اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي عز الدين يُشيد بالموقف اللبناني الموحّد

عين على العدو

كاتبة صهيونية: سنغرق في وحل العزلة الدولية
عين على العدو

كاتبة صهيونية: سنغرق في وحل العزلة الدولية

95

قالت الكاتبة والصحفية في الشؤون السياسية في موقه "والا" الصهيوني آنا برسكي: "مثل سيناريو تم تكراره حتى الإرهاق، تجد "إسرائيل" نفسها -مرة أخرى- في قلب حملة إعلامية قاتلة. ومرة أخرى في موقع الخاسر الدائم. صور لأطفال من غزة هزيلين، ومياه عكرة، وفتاة خبز احتلت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. ولكن وراء هذه الصور هناك صراع آخر، أعمق، يحدث ليس فقط على أرض غزة، بل في قلب الإجماع الأخلاقي في "إسرائيل"، صراع تلعب فيه حماس الشطرنج، وترد "إسرائيل" كما لو كانت تلعب الداما".

وأضافت: "النقاش المتزايد حول "تجويع غزة" يحظى بحضور بارز ومهيمن في الساحة الدولية، لكنه يُغفل نقطة الانطلاق الأساسية: حماس لا تزال تحتجز أسرى، أسرتهم من منازلهم في 7 تشرين الأول. بدلاً من أن يدور الحديث حول مطلب الإفراج الفوري عنهم، يتركّز الخطاب حول الوضع الإنساني في غزة، وهو وضع تعمل حماس بنفسها على تفاقمه وإخراجه كأداة دعائية"، مشيرةً إلى أنّه "يجب وضع الأمور في نصابها الصحيح: ما يحدث ليس قَدَرًا، وليس حالة من "لا يوجد ما يمكن فعله، الأغلبية ضدنا". بل هو فشل واضح في الوعي والإعلام: حماس "تستغل" معاناة سكانها -وهي المعاناة التي خلقتها وتغذيها بنفسها- من أجل صرف الانتباه. النتيجة: تُصوَّر "إسرائيل" على أنها المسؤولة الوحيدة عن الضائقة، بينما يُغيَّب الأسرى، السبب الحقيقي للحرب، عن الخطاب العام".

وأردفت برسكي: "نظريًا، كان يمكن أن تبدو الأمور مختلفة. فقد حسمت "إسرائيل" المعركة ضد حماس كقوة عسكرية منظمة، وقادة الهجوم الذي وقع في أكتوبر تمت تصفيتهم، وحماس في غزة لم تعد تسيطر بالحجم والقوة التي كانت لها في السابق، كما كانت تأمل وتحاول أن تُظهر، فماذا تفعل "إسرائيل" في هذا الوضع، مع هذا الإنجاز الكبير الذي حققه الجيش "الإسرائيلي"؟ لا تفعل شيئًا. بدلًا من صياغة سياسة واضحة للمرحلة التالية -لإعادة الإعمار، وللدعاية، وللسعي نحو تسوية سياسية أو وقف إطلاق نار بشروط صارمة- اختارت "إسرائيل" أن تغرق في نوع من "الفراغ الاستراتيجي"، حيث تُدار الخطوات بدافع القصور الذاتي والضغوط السياسية، وليس انطلاقًا من رؤية أو خطة واضحة".

ولفتت إلى أنّ "هذا الادعاء يبدو وكأنه تكرار مرعب لأخبار من الأمس وما قبله. هذا بالضبط ما كتبناه قبل عام، قبل ستة أشهر، وها نحن نكتبه من جديد اليوم. لم يتغيّر شيء، ولماذا يتغيّر؟ فهذه هي السياسة التي تأتي من الأعلى. لكن الواقع من حولنا ليس ثابتًا، بل هو يتغيّر، وللأسف، ليس لصالحنا، وكان من المفترض أن يشكّل وقف المساعدات الإنسانية وسيلة ضغط على حماس، لكن فعليًا أصبح محفّزًا لحملة عالمية لم تكن "إسرائيل" مستعدة لها. من دون جهاز إعلامي فعال، من دون تحديثات مستمرة للحلفاء، من دون ردود دقيقة وسريعة، ومع وزراء في الحكومة يُطلقون التصريحات بعشوائية -وعلى الهواء مباشرة- تصريحات مثيرة للجدل. لا أحد من أولئك المسؤولين عن المعركة الإعلامية، والذين فشلوا فيها، يمكنه اليوم الادعاء أن ما حدث جاء مفاجئًا أو لم يكن بالإمكان منعه. "فجأة سمعنا انفجارًا"".

وتابعت برسكي: "لقد تحوّلت "إسرائيل"، في نظر العالم، من "ضحية للهجوم" إلى "قوة قمعية"، وكان بالإمكان تجنب ذلك، ولا يمكن التغطية على دور حكومة "إسرائيل" في هذا التدهور. فالإدارة السياسية الداخلية -وخاصة الخضوع لضغوط الجناح اليميني- جعلت من رئيس الحكومة أسيرًا للاعتبارات الائتلافية"، لافتةً إلى أنّه "في وضع كهذا، ليس من المستغرب أن يتم إحباط كل محاولة للدفع نحو تسوية، أو حتى لصياغة استراتيجية إعلامية فعّالة، قبل أن تُولد أصلًا. قد يقال إن هذه ليست فقط اعتبارات ائتلافية، بل هي أيضًا تعبير عن "رأي جمهور القاعدة"، أو موقف القاعدة الانتخابية التي تشكل وزنًا ثقيلًا في حسابات نتنياهو. لكن هذا مجرد لعب بالألفاظ لا يغيّر الحقيقة: غياب استراتيجية إعلامية هو نتيجة مباشرة للاستراتيجية السياسية".

