اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي السيد الموسوي: إلى متى سيستمر وزير الخارجية ملتزمًا بسياسة حزبه على حساب مصلحة الوطن؟

تحقيقات ومقابلات

تحقيقات ومقابلات

صراطُ قادر نحو التحرير.. مدرسة عسكرية إسلامية لامعة

1252

شَابَ الحاج عبد القادر - إبراهيم عقيل بين الجبال والتلال والمحاور. عمرٌ طويلٌ بذله كيْ تكبُر المقاومة ولا تشيخ يومًا، بل تُراكم تجاربها وتستثمر فيها. جنوبًا، غرَسَ مسؤول عمليات جبل عامل في أواخر التسعينات بذورًا من إرادة القتال التي اشتدّت إلى أن غلَبَت في يوم التحرير الكبير. 

تآخى الحاج عبد القادر وصخور الجنوب، شجره وقُراه المُتاخمة لفلسطين. برفقة الحاج رضوان - القائد الحاج عماد مغنية، نَسَجَ شبكاتٍ قتالية بتكتيكات وأساليب ابتدعها لمُقارعة جيش العدو النمطي والنظامي. في سنوات الاحتلال الأخيرة للجنوب وما تلاها، كثّف الحاج عبد القادر العمليات الجهادية المؤثّرة والمؤلمة في صفوف الصهاينة واللّحديين. أخرَج تشكيلات المقاومة التي درّبها بشكل مُركّز، من دائرة الدفاع إلى المُبادرة والهجوم، مُبتعدًا عن كلاسيكية الاشتباك والنزال، ناقلًا فرق المجاهدين إلى مرحلة الضربات المُبرحة التي ستؤدي في ما بعد إلى انسحاب "إسرائيلي" غير منظّم لم يضعه رئيس حكومة العدو آنذاك إيهود باراك في حساباته.

بعد عاميْ 1996 و1997، تصاعد أداء المقاومة الميداني. العمليات باتت بالعشرات شهريًا، اقتحام مواقع، تفجير عبوات، قصف مستعمرات، عمليات استشهادية، أسر وتصفية عملاء. تعدّدت الطرق والهدف واحد: الوصول إلى دحْر العدو بلا قيد أو شرط.

توثيقًا لفترة قيادته في تلك الفترة التاريخية والحسّاسة من عمل المقاومة، اطّلع موقع "العهد" الإخباري على مقابلة في أرشيف الإعلام الحربي لتلك الحقبة الذهبية التي تولّى فيها الحاج عبد القادر عمليات جبل عامل.

حديث التاريخ

في حديث مُسجّل له بتاريخ 15/12/2020، أي قبل 4 سنوات من عروجه، يُسهب الحاج عبد القادر في استعادة أيام التحرير الخمسة الأخيرة. طلاقة في سرْد التاريخ والتجربة التي لم تعهدها الشعوب العربية. وضع الحاج عنوانًا لعمله منذ تكليفه بقيادة عمليات جبال عامل: دفع "الإسرائيلي" إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني تحت النار، بلا مساومات أو حتى مفاوضات. 

تكتيات القتال والانسحابات 

كان الوضع مُلتهبًا داخل كيان العدو، والنقاش في كيفية تنفيذ نيّة الانسحاب التي أعلنها حينها إيهود باراك، والبحث جارٍ من أجل إيجاد مخرج يرضي "الإسرائيلي" ويضع جيش لحد في الواجهة كـ كاسحة ألغام أمام جيش الاحتلال، بما يُحقّق أمانًا لجنوده بحيث لا يفقد أيًّا منهم، فيُصار إلى استخدام اللّحديين كأحجار "دومينو" تُضحّي بهم "تل أبيب" وتحافظ على عناصرها أحياءً. 

عقلية الحاج عبد القادر كانت تقوم على تطوير سُبل القتال وتوجيه الضربات وكسْر هيبة المحتلّ ولاسيّما جنرالاته في الجنوب المحتلّ، وعلى رأسهم قائد المنطقة الشمالية عميرام ليفين وقائد وحدة الارتباط في جنوب لبنان في ذلك الوقت بني غانتس. 

