اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي 15 دولة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين

تحقيقات ومقابلات

تحقيقات ومقابلات

"فدا إجر المقاومة".. من ذاكرة أمّةٍ لا تنكسر

258

"فدا إجر المقاومة".. هي جملة ما تزال تتردد في آذاننا منذ 19 عامًا..  يوم وقفت الحاجة "كاملة سمحات" المرأة السبعينية الآتية من بلدة عيناثا الحدودية على أنقاض منزلها المدمر في قلب الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، في ذروة عدوان تموز في العام 2006.. يوم خلت الضاحية مِن قاطنيها. ومسيّرات العدو تخرق الأجواء. ردّدت الحاجة "سمحات" كلماتها التي ستُذكَر طويلًا: "مش هيدا بيتي راح؟ ولِك فدا إجر المقاومة، وبيتي بالضيعة راح فدا إجر المقاومة"، معرّفةً نفسها أنها ابنة الشريط الحدودي.

في الوقت الذي تهاوت فيه الهمم في أحضان المتآمرين، وكُشف اللثام عن وجوه الشامتين، وقفت امرأة جنوبية من أرض عاملة لتقول: "فدا إجر المقاومة".. جملة حملت في طياتها كثيرًا من الصبر والتضحية واليقين بالنصر. 

تحت هدير الطائرات وأمام الدخان المتصاعد من ركام بيتها، وفقت لتنطق بهذه الكلمات. مقولة رمزية أسست لوعي مستمر، وأفشلت محاولات العدو للضغط على بيئة المقاومة، وجعلت التضحية بالمال والأرزاق، حتى الأرواح، مدعاة للفخر والشرف.

الشريط التسجيلي الذي تعقّب جولتها وحيدة في الضاحية المدمرّة ذات يوم من شهر تموز، عزّز مدى صدق ووفاء أفراد هذه البيئة، واستعدادهم للتضحية ببيوتهم وأموالهم وبأنفسهم وأولادهم في سبيل النهج المقاوم. الحاجة "كاملة سمحات" اختصرت بكلماتها "فدا إجر المقاومة" لسان الناس، عن حبّهم واحتضانهم للمقاومة. وأظهرت وفاءً لم يُشهد له مثيل قط. وفاء بيئة المقاومة وصمود أفرادها، منذ بداية انطلاقة العمل المقاوم، وصولًا إلى حرب إسناد غزة و"معركة أولي البأس".

ثمة أمور لا يمكن شرحها بأي كلمات. لم تكن المقاومة يومًا وحدها هي التي تعرف أن ناسها الذين لم يتركوا الأرض ومنعوا العدو من الاحتلال، هم أنفسهم من يظهرون استعدادًا لبذل المزيد من أجل تحقيق الانتصار.

الحاجة "سمحات" أظهرت دور المرأة التي حمت نواة المجتمع المقاوم.، وحضنت العائلة وغذتها على حب لمقاومة والاستشهاد في سبيل الله. ووزعت في النفوس العنفوان والإرادة وعدم الرضوخ لإرادة المحتل. 

من بين ركام الضاحية، بنت الحاجة "سمحات" معادلة مخلدة باخلاصها، أحبطت كل ما كان يسعى له "الإسرائيلي"، من التدمير الهمجي لتقليب الناس على خيار المقاومة..  فكان جواب البيئة الحاضنة أن: "كل هذا الدمار فدا إجر المقاومة".

امرأة وقفت ذات يوم من تموز أعطت دروسًا استثنائية، لا تحاكي حرب تموز فقط،  فقد كان أهم عوامل الانتصار في كل مسيرة المقاومة هو شعب المقاومة الوفي الصامد الأبي.

بطريقتها الخاصة، تحولت السيدة "سمحات" إلى أيقونة للنصر، وعبارتها إلى شعار يردّده كل المناصرين لخط المقاومة قولًا وفعلًا. 

الحاجة "سمحات" توفيت، ولكنها لن تغيب من ذاكرة تموز، ومن ذاكرتنا، بل من ذاكرة لبنان وانتصاراته. لا يموت الشهداء في نهجنا، كما أن كلماتهم لا تموت، تمامًا كالحاجة "سمحات". بات كل الجنوبيين والبقاعيين "كاملة سمحات".. الجنوب كله يصدح بكلماتها.. البيوت والأرزاق كلها: "فدا إجر المقاومة"..

الكلمات المفتاحية
مشاركة