اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي فيديو | السيد الهاشمي.. من الولادة إلى الشهادة المباركة

نقاط على الحروف

كلمات على حافّة نهر الدّموع..
نقاط على الحروف

كلمات على حافّة نهر الدّموع..

كلمات على حافّة نهر الدّموع..
2193

بقيت عبارة نهر الدموع مجازًا في أذهاننا حتى يوم أمس.. فماءُ الأرواح الذي سُيّل دموعًا في تشييع السيّدين الشريفين كان نهرًا يجري بكلّه ناحية شمس في نعشين.. 

بمزيد من اللّوعات والحزن المهيب، ذرفت الرجال الرجال دمعَ الفقد وتجديد العهد، وبكت النساء بحرقة ألف ألف أمّ لوّعها الشوق إلى حبّة العين ومهجة الرّوح.. صاح الفتية بوجع فاض عن حواف التجلّد والتصبّر بتنهيدات الألم الكاسر كلّ عتبات التحمّل، وخبأت الفتيات الوجوه بخمار الدمع الأحرّ، وغصّت الجموع الصابرة المؤجلة حزنها بآهات الفراق المرّ والصبر على الجمر الذي استقرّ متوهجًا إلى الأبد في صدور العاشقين.. بالأمس، تولّد من رحم القلوب الحرّة حزن ثائر عنوانه البقاء على عهد السيد حسن، المؤتمن الأمين.. 

أرأيت قبل اليوم بالعين آلاف اليتامى يتلون الفاتحة بصوت واحد عند نعش أبيهم؟ بالأمس كنا هؤلاء.. 

أرأيت قبل اليوم ألوفًا مؤلفة من الأمهات التي تذرف روحها جمرًا مسيّلًا وتسقي من حرارة روحها تراب الأرض، حتى إذا ما ووري نور العين في ثراه وجد التراب دافئًا كضمَة أمّ؟ بالأمس كنّا الأمهات..

أرأيت قبل اليوم أرواحًا تجسّدت بأسود الحداد ترد السّلام بلغة الدّمع الزلال على صوت غاب ولا يغيب "يا أشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس، السلام عليكم..."؟ بالأمس كنّا هؤلاء..

أرأيت قبل اليوم قومًا في عزاء حبيبهم، يأتيهم سرب الطائرات القاتلة ويعبر فوق رؤوسهم، فيقفون بتحدٍّ وشموخ، ويصيحون بدون تردّد أو تراجع أن طاب الموت في حضرة النعش الحبيب؟ بالأمس كنا هؤلاء..

أرأيت قبل اليوم أفراد مجتمع استحال بكلّه عائلة الشهيد التي تتقبّل في عزاه التبريكات من كلّ أحرار الأرض؟ بالأمس كنّا هؤلاء.. وصرنا، بكلّ عزّ وافتخار، من ضمن المجمع المقدّس لعوائل الشهداء..
 
يوم أمس، وإن اختلف البعض في إحصاء كمّ الجمع، كلُّ الحاضرين كانوا من حملة هوية الشرف المقدّس.. وذلك من كرامات الشهيدين وعزّهما عند الله قبل الناس.. ولا ضير من غياب من فقدوا هذه الهويّة أو وُلدوا بدونها.. ولا ضير من عدم إقرار العدا بهيبة الحضور وقوّته، فلم نسمع قبل اليوم عن عدوّ يقرّ بخيبته، أو عن خصم لا يفقه من شرف الخصومة شيئًا يحترم العقول ونفسه، فيصمت حين يعييه مشهد بهذا الحجم من الثبات والصبر والقوّة.. من اليمن، من العراق، من إيران، من سائر دول العالم، حضر الأحرار ليواسوا في المصاب أهل المقاومة في لبنان، بل حضروا كأهل وأحبة، بشخوصهم أو بقلوبهم، ليشيّعوا رمز الأمة المهيب وشهيدها الأقدس.. وكان المتعذر حضورهم شخصيًا أكثر بكثير ممّن حضر.. 

دموع من كلّ لغات ولهجات أهل الأرض فاضت، وطافت بالنعش إلى مثواه الأخير.. هناك حيث عزّ على المودّعين أن تُوارى الشمس قبل أن يلتمسوا من دفء النعش قطرة حبّ، تكون كفاف أيامهم الباقية، وعزاء لوعتهم التي لا تخبو نارها..

يا سيّدنا، يا تاج رؤوسنا الشامخة بك، هل رأيتنا يوم أمس؟ هل آلمك مشهدنا وقد استحلنا كلّنا حبّات دمع تمشي على قدمين؟ نعرف أنك تألم لألمنا، نحن الذين حين ضاقت علينا المعيشة بفعل الحصار صمتَ، وحين تحدّثت عن صبرنا في مواجهة الضائقة الاقتصادية الخانقة التي ارتكبتها أميركا غصّ صوتك بالوجع، وحين شرحت معنى صمودهم الأسطوري والتفافهم حول المقاومة التمعت عيناك عزًّا وحبًّا، والذين قلت لهم ردًّا على قولهم أنّهم "فِداك" بأنَك أنت وأهلك وولدك فداء لهم.. لم نرد في لحظة سطوع الألم أن نوجعك.. لكنّه الفراق يا سيّد العاشقين مرّ علقم.. وتدري بأنّه مهما تعاظم لا يمسّ العهد.. بالأمس يا سيّد، نهر الدموع تهادى بين ضفتين: إنّا على العهد يا نصر الله، والسلام على الحسين..

الكلمات المفتاحية
مشاركة