لبنان

لم يكن يوم الجمعة 25 تموز/يوليو 2025 يومًا عاديًا في بيروت. كانت المدينة على موعد مع لحظة تاريخية، ومع مشهد طال انتظاره، المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبد الله يعود إلى أرض الوطن بعد عقود من الأسر في السجون الفرنسية.
استقبال شعبي غير مسبوق، اختلطت فيه الهتافات بالدموع، وارتفعت فيه الرايات على وقع القلوب النابضة بالوفاء. كان المشهد أشبه بنداء وطنٍ بأكمله، لاستقبال رجل ظلّ اسمه حاضرًا في ضمير الأحرار، رغم عتمة الزنازين التي حاولت إخفاء صوته.
على أبواب مطار بيروت الدولي، توافد المئات من اللبنانيين والفلسطينيين، من مختلف المناطق والطوائف والانتماءات. جاؤوا من الشمال والجنوب، من البقاع والجبل، ومن المخيمات الفلسطينية، ليقولوا بصوت واحد: جورج عبد الله ليس مجرد شخص، بل هو قضية وقيمة وموقف.
موقع "العهد الإخباري" كان حاضرًا في هذا الحدث، ونقل شهادات حية من المشاركين كما وردت على ألسنتهم، بصدقها وعفويتها وحرارتها.
وفد الحزب الشيوعي اللبناني: "رفيقنا العائد من نار التجربة"
أكد وفد الحزب الشيوعي اللبناني أن "جورج عبد الله هو أحد أبناء حزبنا المقاوم، ومكوّن من صلابة الفكر والتجربة والتاريخ. خاض المعركة في السجن كما يخوض المناضل معركته، فحوّله إلى جبهة مواجهة ضد الاستعمار والصهيونية. خروجه اليوم هو تتويج لمعركة طويلة، وليس نهاية لها. هذا الوطن يحتاج إلى رجال من طينته، لا يتغيّرون بتبدّل الأنظمة ولا تضعفهم العزلة".
وفد الحراك الشبابي الفلسطيني – مخيمات لبنان: "أنت عنواننا في زمن التيه"
ورأى الحراك الشبابي الفلسطيني – مخيمات لبنان أن "جورج عبد الله هو عنوان من عناوين الوفاء، وثباته في السجن طيلة هذه السنوات هو صرخة في وجه العالم المتواطئ. لم يبدّل ولم يتراجع، فكان أخطر على أعدائه من كثيرين طلقاء. نحن نعتبر أن عودته اليوم هي عودة لأحد أبناء المقاومة الأوفياء، الذين قدّموا حياتهم قربانًا لقضية فلسطين، وهو أخٌ لنا في المسار والمصير".
وأضاف: "اليوم، نُصافح يدًا لم تلوّثها المساومة، وننظر في عيني من لم تغمض عيناه عن فلسطين ولو ساعة. جورج عبد الله هو مثال على أن الوطنية ليست شعارًا، بل فعل متواصل لا يُقاس بالسنوات، بل بالثبات. هذا المناضل اختار أن يكون في صفوف المظلومين، فصار ناطقًا باسم كل الأحرار. نحيّي نضاله ونعتبره شرفًا للبنان ولجميع اللبنانيين".
وفد الحزب السوري القومي الاجتماعي: "مقاومٌ أمميّ من طراز نادر"
بدوره، شدد وفد الحزب السوري القومي الاجتماعي على أنه "منذ لحظة اعتقاله، وحتى خروجه، كان جورج عبد الله فوق الحسابات. لم يتنازل، لم يُهادن، بل بقي مثال المقاوم الأممي، الذي يرى في الصراع مع العدو صراعًا وجوديًّا يتخطّى الجغرافيا. في زمن الهزيمة، خرج هو ليؤكد أن النصر ممكن، إن وُجد الرجال".
ولفت إلى أن "هذا الرجل لم يُسجن لأنه لبناني فقط، بل لأنه فلسطيني بالهوى والانتماء. قاتلَ عنا، واعتُقل لأجلنا، ودفع الثمن بصمت وصمود. جورج عبد الله هو أسيرنا كما هو أسيركم، وعودته اليوم انتصار لفلسطين كلها، وليس فقط للبنان. نُحيّيه باسم كل الأسرى، وباسم كل أمٍ فلسطينية تنتظر ابنها خلف القضبان".
وأضاف: "جورج عبد الله هو الصوت الذي بقي يصرخ باسم فلسطين حين صمت الجميع. نضاله لا يُختصر بزمن الأسر، بل يمتدّ في ضمير الشعوب الحرة. نعتبر خروجه اليوم مناسبة قومية بامتياز، ونجدد معه العهد أن تبقى فلسطين وجهتنا، والبندقية لغتنا".
وفد من الجزائر: "كنّا نعدّك جزائريًا منذ اليوم الأول"
وقال ممثلون من جمعية أصدقاء فلسطين – الجزائر لموقع العهد: "حين اعتُقلت في فرنسا، شعرنا أن واحدًا منا قد أُسر. جورج عبد الله مقاوم من جيل الثورة الجزائرية، ولو أنه وُلد في بيروت، نحن نعدّك جزائريًا كما هو حال كل من قاوم الاستعمار. عودتك اليوم تفتح جرحًا وتُبلسم جراحًا في آن. نُحيّيك من بلد المليون شهيد، ومن قلب كل جزائري يرى فيك امتدادًا لنضالنا".
وفد من تونس: "حين يُحبّك شعبٌ لم يرك من قبل، فهذا يعني أنك صادق"
الختام كان مع كلمة الحملة التونسية لنصرة فلسطين التي استذكرت المناضل جورج عبد الله بالقول: "منذ سنوات نكتب ونغني ونرسم اسم جورج عبد الله. لم نكن نعرفه شخصيًا، لكننا شعرنا أن في صدره ما في صدورنا من وجع ونار. اليوم نراك حرًّا، فنشعر أن جزءًا منا قد خرج من القيد. نحن من تونس الثورة نعتبرك رمزًا عابرًا للحدود، ومقاومًا بمرتبة الذاكرة الجماعية".