لبنان
انتقد تجمع علماء جبل عامل عجز السلطة عن جدولة تأمين الفيول مقابل استماتتها في جدولة سحب سلاح المقاومة، قائلًا :"
إن السلطة اللبنانية أخفقت في وضع جدول زمني لتأمين مخزون الفيول وتشغيل معامل الكهرباء، ما أدخل البلاد في عتمة شاملة، في وقت أظهرت فيه إصرارًا على طرح جداول لسحب سلاح المقاومة"، معتبرًا ذلك اختلالًا فاضحًا في الأولويات.
وأضاف البيان أن العدو لا يعبأ بدعوات التفاوض ولا بوجود "اليونيفيل" ولا يحترم أداء الجيش، محمّلًا السلطة المسؤولية السياسية والأخلاقية عن تداعيات هذا النهج، وواصفًا ما جرى في يانوح بفضيحة وطنية.
وجاء في نص البيان:
أمام ما آلت إليه أوضاع البلاد، وأمام سلطةٍ متهالكةٍ مستهينةٍ بكرامة الوطن والمواطنين، متذلّلةٍ أمام العدو وطغيانه المتمادي، لا يسعنا إلا أن نرفع الصوت عاليًا رفضًا لهذا الانحدار المريع الذي يُدار باسم الدولة ويُمارَس على حساب الناس.
إن سلطة تصمّ آذانها عن صرخات المواطنين، ولا يعبأ العدو باستماتتها في الدعوة إلى التفاوض، ولا بخياراتها المرتبكة في إدخال المدنيّين إلى «الميكانيزم»، ولا يقيم وزنًا حقيقيًا لوجود «اليونيفيل»، ولا يحترم أداء الجيش الذي يُراد له أن يُزَجّ في مهام سياسية تُطالبه بسحب سلاح المقاومة بدل الاضطلاع بدوره الطبيعي في حماية الأرض والمواطنين، هي سلطةٌ أعلنت عمليًا استقالتها من كل مسؤولياتها الوطنية والمعيشية. سلطةٌ تعجز عن وضع جدولٍ زمنيٍّ لاستيراد الفيول لتشغيل معامل الكهرباء، فتترك البلاد في عتمةٍ كاملة، لكنها تستميت ــ وبوقاحةٍ سياسية ــ في جدولة سحب عناصر القوّة التي تذود عن كرامة لبنان وسيادته.
لقد صار لبنان، مع هذه السلطة، أمثولةً في الذل، وعنوانًا للفشل، ومختبرًا لإذلال شعبٍ صابرٍ كريم. تُدار شؤونه بمنطق الإهمال والتسويف، وتُختزل سيادته في بياناتٍ فارغة، بينما يُترك المواطن وحيدًا في مواجهة القهر وانعدام أبسط مقومات العيش.
وإن ما جرى في يانوح ليس حادثًا عابرًا، بل فضيحةٌ مكتملة الأركان لكل من يملك ذرّةً من كرامةٍ أو حسٍّ وطني. فضيحةٌ تكشف خواء الخطاب الرسمي، وعجز القرار، وازدواجية المعايير، حين تُقمع الكرامة ويُغضّ الطرف عن العدوان.
إننا نحمّل هذه السلطة كامل المسؤولية السياسية والأخلاقية عمّا وصلت إليه البلاد، ونؤكد أن كرامة الوطن ليست بندًا قابلًا للمقايضة، ولا ورقةً للتفاوض، ولا تفصيلًا إداريًا يُرحّل إلى جداول مؤجّلة.
الكرامة سيادة، والسيادة فعل، والعدالة التزام.
سيبقى صوت الحق أعلى من بيانات العجز، وستبقى كرامة اللبنانيين خطًا أحمر، مهما طال زمن التخاذل، ومهما اشتدّ الضغط.
إن هذا البيان ليس تفريغًا لغضبٍ عابر، ولا تسجيلَ موقفٍ لغويٍّ للاستهلاك، بل إعلانُ حدٍّ أدنى من المسؤولية الوطنية والأخلاقية. وما بعده يجب أن يكون واضحًا وصريحًا:
1. تحميلُ السلطة القائمة مسؤوليةَ أي عدوانٍ أو إذلالٍ أو انهيارٍ معيشيٍّ لاحق، وعدم السماح بتوزيع الفشل أو تمييعه.
2. رفضُ أي مسارٍ سياسي أو أمني ينتقص من كرامة اللبنانيين أو يساوم على سيادة الوطن تحت أي عنوان.
3. التمسّكُ بحق اللبنانيين المشروع في المقاومة ضد العدو "الإسرائيلي"، والحماية لكل المؤسسات الأهلية المدنية القانونية التي تساهم في تأمين العيش الكريم بغياب الدولة، واعتبار ذلك أولويةً تعلو على كل الحسابات الضيقة.
4. إبقاءُ هذا الموقف حيًّا في الفضاء العام، ومواكبته بخطواتٍ سلميةٍ وقانونية وإعلامية، حتى لا يتحوّل الصمت شراكة، ولا التعايش مع الذلّ إلى قدر.
إن السكوت بعد اليوم تواطؤ، والتردّد خيانة للحدّ الأدنى من معنى الدولة. واللبنانيون، مهما أُنهكوا، لم يفقدوا بعد قدرتهم على قول: لا.