اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي برو: ما يحصل اليوم من قبل الدولة هو تنازل المهزوم

مقالات

هل اطّلع
مقالات

هل اطّلع "خدام اسرائيل" على مصير اتفاقيات "السلام" ومسار الأوهام؟

83

كاتب من مصر

انتقل الصراع مع العدوّ الصهيوني من مرحلة الإجماع على المقاومة والحرب والتي أفرزت قلة شاذة وُصفت بالخيانة إلى مرحلة التفاوض والتي أفرزت معسكرات متباينة ومتصارعة استهلكت واستنفدت القوّة العربية والإسلامية لصالح العدوّ الصهيوني ورعاته في الغرب وفي مقدمتهم أميركا التي ادعت في كامل المراحل أنها وسيط، بينما هي المحرك والقائد الفعلي للعدوان.

وعندما اتجهت الأنظمة العربية إلى منطق التفاوض، انقسمت المعسكرات وسادت حالة ضبابية سمحت لبعض القوى الخائنة بالتسلل إلى الصورة وتبييض وجهها تحت ستار (السلام المزعوم) بينما بقيت قوى وحركات متمسكة بثوابت المقاومة، ليتبلور معسكران رئيسان، أحدهما معسكر المقاومة، والثاني معسكر (السلام)، وهو خليط من المفرطين وأصحاب الرهانات الخاطئة ويتوارى بينهم الخونة والعملاء وكلهم يتحدثون بمنطق وعنوان واحد وهو التفاوض و"السلام"!.

ويراهن معسكر المقاومة على حقائق تاريخية ثابتة، وهي ان الحقوق لا تستعاد الا بالمقاومة والقوّة، بينما يظل معسكر (السلام) يراهن على أوهام أثبتت الأحداث وأثبت التاريخ انها لا تعيد الحقوق بل تؤدي إلى المزيد من الخسائر والإجراءات التصفوية وأطماع العدوّ في الابتلاع الكامل للحقوق التاريخية.

ومؤخرًا أقدمت الدولة في لبنان على خطيئة في سياق الرهان على التفاهم والتفاوض بمعزل عن أوراق القوّة، وهو ما يترجم إلى "المفاوضات من موقف الضعف"، وذلك بتعيين مفاوض مدني ضمن وفد لبنان المشارك في اجتماعات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.

 وخطورة الخطوة هذه أنها تخرج باتفاق وقف إطلاق النار من نطاقه وكونه تفاهمًا عسكريًا يتطلب قادة متخصصين لإتمامه في اطاره العسكري والأمني، إلى نطاق آخر سياسي يفتح مسارًا لتفاوض مباشر واتفاق سياسي وتدشين مسار تفاوضي قد ينتهي كسوابقه التاريخية مع الدول العربية التي أقامت اتفاقيات (سلام) وتطبيع مع العدو، وهو وضع مشابه لاتفاق 17 أيار الذي ولد ميتًا بسبب الرفض الشعبي ورفض المقاومة، وهو تكرار للأخطاء، بل والخطايا التاريخية، التي راهنت على "السلام" والتطبيع ولم تجن سوى المزيد من التصفية للحقوق من عدو ينظر إلى التخلي عن المقاومة باعتباره استسلامًا يزيد من شهيته لابتلاع المزيد من الأراضي والحقوق.

وهنا يجب التذكير بشكل مختصر بهذه الخطايا التاريخية التي وصفت زورًا بـ"السلام"، وما نتج عنها من مأساة حالية ترفع فيها "إسرائيل" علنًا خريطة "إسرائيل  الكبرى" دون حياء من العالم ومن الدول التي ارتمت في أحضان "السلام" المزعوم وسعت وراء أوهامه.

أولا: معاهدة "السلام" المصرية "الإسرائيلية" (1979):

وهي معاهدة جاءت بعد اتفاقيات "كامب ديفيد" عام 1978، حيث افتتحت مصر مشهد توقيع المعاهدات مع العدو، بدعوى استعادة سيناء وبوعود فضفاضة لـ"السلام الشامل" وإعادة الحقوق للفلسطينيين، وبموجبها حصل أنور السادات ومناحيم بيغن على جائزة "نوبل للسلام" لعام 1978، وبموجبها فرّطت مصر بكافة أوراق القوّة الناعمة والخشنة وأصبحت رهينة الديون الخارجية والداخلية بعد ارتهانها لصندوق النقد الدولي ودول الخليج، وبموجبها لا تستطيع مصر حتّى إدخال المساعدات لجوعى غزّة على حدودها بعد أن كانت تدير القطاع وتسعى مع أمتها لاستعادة القدس المحتلة وأراضي 48، وأصبح سقف خطاب مصر هو المبادرة السعودية والحديث عن أراضي 67، وأصبح منع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء قمة البطولة!.

ثانيًا: اتفاقيات "أوسلو" (1993-1995):

وهي اتفاقيات إطارية بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل"، أدت إلى اعتراف متبادل وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، وناقشت منذ 32 عامًا ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي ونصت الاتفاقية، على أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئون، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، العلاقات والتعاون مع جيران آخرين.

