عين على العدو
رأى المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت أن المشهد الذي بدا أمس (الاثنين) في المحكمة المركزية، حيث عُقد للمرة الأولى في التاريخ لقاء سياسي بين رئيس حكومة ورئيس برلمان أجنبي داخل أروقة المحكمة، يثبت مرة أخرى أن بنيامين نتنياهو فقد آخر توازناته، واستنزف ما تبقّى من المكابح لديه، وأنه غير مؤهَّل، وسأل "من الذي يُسيء إليه نتنياهو؟ القضاة؟ الادعاء؟ نفسه؟ المؤسسة القضائية "الإسرائيلية"؟ كل ذلك صحيح".
وأضاف "قبل كل شيء، هو يسيء إلى "إسرائيل". فخلافًا لما يُروَّج في القنوات البيبية (التابعة لبنيامين نتنياهو)، لم يقدّم اليسار لائحة الاتهام ضد بنيامين نتنياهو، ولا "الكابلانيون" (المتظاهرون في ساحة كبلان)، ولا أعداء "إسرائيل" أو أيٌّ من "المعادين للسامية" (على حدّ تعبيره). لائحة الاتهام قدّمتها "إسرائيل" نفسها. هي الموقّعة على هذا الحدث، والذي قاده أشخاص عيّنهم هو نفسه، أشخاص يتقاسمون أيديولوجية اليمين، وأشخاص عملوا بوصفهم ممثلي "الدولة" وبصلاحية وتفويض. نتنياهو يُهين "دولة إسرائيل"، وفي الطريق يسخر من نفسه ويُحرجنا جميعًا".
وأردف "هل يعتقد أن كل هذا سيعمل لمصلحته حين يحين وقت الحكم؟ لا أدري. ربما يعرف شيئًا لا نعرفه. الخلاصة الوحيدة هي أنه لا يعتقد أصلًا بأن وقت الحكم سيأتي. إمّا أن تُلغى محاكمته في وقت ما، أو أن يسعى إلى صفقة ادّعاء أو عفو معناهما الاعتزال، وإلّا فلا أفهم حقًا ما المنطق الذي يدفع إنسانًا يُفترض أنه "سويّ" و"عقلاني" إلى تفكيك الإطار الذي يُمسك بنا جميعًا بهذه الطريقة، وعلى رؤوس الأشهاد، أمام أنظار الغرباء المذهولين".
بحسب بن كسبيت، أمس كانت المرة الأولى التي يجرّ فيها زعيمًا أجنبيًا جاء إلى هنا إلى كومة من الغسيل المتّسخ داخل المحكمة. ثم اختلى به أمام الكاميرات، بحضور كبير الخدم الملاصق ، أي رئيس الكنيست. لكن نتنياهو، خلافًا تامًا لتعهداته، يواصل التهرّب من الاستجواب المضاد في محاكمته بألف سبب وذريعة، بينما يواصل إهانة القضاة، والتوبيخ في وجه المدّعين، والتنمّر على الصحافيين وعلى أفراد حرس المحاكم، وإرهاق "دولة" بأكملها. وبلغ الذروة أمس حين جرّ زعيمًا أجنبيًا إلى ممرّات المحكمة ليشهّر بنا على مرأى ومسمع من العالم.
وتابع "في كانون الأول/ديسمبر 2024 وصل رئيس باراغواي في زيارة إلى "إسرائيل". الزيارة استُغلّت بالطبع، لإلغاء أو تقصير جلسة في محاكمة نتنياهو، كي يتمكّن من حضور خطاب الرئيس الباراغواي في الكنيست (لم يحضر سوى 9 وزراء، بينهم نتنياهو). قبل عام كان هنا رئيس برلمان باراغواي، التقى رئيس الكنيست أمير أوحانا، وكان حتى في حائط "البراق". لقاء مع نتنياهو، بحسب علمي، لم يكن. أمس كان. ما الذي يريده نتنياهو من باراغواي؟ ولماذا يجب أن يكون ذلك على حساب جلسات محاكمته؟".
من وجهة نظر المحلّل الصهيوني، النكتة المستهلكة تقول إنه في كل مرة نظن أننا بلغنا قاع البرميل، نسمع طَرقات من الأسفل؛ أي إن هناك مزيدًا من الانحدار. يبدو لي أننا هبطنا مسافة معتبرة ونقترب من لبّ الكرة الأرضية. إن استمرّ الأمر على هذا النحو، فسنخرج يومًا ما من الجهة الأخرى من العالم. على الأرجح في باراغواي".