إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد 22 حزيران/يونيو 2025 بالتطوّرات القائمة في البلاد حول الحرب وكذلك رصد التطورات في الكيان الصهيوني ومراقبة أزماته المتتالية.
"وقف إطلاق النار" لا استمرار النار
بداية، كتبت صحيفة كيهان: "على الرغم من الرقابة الشديدة على أخبار الحرب من قِبَل النظام الصهيوني، تشير العديد من الأدلة إلى يأس الصهاينة وندمهم على الهجوم على إيران [...] وبالإضافة إلى مئات التقارير التي تبثها وسائل الإعلام الغربية يوميًا حول موجة من الذعر بين الصهاينة المقيمين في فلسطين المحتلة، الإعلام الصهيوني، على الرغم من الرقابة الشديدة، يعلن أيضًا عن انتشار الخوف والذعر في جميع أنحاء البلاد. كانت موجة هروب الصهاينة كبيرة لدرجة أنّ النظام الصهيوني أعلن عن منع عبور من منطقة إلى أخرى. أمس، تظاهر سكان فلسطين المحتلة، الذين شكّلوا حشودًا كبيرة في "تل أبيب"، وهتفوا بشعار "إيران! آسفون" ومع ذلك، في الجانب الآخر من المعادلة، في إيران، جميع الجماعات والأحزاب السياسية، والجماهير المليونية من الناس، والفنانين، والرياضيين... جميع فئات المجتمع، وضعوا جانبًا اختلاف وجهات النظر والميول، وأظهروا ملحمة رائعة وغير مسبوقة من الوحدة والتلاحم".
وأضافت الصحيفة: "كانت صلوات الجمعة هذا الأسبوع في جميع أنحاء البلاد تحت عنوان جمعة الغضب والنصر غير مسبوقة في تاريخ الثورة، ويمكن القول إنّ صلاة الجمعة في طهران كانت فريدة من نوعها، حيث لم تشهد أماكن إقامتها حتّى أمس هذا العدد الكبير والمكثّف من الناس. كان الناس من الرجال والنساء والشباب وكبار السن يطالبون بصوت واحد باستمرار الحرب حتّى يتم تدمير النظام الصهيوني بالكامل. التعاون والتضامن بين الناس كان يجلب الدموع إلى عيونهم".
وتابع قولها: "[...] الأدلة المذكورة وعشرات العشرات من الأمثلة الأخرى من هذا القبيل تشير بوضوح إلى التراجع والفشل الذي يعيشه النظام الصهيوني. بمعنى آخر، "إسرائيل"، من خلال حماقتها في الهجوم على إيران الإسلامية، قد فتحت آلية محو نفسها من جغرافيا العالم، ومن الطبيعي أنْ تنظر إلى خلاصها من المأزق الذي أوجدته في نهاية الحرب. بالضبط لهذا السبب، طرحت بعض وسائل الإعلام الصهيونية والعديد من وسائل الإعلام والمسؤولين الغربيين، تحت ستار خداع السلام والصداقة، ضرورة وقف إطلاق النار".
أزمة ثلاثية الأبعاد للنظام الصهيوني
هذا؛ وكتبت صحيفة "وطن أمروز": "في أعقاب هجوم النظام الصهيوني على إيران، بدأت موجة من الهجمات الصاروخية من بلدنا على البنى التحتية الحيوية للنظام، والتي لا تزال مستمرة، وبناءً على ذلك حتّى (الأمس) تم تنفيذ 18 عملية صاروخية وطائرات مسيرة، مما أدى إلى نشوء أزمة متعدّدة الطبقات وغير مسبوقة في الأراضي المحتلة؛ أزمة تؤثر في الوقت نفسه على الأسس الاقتصادية والعسكرية والطاقة والثقة الداخلية والدولية للنظام، وجعلت مستقبل واستقرار هذا البلد موضع تساؤلات جدية. والأزمات هي:
1. اضطراب منهجي في الاقتصاد وتراجع الناتج المحلي الإجمالي: وفقًا لتقارير وسائل الإعلام العبرية، تُقدّر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الهجمات الصاروخية الإيرانية يوميًا بنحو 1.5 مليار دولار، وقطاع الخدمات، الذي يمثل حوالي ثلثي اقتصاد "إسرائيل"، أصبح شبه مشلول، وتوقفت العديد من الأنشطة الاقتصادية في مناطق رئيسية مثل "تل أبيب" وحيفا و"بتاح تكفا". استمرار هذا الوضع سيؤدي قريبًا إلى أنخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي، وحتّى بدأت تظهر علامات على الركود الاقتصادي. من ناحية أخرى، وصلت الديون العامة لـ"إسرائيل" إلى حوالي 380 مليار دولار، مع زيادة معدلات الفائدة والعجز المتزايد، مما أضاف ضغطًا إضافيًا على الموارد المالية للحكومة. وقد حذر المحللون أنه إذا استمرت الحرب، يمكن أن يتجاوز العجز المالي 8.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي ويصبح واحدًا من أكبر الفجوات المالية لـ"إسرائيل" في العقود الأخيرة.
2. أزمة في التجارة الخارجية وفقدان المصداقية الدولية: ميناء حيفا، كأهم بوابة تجارية لـ"إسرائيل"، تعرض لهجوم صاروخي مباشر، ونتيجة لذلك، في يوم الجمعة، أوقفت شركة الشحن الدولية "ميرسك" أنشطتها في هذا الميناء. هذه الحادثة لم تتسبب فقط في اضطراب الواردات والصادرات، بل خفضت بشكل ملحوظ ثقة المستثمرين الخارجيين في الاستقرار الاقتصادي لـ"إسرائيل".
3. ضغط غير مسبوق على الميزانية العسكرية والقدرة الدفاعية: وفقًا لتقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، تبلغ التكلفة اليومية فقط للدفاع الجوي "الإسرائيلي" حوالي 285 مليون دولار، وإذا تم احتساب بقية النفقات العسكرية بما في ذلك العمليات الهجومية، والطلعات القتالية، والإمدادات، تصل إجمالي نفقات النظام الصهيوني إلى 725 مليون دولار يوميًا. نتيجة لذلك، فقط خلال الأيام التسعة الأولى من الحرب، تم انفاق أكثر من 6.5 مليار دولار على الأنشطة العسكرية.
4. [...] تدمير مصفاة حيفا واضطراب في سلسلة الوقود: أحد الضغوط الإستراتيجية التي تعرضت لها البنى التحتية لـ"إسرائيل" كان تدمير مصفاة حيفا؛ وهي مركز كانت تعالج يوميًا حوالي 200 ألف برميل من النفط الخام، وكانت توفر نحو 60٪ من الديزل و40٪ من البنزين المستخدم في "إسرائيل". أدت الأضرار التي لحقت بهذه المصفاة إلى اضطراب سلسلة إمدادات الوقود، مما دفع النظام الصهيوني على الفور إلى زيادة واردات الوقود من دول مثل قبرص واليونان والبرتغال ومصر وأميركا. وفقًا لبيانات سوق الطاقة، ارتفعت مستويات واردات النفط والبنزين للنظام إلى أعلى مستوياتها منذ 2022. وأيضًا، مع زيادة الطلب الموسمي على الكهرباء وتراجع إمدادات الغاز الطبيعي، لجأت محطات الطاقة بشكل طارئ إلى استهلاك النفط الأسود والديزل؛ وهو ما يزيد الضغط على الاحتياطات الإستراتيجية ويزيد من خطر نقص الوقود في قطاع النقل والمستشفيات وشبكة توزيع الكهرباء للنظام الصهيوني.
5. [...] العملية المكلفة والطويلة والمستنزفة لإعادة الإعمار وفقًا لتقرير بعض الصحف الصهيونية الاقتصادية، تُقدّر تكلفة إعادة بناء كلّ متر مربع من المباني في المدن المتضررة مثل "بتاح تكفا" بحوالي 6,000 شيكل. نظرًا لمدى تنوّع الأضرار الناجمة عن الهجمات الصاروخية، يُقدّر أن إعادة الإعمار الشاملة للبنى التحتية ستستغرق سنوات. وقد زاد نقص الموارد المالية، وتباطؤ خدمات البناء، والضغوط الاجتماعية الناتجة عن التحولات السكانية من صعوبة هذه العملية".
لماذا يقدّم غروسي تنازلات لنتنياهو؟
بدورها، كتبت صحيفة رسالت: "السكون المذبوح والحقير لرافائيل غروسي تجاه استهداف المنشآت النووية الإيرانية من قِبَل النظام المتوحش والمحتل الصهيوني لا يزال مستمرًا. هذه المرة هي الأولى في تاريخ الوكالة التي يتم فيها تجاهل هجوم عسكري على منشآت نووية لدولة عضو في الوكالة ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية من قِبل المدير العام لهذه الهيئة. على أي حال، لا يُنتظر من غروسي أكثر من ذلك!".
وذكَرت أنّ "رافايل غروسي، المدير العام لـ"الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، قد أقر في الاجتماع الطارئ الثاني لمجلس الأمن بشأن الهجوم من العدوّ الصهيوني على إيران بأنه قد نتج عن الهجمات على المنشآت النووية في جمهورية إيران الإسلامية انخفاض شديد في مستوى السلامة والأمن النووي في هذا البلد، رغم أنه حتّى الآن لم تؤدِ هذه الهجمات إلى أنتشار المواد المشعة بمستوى يؤثر على الناس، لكن خطر حدوث مثل هذا الحدث قائم تمامًا".
وقالت: "يبدو أنّ غروسي يتحدث في مواقفه عن تجاوز واضح كما لو أنّ مثل هذه الظاهرة كانت طبيعية وعادية، وأنّه يجب الآن فقط التفكير في حماية تبعاتها الإشعاعية والبيولوجية! يتجاوز غروسي بسرعة إلى عامل وقوع الأزمة، ولكنه يعبر عن رأيه بشأن النتائج، كما أنه في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لم يرغب في قول أقل جملة واحدة لإدانة إجراء النظام الصهيوني المنحوس في استهداف موقع خنداب وموقع محطة نطنز، كي لا تُفسد خاطر ترامب ونتنياهو (كأهم الداعمين له في الوكالة)!".
وأردفت قولها: "[...] غروسي هو جزء من أُحجية الحرب ضدّ جمهورية إيران الإسلامية، وبالتالي فإن صمته تجاه الهجمات الوحشية للنظام الصهيوني ليس مفاجئًا، نظرًا لارتباطه بجماعة الهيمنة. حتّى أنه لا يظهر أيّ اهتمام باحترام المظاهر الدبلوماسية، كمدير عام لهيئة يُفترض أنها دولية".
وأشارت إلى أنّ "الواقع هو أنّ غروسي لا يزال يعتبر نفسه مدينًا لوشنطن وتل أبيب. يعرف جيدًا أنّ سبب وجوده في رأس معادلات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ثمرة للضغوط خلف الكواليس من ترامب ونتنياهو (الذين كانوا أيضًا في قمة المعادلات السياسية في واشنطن و"تل أبيب" في ذلك الوقت). إضافةً إلى ذلك، كانت أهم معايير دعم الشياطين لغروسي هي وجهة نظره العامة في التصدي المطلق لاستفادة جمهورية إيران الإسلامية من الصناعة النووية وقدرتها على التخصيب. بينما قد لا تؤدّي الشكوى الأخيرة لبلدنا من غروسي إلى أي نتيجة بسبب البنية غير المتوازنة وغير القانونية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلّا أنّها تُعتَبر وثيقة قوية وتاريخية تدل على كيفية لعبه الوقح في ساحة واشنطن و"تل أبيب".