إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس 15 أيار 2025، بالتطورات الإقليمية، وعلى رأسها زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، وما حملته من لقاء مع رئيس السلطة السورية أحمد الشرع وتصريحات معادية لإيران.
التراجع عن الخدعة السياسية التي يمارسها البيت الأبيض
كتبت صحيفة همشهري:" خلال وجود ترامب في البيت الأبيض، شهدنا تغيرًا في مواقفه وتراجعًا في نهجه تجاه إيران. ويتعلق جزء كبير من هذه القضايا بترامب شخصيا؛ فخلال هذه المرحلة، أدلى بالعديد من التصريحات عن مختلف القضايا الإقليمية وأطلق تهديدات، لكن لم ينفذ أي منها. على سبيل المثال، في موضوع حرب غزة، هدد بتحويل المنطقة إلى جحيم إذا لم يطلق سراح الرهائن الإسرائيليين، وحتى إنه حدد موعدًا نهائيًا لهذه القضية، ولكن في النهاية لم يطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ولم يفعل شيئًا خاصًا". وفي مناقشة حرب الرسوم الجمركية، رأينا أيضًا أنه قبل أن تبدأ الحرب، تراجع ترامب عن مواقفه. وبشكل عام، هو يستخدم الخداع السياسي بشكل كبير في خطاباته، وتحديدًا، مع إيران. وتجدر الإشارة إلى أن ترامب عندما يستخدم قضية التهديدات ويصل إلى مرحلة التنفيذ، لا ينفذها لسبب ما. والآن بعد أن بدأت المفاوضات، لم يعد يطلق التهديدات العسكرية كما فعل في بداية رئاسته، وربما يأمل في التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق مع إيران.
تتابع الصحيفة: "خلال زيارة ترامب الأخيرة إلى الشرق الأوسط، شهدنا قوله إنه إذا لم تقبل إيران المقترحات التي سلمناها لها، سنفرض عليها عقوبات شديدة. وفي هذا التصريح، تراجع بشكل أساسي عن مواقفه الجذرية ويريد مواصلة عمله في مجال العقوبات، كما يطلب من الدول العربية في المنطقة أن ترافقه في هذه القضية.
وبطبيعة الحال، تجدر الإشارة إلى أن هذه القضايا لا تعني أن ترامب لم يعد يفكر في مسألة التهديدات العسكرية، وربما يقرر تهديد إيران مجددًا بعد عشرة أيام، لكنه تراجع عن هذا الموقف حاليًا، وهذه مسألة تعود إلى شخصيته من جهة، وهو من جهة أخرى يرى عمليًا أن تنفيذ هذه التهديدات سيترتب عليه تكلفة باهظة على الولايات المتحدة. لا ينبغي لنا أن نأخذ أقوال ترامب بجدية ونبني قراراتنا على أساسها، بل يجب أن نقيم سلوكه. ولكن لا يوجد أي أساس لادعاءاته بجلب الرخاء والسعادة للإيرانيين، ولا ينبغي لنا أن نأخذ تهديداته على محمل الجد".
رسالة إيرانية إلى الرحلة العربية
كتبت صحيفة قدس:" مع أن زيارة دونالد ترامب إلى دول الخليج الغنية بالنفط كانت تهدف إلى تسويق وتمويل الاقتصاد الأميركي المتدهور، إلا أن تصريحاته التي ركزت على إيران، بصرف النظر عن محتوى التصريحات، أثبتت أهمية ومكانة بلادنا الاستراتيجية. وكانت زيارته وخطاباته في الرياض تحمل، أيضا، رسائل للمجتمع الإيراني. لكن من خلال اللجوء إلى لغة مبتذلة مثل ارتفاع ناطحات السحاب في دبي ومقارنة المجتمع الإيراني ببعض جوانب الدول العربية. ... في حين أظهر أحدث تقرير للأمم المتحدة، في الأسبوع الماضي، عن مؤشر التنمية البشرية أن إيران من بين الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة للغاية، على الرغم من كل الضغوط والعقوبات. كما انتقد أيضا سوء الإدارة واختلال التوازن مثل انقطاع التيار الكهربائي أو نقص المياه، وهي أوضاع مماثلة موجودة في كل بلدان العالم تقريبا، حتى في الولايات المتحدة نفسها. ولكن على حد تعبير قائد الثورة؛ هذه الجروح هي التي قد يحط عليها الذباب وإزالتها تحتاج إلى جهد إضافي. ولم يتردد الرئيس الأميركي حتى في تحريف التاريخ؛ فاتهم إيران بتدمير الشرق الأوسط وإشعال الحرب الأهلية اللبنانية، حرب اندلعت قبل أربع سنوات من الثورة الإيرانية وولادة المقاومة الإسلامية، وفي الوقت نفسه الذي أقامت فيه أميركا وفرنسا قواعدهما في حضن عروس الشرق الأوسط بيروت. وللمفارقة كانت المقاومة الإسلامية في لبنان نتاجًا لهذه الحرب، لإعادة الاستقرار إلى لبنان من خلال طرد المحتلين واحتواء المرتزقة المحليين".
تذهب الصحيفة إلى التأكيد على أن ترامب في خطابه جعل هدفه من التفاوض مع إيران أكثر وضوحا؛ حتى لا تتمكن إيران من دعم محور المقاومة، ولهذا يجب ألا تمتلك إيران المال! في واقع الأمر، إنها لا تقبل أي اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى أي انفتاح اقتصادي وتدفق لرؤوس الأموال. ومع أنه يتذرع بدعم إيران للمقاومة، لكنه يعترف أيضًا بأن هدفه هو ضمان ألا يكون لدى الإيرانيين أي أموال، لا للمقاومة ولا لغيرها!.... كلمات ترامب كانت أيضا بمثابة انتكاسة واضحة. لقد تراجع بشكل واضح عن التهديدات العسكرية، وهو الذي اضطر في الأيام الأخيرة إلى التوصل إلى اتفاق مع حماس في غزة والتنازل مع أنصار الله في مواجهة الخنجر اليمني. لقد وضع سلاح العقوبات على الطاولة مرة أخرى؛ خيارًا وصل إلى حد التشبع تقريبًا وفقد فعاليته، على الأقل على أنه تهديد. ومع ذلك، أعتقد أن التهديدات العسكرية كانت تهدف في الأصل إلى بث الخوف، والهجوم العسكري واسع النطاق يتجاوز قدرات أميركا ودوافعها لأسباب مختلفة".
لقاء إرهابي بعرّاب الإرهابيين
صحيفة كيهان علّقت على اللقاء الذي جمع المدعو أحمد الشرع بالرئيس الأميركي؛ وقالت:" دونالد ترامب، والذي اتهم سلفه باراك أوباما بدعم الإرهاب وإنشاء تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، اتبع الآن المسار نفسه بكل وضوح. أعلن البيت الأبيض لقاء بين الرئيس الأميركي وزعيم "هيئة تحرير الشام" في الرياض. وقد جذبت صور عرّاب الإرهاب (رئيس الولايات المتحدة) والإرهابي المرتزق الانتباه. [...] إن هذا اللقاء في الرياض ليس مجرد لقاء عادي، هو إشارة إلى استمرار السياسة نفسها التي كانت تؤجج نيران الأزمات لعقود، ولكن هذه المرة بملابس أكثر رسمية ووجه أكثر تهذيبًا. ...وما يجعل هذا الاجتماع أكثر إثارة للدهشة ليس فقط التحول الغريب في المواقف الأميركية، بل الكشف عن الطبيعة الحقيقية لاستراتيجية واشنطن في المنطقة: التنازل عن أي قوة تخدم مصالح أميركا وحلفائها على المدى القصير، حتى لو كانت تلك القوة مدرجة على قائمة الإرهابيين الخطيرين حتى الأمس. وهذا نمط مألوف؛ وهذا بالضبط ما فعلته إدارة رونالد ريعان مع الأفغان في ثمانينيات القرن العشرين، وهو الشيء نفسه الذي فعلته مع الإرهابيين التكفيريين في العراق بعد صدام.
تتابع الصحيفة: "ومن المثير للاهتمام أيضًا تزامن هذا اللقاء مع هجوم الطائرات المسيّرة الذي شنته "إسرائيل" على طرطوس السورية، لقد صممت المعادلات الجديدة في المنطقة ليس فقط من خلال تجاهل السيادة الوطنية للدول، ولكن أيضًا من خلال تغيير الحقائق على الأرض من خلال القوة والتنازلات في الوقت نفسه. وبينما تستمر الانفجارات على الأراضي السورية، يخطط السياسيون في الفنادق الفاخرة في الرياض لمستقبل لا يملك سكان المنطقة فيه سوى أقل قدر من الكلمة في كتابته. ..إن هذا اللقاء هو انعكاس لأزمة الهوية في السياسة الأميركية أكثر منه إشارة إلى المصالحة. إن تحول إرهابي مطلوب إلى شريك سياسي لا يشير إلى نهاية الإرهاب، بل إلى بداية مرحلة جديدة: الإرهاب الموسع والرسمي والموافق عليه من السلطات. ولكن في السياسة، أعداء الأمس هم شركاء الغد؛ ولكن هناك مشكلة صغيرة واحدة فقط: يجب على الناس أن يدفعوا الثمن في هذه الحال".