ورغم تفريط منظمة التحرير بمعظم فلسطين التاريخية وتمسكها بالضفّة وغزّة فقط، إلا أن العدوّ وراعيه الأميركي اكتفيا بسلطة فلسطينية شكلية في رام الله وبمرور الوقت أصبحت سلطة تنسيق امني تعمل لصالح العدوّ وتستهدف المقاومة، ووصل الحال للإعلان عن نية ضم الضفّة وتهجير أهل غزّة ورفض الحديث عن أي دولة وأي دور لسلطة فلسطينية!.

ثالثًا: معاهدة "السلام" الأردنية "الإسرائيلية" (وادي عربة) 1994:

وبموجبها أصبح الأردن ثاني دولة عربية توقع "معاهدة سلام" رسمية مع العدوّ "الإسرائيلي"، وتناولت المعاهدة إلى جانب إنهاء حالة العداء تسوية الخلافات الحدودية وقضايا المياه، كما وضعت أسسًا للتعاون في مجالات متعددة مثل السياحة والتجارة. 

ونصّت المادّة التاسعة على الاعتراف بالدور الخاص للأردن في رعاية المقدسات الإسلامية في مدينة القدس، وتعهدت "إسرائيل" بإعطاء هذا الدور أولوية عالية في مفاوضات الوضع النهائي.

كما وافقت "إسرائيل" على تزويد الأردن سنويًا بـ50 مليون متر مكعب من المياه، ومنح الأردن حق الانتفاع بـ75٪ من مياه نهر اليرموك. كما اتفق الطرفان على تطوير مصادر مائية جديدة والتعاون في مواجهة فترات الجفاف، بما في ذلك مساعدة "إسرائيل" للأردن في تقنيات تحلية المياه، وتعهد الطرفان بـالتعاون في معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك إنشاء لجنة رباعية تضم "إسرائيل"، الأردن، مصر، وممثلين عن الفلسطينيين للعمل على إيجاد حلول للقضية.

وبعد 31 عامًا من الاتفاقية نجد ان الكيان يعلن القدس عاصمة أبدية له بل ويمنع سفير الأردن من دخول باحة الأقصى وتلوح "إسرائيل" علنًا بضم الضفّة وتهجير الفلسطينيين للاردن، وحتّى على مستوى اتفاقيات المياه، يتهم خبراء دوليون في قطاع المياه "إسرائيل" بسرقة المياه الأردنية من نهر الأردن، ومياه الآبار الجوفية بمنطقة وادي عربة والغمر جنوبي المملكة، بل يتم بيع تلك المياه إلى الجانب الأردني بواقع 50 مليون متر مكعب سنويًا.

رابعًا: "اتفاقيات إبراهام" للتطبيع 2020

وهي مجموعة من الاتفاقيات التي توسطت فيها الولايات المتحدة، وأسست لتطبيع العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين "إسرائيل" وأربع دول عربية إضافية، وهي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، والتي قوبلت بطمع أميركي و"إسرائيلي" في استغلال الاتفاقيات لحصار المقاومة والتنسيق الأمني والاستخباراتي وتحويلها إلى حلف عسكري "ناتو عربي"، ولم تشفع هذه الاتفاقيات للأنظمة العربية في مطالبها ومناشداتها لوقف حرب الإبادة، بل لم تشفع حتّى في إنقاذ دولة مثل السودان من الحرب الاهلية والدمار. 

نظرة على اتفاقية 17 آيار:

معاهدة أو اتفاق 17 أيار 1983 كان مشروعًا لما سميّ "اتفاق سلام" بين الحكومة اللبنانية و"إسرائيل"، وقد ألغي قبل المصادقة عليه بعد أقل من عام أمام الرفض الشعبي باعتباره "اتفاق عار"، وهو جرى في ظروف مشابهة للظرف الراهن، وقد تسبب باهتزاز حكم الرئيس أمين الجميّل وإضعاف الزعامات التي أيّدت الاتفاق، وبالتالي لا ينبغي لدولة عاقلة ان تكرّر ذات الخطأ والعقل والوطنية يحتمان الاستقواء بالمقاومة لا معاداتها. لأن الثابت الأكيد والوحيد هو أن التفريط بأوراق القوّة وأي تفاهم مع العدوّ على حساب المقاومة هو بمثابة تكرار لنفس الخطيئة ويعد سيرًا في مسار ابتلاع المزيد من الحقوق، بل وابتلاع لبنان بأكمله. والشواهد على ذلك لا تعد ولا تحصى، بدءًا من دخول العدوّ لرفح منتهكًا "اتفاقية السلام" مع مصر واحتلاله معبر فيلادلفيا مخالفًا اتفاقية المعابر وبروتوكولات "كامب ديفيد" الملحقة بالاتفاقية ودخوله إلى سورية حيث ترتع قواته ودباباته ومسيراته في دمشق وريفها وتنصب الحواجز وتعتقل السوريين وتسعى علنا لتقسيمها طائفيًا رغم ركون السلطة الجديدة إلى التفاوض وتمهاهيها مع مسار التطبيع، ويسعى العدوّ لضم الضفّة وانتهاك اتفاقيته مع الأردن، ناهيك عن اتفاقياته مع الفلسطينيين التي ابتلعها بالكامل.

الكلمات المفتاحية
مشاركة