اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي غزة.. انهيار القطاع الصحي ومجاعة 

عربي ودولي

الإستراتيجية العالمية الأميركية تتآكل في ظلِّ انقسامات الداخل
عربي ودولي

الإستراتيجية العالمية الأميركية تتآكل في ظلِّ انقسامات الداخل

باحثان أميركيان: تحالفات واشنطن تتآكل والثقة بقيادتها تتراجع عالميًّا
80

تناول الكاتبان في موقع "ناشيونال إنترست" أندرو لاثام Andrew Latham ووليام أثاس Liam Athas الانقسامات الداخلية المتفاقمة في الولايات المتحدة، وأشارا إلى أنها باتت من أكثر العبارات تداولًا في التاريخ الأميركي المعاصر.

وقال الكاتبان، إنَّ الاستقطاب لا يعكس خلافات داخلية حزبية فحسب، بل يمثل تحولات وطنية دراماتيكية على مستوى الثقافة والمعتقدات والآراء. كذلك أضافا بأن هذه الانقسامات لا تبقى محصورة داخل الحدود الوطنية (الأميركية)، بل إنها تتخطَّى هذه الحدود بحيث تحدد كيفية تفاعل الولايات المتحدة مع العالم. وأردفا بأن الإستراتيجية الأميركية الكبرى بدأت تتصدع فيما تعاني السياسات في الداخل من الانشقاقات.

وبيَّن الكاتبان، أن الولايات المتحدة عادة ما كانت تحظى بإجماع يشمل كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) في موضوع السياسة الخارجية والمصالح القومية في الخارج، وذلك ضمن إطار الإستراتيجية الكبرى في الخارج. وأشارا في هذا السياق إلى التوسع غربًا في القرن التاسع عشر والانعزالية في أوائل القرن العشرين، والتدخلات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، ثم خلصا بناءً على ذلك إلى أن الإستراتيجية الأميركية الكبرى عكست على مدار التاريخ رؤية موحدة نسبيًا إزاء دور أميركا في العالم.

غير أنَّ الكاتبين اعتبرا أنَّ هذا الإجماع يتفكك، وأن الاستقطاب السياسي بدأ يؤدي بشكل مباشر إلى تآكل أسس الإستراتيجية الأميركية الكبرى التي اعتمدها الحزبان الجمهوري والديمقراطي، ما يجعلها أكثر تقلبًا وتضاربًا. كما أضافا أنَّ المناورات السياسية القصيرة الأمد تحلُّ مكان التخطيط الطويل الأمد، بحيث تقوِّض مصداقية أميركا في الخارج، بينما تتبنَّى الإدارات المختلفة إيديولوجيات متناقضة.

وضرب الكاتبان في هذا السياق مثلَ الانقسام حول عضوية الولايات المتحدة في الاتفاقيات الدولية. كما أردفا، أن الولايات المتحدة أواخر القرن العشرين لعبت دورًا تأسيسيًّا في عشرات الاتفاقيات الدولية، مثل تلك التي أسست الأمم المتحدة والناتو ومنظمة التجارة العالمية وغيرها. كذلك قالا، إنَّ الدعم في الداخل الأميركي لمثل هذه القرارات كان مرتفعًا نسبيًّا لدى الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أما اليوم فنبها إلى أن الانقسام بين الطرفين حول هذه المسائل هو أكبر من أي وقت مضى.

وقال الكاتبان، إن الاستقطاب السياسي أثر بشكل كبير في الإستراتيجية الأميركية الكبرى حيال حلفاء أساسيين مثل أوروبا و"الناتو" و"إسرائيل". كما أردفا أنَّ الدعم الديمقراطي والجمهوري عادة ما راعى الالتزامات الأميركية حيال أمن أوروبا و"الناتو". كذلك تابعا أن الدعم لـ"إسرائيل"، والذي كان عادة يأتي من الحزبين، أصبح أكثر فأكثر يخضع للاستقطاب.

وأضاف الكاتبان، أن قادة الحزب الجمهوري اعتمدوا سياسة متشددة داعمة لـ"إسرائيل" بالمطلق، لافتَين إلى نقل السفارة الأميركية من القدس إلى ""تل أبيب"" عام 2019. إلا أنهما تحدثا في المقابل عن مخاوف متزايدة يعبر عنها أقطاب من الحزب الديمقراطي حول حقوق الإنسان وتورُّط الولايات المتحدة في أعمال عسكرية "إسرائيلية"، ما يؤدي إلى نشوء حركات جديدة لتغيير الإستراتيجية الأميركية "الإسرائيلية" الكبرى الحالية.

كما نبَّه الكاتبان إلى أن هذا التضارب المتنامي في السياسة الخارجية الأميركية بسبب الاستقطاب الداخلي يقوض بشكل كبير الإستراتيجية الأميركية الكبرى عمومًا، وذلك من خلال تقويض الثقة والمصداقية الدولية. كذلك حذَّرا من أنَّ الشركاء الإستراتيجيين الذين كانوا يعولون على القيادة الأميركية للتنسيق الأمني والاقتصادي والحكم العالمي قد يصبحون متردِّدين للدخول في اتفاقيات طويلة الأمد (مع الولايات المتحدة)، كونهم يدركون أن إدارةً مستقبلية قد تغير بشكل مفاجئ المسار المتَّبع.

كذلك قال الكاتبان، إن تآكل الثقة يقوض قدرة الولايات المتحدة على إنشاء التحالفات والحفاظ عليها، ويجعل الدول الصغيرة تمتنع عن الاصطفاف مع المصالح الأميركية. كما لفتا في السياق نفسه إلى تشجيع قوى خصمة مثل الصين وروسيا على ملء الفراغ في القيادة. وأضافا أن هدف وفاعلية السياسة الخارجية الأميركية تتآكل فيما تزداد الانقسامات بين الأميركيين حول إدارة الاقتصاد في الداخل والتحولات الثقافية والشقوق حول الهُوية. وأردفا بأن هذا يؤدي إلى شعور متنامٍ لدى الحلفاء والخصوم على حد سواء بأن الالتزامات الأميركية هي مشروطة وقابلة للتغيير.

كما أردف الكاتبان أنَّ الإستراتيجية الأميركية الكبرى لا تتطور وإنما تتآكل، وأن نتيجة ذلك هي الانقسامات؛ بحيث تعجز البلاد عن اتباع مسارها وعن لعب الدور القيادي، وعن عدم إمكانية الوثوق بها. كذلك أضافا، أن الإستراتيجية الأميركية الكبرى عندما تسير باتجاه مجهول ومُبهم، فإنها تفقد فاعليتها، وعليه، يصعب الحديث ساعتئذ عن ”إستراتيجية” بالمعنى الشائع، لكونها لا تنسجم وعالم يتطلب بشكل متزايد الوضوح والسرعة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة