عين على العدو
أقرّ وزير المالية والوزير في وزارة الحرب والمسؤول عن ملف الاستيطان، بتسلئيل سموتريتش، اليوم الأحد (21 كانون الأول/ديسمبر 2025)، بأن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية قامت خلال ثلاث سنوات بشرعنة وتسوية الأوضاع القانونية لـ69 تجمعًا استيطانيًا في الضفّة الغربية المحتلة، واصفًا هذه الحصيلة بأنها "قياسية وغير مسبوقة".
وشدّد سموتريتش على أن هذه الخطوات تأتي ضمن هدف سياسي واضح يتمثل في منع قيام دولة فلسطينية، معتبرًا أن "الخطوات التي يتم اتّخاذها على الأرض" تهدف، بحسب تعبيره، إلى "إحباط إقامة دولة إرهاب فلسطينية" وترسيخ السيطرة "الإسرائيلية" على الضفّة الغربية المحتلة.
وجاءت هذه التصريحات في بيان رسمي أصدره سموتريتش، أعلن فيه مصادقة الكابينيت السياسي - الأمني التابع للكيان "الإسرائيلي" على إقامة وتسوية الأوضاع القانونية لـ19 مستوطنة جديدة في أنحاء الضفّة الغربية المحتلة، وذلك بناءً على اقتراح مشترك قدّمه مع وزير الأمن يسرائيل كاتس.
وبحسب البيان، يشمل القرار إعادة مستوطنتي "غنيم" و"كديم" إلى ما سُمّي "خارطة الاستيطان"، بعد نحو عشرين عامًا على إخلائهما في إطار خطة "فك الارتباط" عام 2005، إلى جانب مستوطنات أخرى في مناطق مختلفة شمالي الضفّة الغربية المحتلة، وهي الخطة التي شملت آنذاك أيضًا مستوطنات في قطاع غزّة.
وقال سموتريتش إن ما تقوم به الحكومة "الإسرائيلية" في الضفّة الغربية يندرج، بحسب تعبيره، ضمن ما وصفه بـ"صهيونية بسيطة وصحيحة وأخلاقية"، مضيفًا أن "شعب "إسرائيل" يعود إلى أرضه ويبنيها ويعزّز سيطرته عليها".
وكان الكابينيت قد صادق خلال الفترة الماضية على قائمة تضم 19 مستوطنة، بينها تجمعات قائمة منذ سنوات وأخرى في مراحل متقدمة من الإنشاء، في خطوة وصفتها وسائل إعلام "إسرائيلية" بأنها من أوسع قرارات تسوية البؤر الاستيطانية خلال السنوات الأخيرة.
وتأتي هذه المصادقة ضمن مسار تصاعدي تقوده حكومة نتنياهو لتكريس سياسة شرعنة البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات رسمية، عقب قرارات سابقة شملت فصل أحياء استيطانية عن مستوطنات كبرى، وتحويل عشرات البؤر إلى مستوطنات قائمة، ما يؤدي إلى توسيع رقعة السيطرة "الإسرائيلية" في عمق الضفّة الغربية المحتلة.
ويبدو أن بيان سموتريتش، الذي ركّز على الحصيلة العددية والهدف السياسي للاستيطان، يأتي في سياق محاولة أحزاب الائتلاف تسجيل إنجازات ميدانية مبكرة، في ظل مؤشرات على بدء حملة انتخابية مبكرة غير معلنة داخل معسكر نتنياهو.
وتعود المستوطنات المعزولة التي جرى "تسوية" أوضاعها القانونية، بما فيها "غنيم" و"كديم"، إلى ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن تتحول بعد اتفاقيات أوسلو إلى جيوب معزولة داخل مناطق A وB. وتقطع هذه المستوطنات التواصل الجغرافي الفلسطيني في شمال الضفّة الغربية، في منطقة كانت خاضعة لحظر الوجود "الإسرائيلي" بموجب قانون "فك الارتباط"، الذي أفضى عام 2005 إلى إخلاء أربع مستوطنات في المنطقة و"الانفصال" عن قطاع غزّة.
وتقع الأراضي التي أُقيمت عليها مستوطنتا "غنيم" و"كديم" بمحاذاة مدينة جنين، حيث ينفّذ جيش الاحتلال "الإسرائيلي" عملية عسكرية تحت اسم "خمسة أحجار"، بذريعة تصاعد ما يصفه بـ"التهديدات الأمنية" في المنطقة.
وبحسب التقارير، تضم القائمة التي صادق عليها الكابينيت مؤخرًا بؤرًا استيطانية إضافية يتوغّل بعضها داخل مناطق مصنّفة B، ما من شأنه تعميق الوجود العسكري للاحتلال في مناطق تخضع في معظمها لسيطرة فلسطينية مدنية وأمنية.
ومنذ تنفيذ خطة "فك الارتباط"، أُقيمت عشرات البؤر الاستيطانية في شمال الضفّة الغربية وفي مناطق أخرى، وتسارع هذا المسار بشكل لافت منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في ظل حرب الإبادة على قطاع غزّة.
ورغم القيود التي فرضها قانون "فك الارتباط"، شكّلت هذه البؤر ما يشبه "كماشة" تطوّق شمال الضفّة الغربية من عدة جهات. وفي أيار/مايو 2023، أُدخل تعديل على القانون وصدر أمر عسكري ألغى تطبيقه شمالي الضفّة، وفي أيار/مايو 2024، وبناءً على توجيهات وزير الأمن حينها يوآف غالانت، جرى إلغاء تطبيق القانون على ما تبقى من مناطق شمال الضفّة، قبل أن يعلن جيش الاحتلال المنطقة "عسكرية مغلقة".
ورغم أن "التسوية القانونية الكاملة" لهذه المستوطنات قد تمتد لسنوات، فإن القرار السياسي الأخير وضع الأساس لعودة تدريجية للمستوطنين تحت حماية جيش الاحتلال، على أن تُستكمل إجراءات "الشرعنة" لاحقًا، كما جرت العادة في الضفّة الغربية.
وتُظهر المعطيات أن الكابينيت "الإسرائيلي" صادق منذ تشكيل الحكومة الحالية ثلاث مرات على تسوية بؤر استيطانية، إذ جرى في شباط/فبراير 2023 تنظيم تسع بؤر، وفي حزيران/يونيو 2024 خمس بؤر إضافية، ثمّ في أيار/مايو 2025 المصادقة على تسوية 22 بؤرة استيطانية.