اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي عراقتشي ردًا على ترامب: لا يوجد أي اتفاق بشأن وقف إطلاق النار أو وقف العمليات

مقالات مختارة

القواعد الأميركية في منطقتنا: أخطر من الاستعمار
مقالات مختارة

القواعد الأميركية في منطقتنا: أخطر من الاستعمار

34

خالد بركات - صحيفة الأخبار
كشف العدوان الأميركي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية المخاطر الكبيرة التي تمثّلها القواعد الأميركية على شعوب المنطقة. فالأرض العربية كلها تقريبًا أصبحت أرضًا محتلة. و"الدولة العربية" التي لا تقع تحت السيطرة الأميركية والغربية يُجرى احتلالها من الداخل عبر القواعد السياسية والاقتصادية وشروط البنك الدولي، وأنظمة التبعية، والتطبيع، والعجز الشامل.

من المحيط إلى الخليج تنتشر القواعد العسكرية الأميركية كأنياب استعمار "حديث" ينهش جسد الأمة، ويغرس خناجره وجذوره في أرض العرب، متخفّية وراء شعارات زائفة عن "التعاون" و"الاستقرار" و"الحماية". لكنّ الحقيقة الصارخة التي لم تعد خافية على أحد: أن هذه القواعد ليست سوى احتلال عسكري، معلن وواضح، لا يختلف في جوهره عن أي استعمار تقليدي، بل يفوقه وقاحة وغطرسة. ولا يمكن أن تقبل الشعوب الحرة وجود قواعد عسكرية أجنبية على أرضها خلافًا لإرادتها وكرامتها.

يوجد ما يزيد عن 40 ألف جندي أميركي (تضاعف العدد خلال الفترة الأخيرة) ينتشرون في أكثر من 19 قاعدة وموقعًا عسكريًا على امتداد الوطن العربي. من قاعدة "العديد" في قطر، التي تحوّلت إلى مركز قيادة للعدوان، إلى الأسطول الخامس في البحرين، ومعسكرات الغزو في الكويت، والمواقع الجوية في الإمارات والسعودية، والقواعد الخفيّة في الأردن والعراق وسورية. كلّ هذه الأرض العربية تُستخدم اليوم كمنصات عدوان ضدّ شعوبنا، ومراكز تجسّس على مقاومتنا، ومستودعات سلاح لحماية الكيان الصهيوني واستمرار هيمنة واشنطن على قرارنا السياسي والاقتصادي. ناهيك عن القواعد المتحركة في مياهنا وبحارنا، وأكبر قاعدة عسكرية في فلسطين المحتلة: "إسرائيل".

هذه القواعد الأميركية (فضلًا عن البريطانية والفرنسية) ليست مجرّد أبنية إسمنتية أو مستودعات ذخيرة، بل هي رأس الحربة في مشروع الهيمنة الأميركية – الصهيونية على المنطقة، فمن هذه القواعد تُشنّ الضربات على إيران واليمن، ومنها يُدار التنسيق الأمني ضدّ المقاومة في فلسطين ولبنان، ومنها تُدار شبكات التجسّس، وتُعقد صفقات الخيانة والتطبيع، وتُرسم حدود الدم والدمار. كان هذا هو الحال في العقود الماضية حين جرى تقسيم الوطن العربي، وصار أسوأ في الواقع الراهن.
"لا أمن مع وجودها، ولا استقرار في ظلّها، ولا سيادة تُكتب وشعب عربي يعاني تحت ظلّ مدافعها وطائراتها

أنظمة التبعية والتطبيع والعجز التي وقّعت على استضافة هذه القواعد باعت شعوبها وأوطانها مقابل بقاء طبقة مأجورة، وعائلات وقبائل فتحت للأجنبي كلّ الموانئ والمطارات والأجواء، وسلّمته مفاتيح السيادة. لكن مع اشتداد وتيرة الصراع في المنطقة يرتفع صوت الشعوب ويعلو من جديد: "أمَا آن أوان طرد القواعد الأميركية من كلّ شبرٍ من الأرض العربية؟".

حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزّة، والعدوان الأخير على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والاستهداف اليومي لقادة المقاومة، كلّ ذلك يكشف أن هذه القواعد أبعد وأخطر من الاستعمار التقليدي، إنها مصدر دائم للعدوان على العالم كله. فلا أمن مع وجودها، ولا استقرار في ظلّها، ولا سيادة تُكتب وشعب عربي يعاني تحت ظلّ مدافعها وطائراتها.

لن تُستعاد فلسطين طالما بقيت قاعدة أميركية واحدة على أرض العرب. ولن يتحرر العراق واليمن ولبنان وسورية ومصر وتونس والجزائر والمغرب طالما بقي الاحتلال العسكري الأميركي جاثمًا فوق صدورنا. فالمعركة واحدة، والمصير مشترك، والعدو معروف. فلترتفع رايات المقاومة العربية في وجه الاستعمار الأميركي كما ارتفعت في وجه المشروع الصهيوني، ولتنطلق الحملات الشعبية والانتفاضات الوطنية والمبادرات الثورية تحت شعار: "أخرجوا القواعد الأميركية من أرضنا… فورًا!".

إن الحملة الشعبية والمسلحة المطلوب إطلاقها اليوم ضدّ القواعد الأميركية سوف تعمّق تناقضات المشهد السياسي في الولايات المتحدة، وتفضح معسكر العدوّ والعلاقات القائمة اليوم بين الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية. وتؤكد على مرحلة جديدة من النضال القومي. كما أن طرد هذه القواعد ليس خيارًا، بل واجب وطني وثوري، ومعركة من معارك التحرر الشامل، وعنوان للنضال التحرري العربي المشترك. فلن يكون لنا مستقبل حرّ، ولا وحدة عربية، ولا كرامة إنسانية، إلا بإسقاط هذا الاحتلال المُقنّع، وتحطيم سلاسل التبعية، وإعادة القرار العربي إلى أيدي الشعوب… لا إلى جنرالات البنتاغون.

الكلمات المفتاحية
مشاركة