اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يستنكر اعتقال الاحتلال ناصر اللحام

نقاط على الحروف

خيبة جعجعية حادة: حتّى أنت يا براك؟! 
نقاط على الحروف

خيبة جعجعية حادة: حتّى أنت يا براك؟! 

158

يجمع الذين خذلتهم الولايات المتحدّة الأميركية على مقولة: "المتغطّي بالأمركان عريان"، وهي حقيقة لا يبخل الأميركيون بتكرار النماذج التي تثبتها: من صدام حسين إلى حسني مبارك، ومن أفغانستان إلى لبنان! نعم، مشهد الأمس بعد جولة المبعوث الأميركي توم براك، والذي رأينا فيه وجوم الوجوه "القواتية" ومن لفّ لفّها والذي انعكس ارباكًا وحدّة وتسرعًّا في إطلاق المواقف العشوائية، أعاد إلى الأذهان وجوه الأفغان الذي عملوا طويلًا وبتفانٍ في خدمة أميركا وهم يلهثون خلف عجلات آخر طائرة أميركية غادرت أفغانستان وتركتهم يواجهون وحدهم شعبهم بعد خيانته والعمل ضدّه والتآمر عليه. 

طوال الفترة الماضية ولا سيّما في الأسبوعين الأخيرين اللذّين سبقا مجيء براك إلى بيروت، تصاعدت لهجة المتأمركين في البلد وبلغت حدًّا إلغائيًا ترهيبيًا لا يُخفى ولا يخجل أصحابه من التعبير عنه، عبر الاستقواء بالأميركي والتهديد بورقة شروطه التي حملها براك وبالجدول الزمني الذي تفرضه أميركا! بلغ الأمر مثلًا بشارل جبور، مسؤول التواصل والإعلام في "القوّات" حدّ التلويح بمحاسبة ومحاكمة ومعاقبة حتّى الذين يتلفظون بكلمة "مقاومة". وفيما صرّح وزير الخارجية "القوّاتي" بدوره عن إستراتيجية دبلوماسية تقوم على البكاء للأميركي وتنفيذ شروطه، كان سمير جعجع يجلس في كرسيّ "الحكيم" ويخطّط ويقيّم عمل الدولة والمسؤولين، رافضًا أيّ حوار أو نقاش قبل "نزع السلاح"، مستندًا إلى سيف الأميركي الذي لن يبقي ولن يذر! 

أما بعد، جولة على وجوه "القواتيين" يوم أمس تكفي لشرح معنى الخيبة. باختصار، كلّ كلمة صدرت عن براك، بغضّ النظر عن الموقف منها، كانت تشكّل صفعة تحجيم وخذلان على وجه جميع متأمركي البلد، وتكذّبهم على مرأى الجميع!. 

هذه الخيبة التي مُني بها المتأمركون ليست الأولى من نوعها، فقبل أسابيع قليلة فقط، تعرّضوا لـ"فنسة" تشبهها حين كانوا قد شمَّروا عن سواعدهم وتهيّأوا لذبح المقاومة بظفر أورتاغوس التي تمّت تنحيتها عن الملف اللبناني في ليلة كانت ثقيلة جدًا على المتباهين بصداقتها في لبنان ولا سيّما سمير جعجع. بالمناسبة والحقّ يُقال، يتصف هذا الأخير بالإصرار والمثابرة؛ لقد تعرّض منذ خروجه من السجن لعدد هائل من الخيبات وما زال يكرّر التجارب نفسها متوقّعًا أن يبتسم له الحظّ مرّة ولا يخيب. يجترّ خيباته فيكرّر الرهانات نفسها، على الجهة نفسها، ضدّ الجهة نفسها، ولا يكلّ ولا يملّ من الخيبة. 

حسنًا، يُحسب لـ"القوات" أيضًا أنّهم يوم أمس بلغوا من الشفافية حدًّا عجزوا معه عن إخفاء ملامح صدمتهم حيال مواقف براك والتي كان أبرزها أن "حزب الله هو حزب سياسي في لبنان. هل تعتقدون أن دولة أخرى ستقوم بحل حزب في دولة ذات سيادة؟". هنا الصفعة مزدوجة، فكلام براك، رغم السمّ المدسوس في عسله، لم يخذل المراهنين عليه لإنهاء حزب الله "وبالقوّة" على حدّ أوهام النائب مارك ضو فحسب، بل قرّع بشكل مبطّن هؤلاء المراهنين، مستهجنًا أن يتوقّعوا أصلًا التدخل لحل حزب الله وهم يدّعون الحرص على السيادة. 
لذلك كلّه، رأينا بالأمس سمير جعجع محاضرًا في دستورية الردّ على ورقة براك، وأن يفعل جعجع ذلك فالأمر يستدعي وابلًا من السخرية السوداء، فالرجل الذي كان عرّاب الانتهاكات الدستورية على مرّ السنين، لن يبدو مقنعًا أن في ساعة خيبة حاول التنظير مستخدمًا الدستور، ما دفع برئيس الحكومة نواف سلام للردّ عليه بشكل غير مباشر، قائلًا إنّه يعرف الدستور جيّدًا ولا يخرقه، مؤكّدًا أن حزب الله هو جزء لا يتجزّأ من الدولة اللبنانية. وبعد، لوّح ألفرد رياشي باحتمالية استقالة وزراء "القوات اللبنانية" من الحكومة، وهو على ما يبدو ردّ فعل يائس بعد ثبوت عجزهم عن تحقيق أوهامهم المتعلّقة بإنهاء المقاومة وحزب الله، سواء بالسياسة أو بالخمسة عشر ألف مقاتل الذين يأتون على ذكرهم في بعض المناسبات. 

حسنًا، ثقيل كان يوم أمس على صدور المتأمركين، منهم من غلبه الوجوم وأخفتت صوته الخيبة، ومنهم من اضطرب تحت وقع الصدمة ولم يستطع إلى إخفاء خيبته سبيلًا، كمن تعلّق بعجلة الطائرة الأميركية وهي تقلع من أفغانستان، وسقط..
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة