الضغط يزداد، لكن لم يتم الاستماع إليه لأنه كان شخصًا ميدانيًا، وهو ما يذكر بما حدث قبل حرب "يوم الغفران". كان المنددون في المستويات الميدانية لكن لم يستمع إليهم أحد".
ميتشنيك يذكر ثلاثة أحداث وقعت بين مايو/ أيار وأكتوبر/ تشرين الأول 1987 والتي كان من المفترض أن تثير الانتباه كأحداث تؤدي إلى التصعيد والتوتر الأمني، لكنها لم تحظَ بالاهتمام الكافي: فرار 6 من كبار قادة الجهاد الإسلامي من السجن، وتواجدوا في الميدان، وفي أغسطس/آب 87 قتلوا روني طال من الشرطة العسكرية. وفي أكتوبر تم القبض عليهم في كمين أدى إلى اندلاع مظاهرات. هذه ثلاثة أحداث كان من المفترض أن تعلم أن الوضع في الميدان لم يعد كما كان، لكن لم تضئ أي إشارة تحذير".
بناءً على ما تقدّم، يخلص الباحث الصهيوني الى أن تسلسل الأحداث من عام 1973، 1987، و2023، يُشير الى الفشل الكبير الذي كان من المفترض أن يشعل إشارة تحذير، وكذلك في حرب لبنان الثانية، ويختم "هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها، كيف أنه رغم فشل عام 1973، لم يرفع مسؤولو الاستخبارات شعار التواضع والشك، وهو ما لم يحدث أيضًا في الطريق إلى السابع من تشرين الأول/أكتوبر عندما لم يكن الجيش مستعدًا".