وأضافت: "لكن حتى البيت الأبيض -وعلى رأسه الرئيس دولاند ترامب- لا يخلو من المسؤولية. فعلى الرغم من أنه عبّر عدة مرات عن رغبته في إنهاء الحرب في غزة، اختار ترامب أن يصدّق وعود نتنياهو بأن "حماس على وشك الانهيار"، مشيرةً إلى أنّه "يبدو أن هذا الإدراك المؤلم بدأ يتسلل في الأيام الأخيرة، مع انهيار المفاوضات في قطر، في ضوء رد حماس الذي خيّب آمال الرئيس الأميركي بشدة. لقد أدركت حماس منذ وقت طويل نقطة الضعف لدى الغرب: الأخلاق والرحمة. وهي تستغل هذه القيم، ليس لحماية شعبها بل لممارسة الضغط على "إسرائيل"".

ورأت برسكي أنّ "كل صورة لطفل رضيع يبكي، أو عجوز تتضوّر جوعًا، هي بمثابة صاروخ إعلامي يخترق الرأي العام العالمي. إنها استراتيجية معروفة وتنجح. لا يهم كم من المتحدثين باسم الجيش "الإسرائيلي" سيعرضون شاحنات المساعدات التي تنتظر على الحدود، فعندما تكون الصورة هي صورة الجوع تكون القصة قد كُتبت بالفعل"، مشيرةً إلى أنّه "في عالم منصف، كان يجب أن تكون المطالبة الأولى واضحة: إطلاق سراح الأسرى. وفقط بعد ذلك تقديم المساعدات الإنسانية الكاملة وتحسين الوضع الإنساني في القطاع. ليس أحدهما بدلًا من الآخر بل الأهم هو ترتيب الأولويات، لكن ما حدث فعليًا هو أن الترتيب انقلب. وباتت "إسرائيل" تُقدَّم على أنها الجهة التي عليها أن تبرر وجودها، بينما حماس  "تحتجز  أسرى وتُصوّر كضحية".

ولفتت إلى أنّ "النتيجة خطيرة ليس فقط على المستوى الإعلامي، بل أيضًا على المستوى العملي. حماس تكسب مزيدًا من الوقت، ومزيدًا من الدعم المعنوي، ومزيدًا من الحوافز للاستمرار في نفس النهج. أما الأسرى فيُدفعون إلى الهامش. فما العجب إذًا، أن يأتي رد حماس، بالتوازي مع ضجيج "مجاعة غزة"، وكأنه صفعة على الوجه، لا كإجابة من "تنظيم إرهابي" يشعر بأنه على وشك الهزيمة"، مؤكّدةً أنّه "إذا كانت "إسرائيل" تريد أن تعيد نفسها إلى المسار السياسي والإعلامي، فعليها أن تتوقف عن ردّ الفعل، وتبدأ بالمبادرة: إطلاق حملة إعلامية جدية، وتحديث مستمر للحلفاء، ومن الأفضل أيضًا صيغة صفقة واضحة، بدون مراحل معقدة، تضع حدًا لحرب طالت أكثر من اللازم".

وأشارت برسكي إلى أنّه "طالما أن هذا لن يحدث، سنستمر في دفع الثمن من صورتنا أمام العالم، وسنغرق في وحل العزلة الدولية. فالوضع ليس ثابتًا، حتى وإن لم يتحرك المستوى السياسي في "إسرائيل" قيد أنملة. الشعور بالأمان السياسي تحت شعار "ترامب معنا" هو وهم خطير، وصحيح، ترامب يدعم "إسرائيل" ويدعم نتنياهو لكن رئيس الولايات المتحدة لا يعيش في جزيرة معزولة، حيث المصدر الوحيد للمعلومات هو خط الهاتف بين البيت الأبيض ومكتب رئيس الحكومة في القدس".

وتابعت: "حتى الرئيس ترامب -وكذلك فريقه- يرون ويسمعون عاصفة الجوع في غزة، وتأثيرها على الرأي العام، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها، وعلى مواقف قادة الغرب. وفي هذه الأثناء، يبقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحيدًا مع مبادرته للاعتراف بدولة فلسطينية، لكن هناك العديد من الطرق للرد على حملة "تجويع غزة"، غير مجرد إعلان دعم قيام دولة فلسطينية".

وختمت برسكي: "يجب على "إسرائيل" ألا تطمئن نفسها بالقول: "ترامب معنا، وكل ما عداه ضجيج في الخلفية". ففي غياب استراتيجية دبلوماسية وإعلامية واضحة، حادة وعملية قد نكتشف يومًا ما أن العالم قد انتقل من الأقوال إلى الأفعال، وعندها سيكون الأوان قد فات فعلًا".
 

الكلمات المفتاحية
مشاركة