عين على العدو

هكذا طُردت "إسرائيل" من طاولة الشرق الأوسط الجديد
الدولتان الراعيتان الأساسيتان للقاء ترامب-الشرع هما السعودية وتركيا
رأى المحلّل الصهيوني في صحيفة "إسرائيل هيوم الإسرائيلية" يهودا بلنغا، وهو خبير بشؤون العالم العربي في قسم الشرق الأوسط في جامعة بار-إيلان، أنّ "اللقاء الذي جرى بالأمس بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس السلطة السورية أحمد الشرع ليس حدثًا تاريخيًا فقط لكونه أول لقاء من نوعه بين زعيمي البلدين منذ 25 عامًا، بل لأنه شكّل أيضًا اعترافًا أميركيًا بقيادة تنظيم إرهابي (هيئة تحرير الشام) التي استولت على السلطة في سورية بانقلاب دموي، رغم أن رأس قائدها كان مطلوبًا مقابل عشرة ملايين دولار. المرة الأخيرة التي جرى فيها لقاء رفيع المستوى كهذا بين أميركا وسورية كانت في جنيف، في آذار/مارس 2000، في محاولة أخيرة من الرئيس بيل كلينتون لإنقاذ مفاوضات "السلام" بين حكومة إيهود باراك وحافظ الأسد".
ولفت بلنغا إلى أنّ "اللقاء جرى بوساطة السعودية وتركيا، وهما القوتان الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط حاليًا، والمحركتان الرئيسيتان لأحداث الإقليم على رقعة الشطرنج الجيوسياسية. أما "إسرائيل"، فقد بقيت على الهامش، تمامًا كما يُقصى طفل من مجموعة "واتساب" الصفية. الجميع دُعي إلى الحفل في الرياض، ونحن في الخارج، نحاول التقاط المعلومات عن التحولات الزلزالية في المنطقة دون أي قدرة على التأثير فيها".
وتابع الكاتب: "إلى أي مدى "إسرائيل" غائبة عن الحدث؟ الدولتان الراعيتان الأساسيتان للقاء ترامب-الشرع هما السعودية وتركيا. الأولى، تحاول "إسرائيل" منذ سنوات التقرب منها دون جدوى، والثانية، علاقاتها مع "تل أبيب" على حافة الانفجار وتشوبها العداوة الدائمة. وحتى لو كانت تركيا خصمًا، فقد كان يمكن لـ"إسرائيل" العمل مع السعوديين على جدول أعمال واضح لغزة وسورية. خطة إطار "لليوم التالي" لم تكن لتقرّب الرياض من "القدس" فحسب، بل كانت ستخفف أيضًا من الضغوط الأميركية والأوروبية والعربية على "إسرائيل". بالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن إشراك كلٍّ من مصر والأردن في هذا المسار، وهما بدورهما تشعران بالقلق من تصاعد النفوذ الإسلامي في سورية، وتخشيان على أمنهما بسبب أزمة اللاجئين في قطاع غزّة".
أما الساحة السورية، وفق تعبير الكاتب، فلم يكن ينبغي تركها بالكامل لأردوغان الذي يحاول الآن، بدعم أميركي، فرض نظام جديد في الأراضي السورية المدمرة. وإذا صدقت التسريبات الواردة من الإعلام العربي، فإن رفع ترامب للعقوبات عن سورية – رغم طلبات نتنياهو بعدم فعل ذلك – يدل على رؤية أميركية مختلفة تمامًا للشرق الأوسط: مصالح مغايرة، وإستراتيجية مغايرة، وأجندة جديدة.
حتى، وإن بدا للوهلة الأولى أن الفرصة قد أفلتت من يد "إسرائيل"، لا يزال لديها فرصة لتصحيح المسار، من خلال بلورة إطار سياسي واضح لقطاع غزّة وإعلان نوايا صريحة بشأن موقفها من سورية، بإمكانها أن تعيد دمج نفسها في الخارطة الإقليمية التي يقوم ترامب برسم ملامحها حاليًا في الشرق الأوسط"، وفق زعم الكاتب.