في الأيام الخمسة الأخيرة قبل حلول الـ25 من أيار، كانت قد بدأت الانسحابات. الافتتاحية كانت في جزين. في عقيدة قيادة المقاومة، الأولوية هي لطرد العدو من محور قرى جزين وإفقاده القدرة على الاحتفاظ بها وكسر ارتباطه بجبهة البقاع الغربي والحؤول دون اللعب على استغلال هذا التنوّع الطائفي في جزين إضافة إلى إحباط مخطّطه في التعويل على جيش لحد لخلافته في المنطقة. وللغاية، وجّهت المقاومة ضربات تلو الضربات من أجل تدمير جيش العدو، ونوّعت عملياتها في جزين إن من جهة عمليات البقاع الغربي، أو من جهة عمليات جبل عامل، إلى أن تكلّل العمل بقتل قائد فوج جزين في جيش لحد، فلم يستمرّ احتلالها ثانية. 

خطة الحاج عبد القادر استُكملت. توالت الانسحابات في القنطرة التي عُدّت مؤشرًا رئيسًا على بدء الانهيار الفعلي لجيش العدو. في الأثناء، واكب الحاج بالتنسيق مع قيادة المقاومة ومسؤول منطقة الجنوب آنذاك الشيخ الشهيد نبيل قاووق تحرّك الأهالي والناس الذين خرجوا تباعًا في الطيبة. بالموازاة، كان المجاهدون على أُهْبَة الاستعداد لتفجير العبوات في لحظة يُطلب منهم ذلك في حولا وميس الجبل. 

تسارعت الأحداث، وخرجت عن سيطرة المحتلّ. الانسحابات تمّت على عجل، ولم ينظّمها حتى رغم صدور مطالبات من اللّحديين البارزين في تلك المرحلة بألّا يُتركوا لمصيرهم، وأن يُصار إلى معالجة ملفّهم دون أن يندحروا مع الجيش "الإسرائيلي". 

ضربة عرمتى

كان التأسيس لذلك كلّه في عرمتى، حيث العملية الإستراتيجية بكلّ المقاييس. تشارك الحاج عبد القادر والحاج رضوان المهمّة. اختير موقع عرمتى في عمق منطقة الريحان. كان الترجيح بحسب الحاج عبد القادر أن حالة الانهيار بدأت في صفوف الصهاينة وستؤدي في نهاية المطاف إلى هروب المحتلّين. فتحت العملية المجال أمام السيطرة على المنطقة وتنفيذ عمليات فيها قبل شهر من التحرير الموعود. ضربت المقاومة الموقع المحميّ من مواقع بئر كلاّب والمثلث. وتلاها عملية اقتحام موقع البياضة، ففي هذه العملية تقرّر تضليل العدو باتجاه طير حرفا عبر استخدام الدبابة للمرة الأولى، واخترق المجاهدون حقول الألغام والأسلاك الشائكة. وفي ختامه، فجّروا الموقع على رؤوس من بقي حيًّا فيه، ونجحت العملية. 

الأيام الأخيرة

في الأيام الثلاثة الأخيرة للتحرير، كان الحاج عبد القادر والحاج عماد معًا عند الحافّة الأمامية. في بنت جبيل كذلك مع مسؤول محورها آنذاك الشهيد (أبو طالب) بهدف المواكبة الأمنية لدخول الناس إلى القرى التي كانت تتحرّر تدريجيًا. حضر الحاج عماد إلى بئر السلاسل، وذهب ومسؤول عمليات جبل عامل إلى الشريط وإلى عين إبل. بقيا في المنطقة المحرّرة أسبوعًا كاملًا، بموازاة الحفاظ على جهوزية المقاومة واستنفارها في تلك اللحظات الاستثنائية حتى تؤمن هروب المحتلّ من كلّ المواقع وتركه الآليات والتجهيزات، إلى أن وصلا إلى أقرب مسافة من فلسطين كفركلا. 

تحقّق الانسحاب يوم الـ25 من أيار، لكن المهمّة وفق منطق الحاج عبد القادر لم تنتهِ. كان هناك استحقاق بانتظاره مع رفاق السلاح: تأمين مهرجان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في بنت جبيل عسكريًا.

مدرسة عسكرية إسلامية

  قارَبَ الحاج عبد القادر رسالة وجود ودور المقاومة عميقًا. دربٌ ممتدٌّ لأربعة عقود، جعل منه مؤسِّسًا لمدرسة عسكرية إسلامية صافية، عمادها الإخلاص لله والارتباط الوثيق بخطّ كربلاء. مدرسةٌ تقوم على التدريب النُخبوي المركّز  لتكبيد العدو الخسائر، بالقتال، بالحرب النفسية، بالكمائن والعبوات، حتى الثبات على صراط الشهداء.

الكلمات المفتاحية
مشاركة