اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني: "إسرائيل" عند أدنى مستوى على الإطلاق

مقالات

اليمن يثبت معادلة الردع من البحر الأحمر إلى قلب
مقالات

اليمن يثبت معادلة الردع من البحر الأحمر إلى قلب "إسرائيل"

72

في رد سريع ومتعدد العمليات، استهدفت القوات المسلحة اليمنية العمق "الإسرائيلي" بعد أقل من أربع ساعات على الغارات الجوية التي شنها العدوّ على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى. لم يكن الرد فعلًا انفعاليًا مرتجلًا، بل جاء محسوبًا ضمن معادلة ردع دقيقة، أكدت أن صنعاء لا تكتفي بخطاب الإسناد، بل باتت تكرس دورها كطرف فاعل في ميدان المواجهة الإقليمية المفتوحة، كشريك مباشر في فرض التوازن ضدّ "إسرائيل".

الهجمات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية باستخدام صواريخ فرط صوتية وطائرات مسيرة دقيقة، واستهدفت مطار "اللد" المسمى "بن غوريون"، وميناء أسدود، ومحطة الكهرباء في عسقلان، وميناء أم الرشراش (إيلات)، لم تكن مجرّد ردود عقابية، بل حملت أبعادًا إستراتيجية أكبر على رأسها تثبيت خطوط حمراء واضحة في معادلة الاشتباك مع العدو، مفادها أن أي استهداف للمرافق المدنية في اليمن سيواجه برد مباشر على منشآت حيوية داخل الكيان الصهيوني.

إن الحفاظ على توازن الردع لا يتحقق بالشعارات، بل بالفعل العسكري المبادر والمحسوب والدقيق، وفي هذا السياق جاء الرد اليمني ليؤكد أن اليمن ليس فقط جزءًا من جبهة دعم فلسطين، بل جزء من معادلة الردع ذاتها، قادر على كسر هيبة الضربة الآمنة التي كانت تراهن عليها "إسرائيل".

وقد جاء توقيت الرد ودقته ليظهر أن القرار العسكري في صنعاء لا يدار بردود الأفعال، بل بمنظور إستراتيجي واعٍ يحرص على عدم ترك الفراغ السياسي أو العسكري لصالح العدو. فالتأخر في الرد يضعف قوة الردع، بينما السرعة المحسوبة، كما حدث في هذه العملية، تثبت معادلة جديدة في الوعي "الإسرائيلي" مفادها أن اليمن لن يتأخر، ولن يصمت، ولن ينسحب من ساحة التأثير.

إن هذا العملية ستجعل العدوّ يجد نفسه في مواجهة خصم لا يطلب الإذن، ولا ينتظر التغطية الدولية، ولا يكتفي بردود غير مباشرة أو رسائل من تحت الطاولة. اليمن، الذي لطالما حاولت "إسرائيل" وداعموها حصره في مربع الهشاشة والحرب الداخلية، بات اليوم في موقع مختلف تمامًا: فاعل مباشر، مستقل القرار، يمتلك القدرة والإرادة على المبادرة، ويملك أدوات تنفيذ دقيقة تمتد من البحر الأحمر إلى قلب المرافق "الإسرائيلية" الحيوية.

هذا الخصم يضرب في التوقيت الذي يختاره، وبالطريقة التي يرى فيها أقصى تأثير إستراتيجي. لقد وضعت الضربات اليمنية الدقيقة، من مطار "اللد" إلى ميناء أم الرشراش، هذا الكيان في موضع غير مسبوق، يضطره إلى التفكير مرتين قبل اتّخاذ أي قرار بالتصعيد أو توسيع نطاق عملياته، حتّى على جبهة بعيدة كالساحل الغربي لليمن.

أكثر من ذلك، فإن اليمن فرض نفسه كعنصر إرباك في الحسابات الأمنية "الإسرائيلية"، التي لطالما اعتمدت على تفوق استخباراتي وتقني يسمح لها بالضرب دون تكلفة، لكن التطورات الأخيرة أطاحت بهذا التصور بعد أن تحولت صنعاء من ساحة مهمشة إلى نقطة انطلاق لضربات تتجاوز أنظمة الاعتراض وتضع عمق الكيان في دائرة التهديد المتواصل.

"إسرائيل" اليوم لا تواجه مجرد مشكلة جديدة، بل هو واقع عسكري متغير يهدّد إستراتيجيتها الدفاعية القائمة على الردع الأحادي، ويجبرها على إعادة النظر في مفهومها التقليدي للأمن القومي. إنها ليست في مواجهة فصيل، بل أمام دولة تقاتل بثقة، وتردّ في الوقت المناسب، وتعيد رسم حدود الاشتباك بقوة وثبات، وتكاتف وتكامل شامل بين الشعب والقيادة والقوات المسلحة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة