عربي ودولي
تواصل حشود الزائرين مسيرها نحو مدينة كربلاء المقدسة لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين (ع) في مشهد يُعد من أكبر التجمعات البشرية السنوية التي تحدث في العالم.
من أقصى جنوب العراق إلى شماله، ومن بلدان مجاورة مثل إيران وباكستان والهند ولبنان، تتدفق ملايين القلوب الولهى باتجاه الضريح الحسيني، لتجدد العهد مع قيم الثورة الحسينية التي ما تزال تنبض في ضمائر الأحرار بعد أكثر من 14 قرنًا.
على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، يواصل الزوار زحفهم سيرًا على الأقدام في مسارات منتظمة، تتخللها آلاف المواكب الحسينية التي نصبت خيامها على امتداد الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء، لتقديم مختلف الخدمات من طعام وشراب ومبيت وعلاج طبي مجانًا، في مشهد يختزل أبهى صور الكرم والتكافل الشعبي والديني.
كما تشير مصادر عراقية رسمية إلى أنّ أعداد المشاركين هذا العام مرشحة لتجاوز الرقم الـ20 مليون زائر، في ظل تزايد أعداد الوافدين العرب والأجانب؛ بشكل لافت.
وتشهد الطرق الرئيسة المؤدية إلى مدينة كربلاء المقدسة، منذ أيام، تدفقًا متصاعدًا من الزوار، لا سيما طريق "يا حسين" الرابط بين مدينتي النجف وكربلاء، والذي يمتد على طول أكثر من 80 كيلومترًا، ويُعدّ أحد أشهر طرق المشاية.
وتقول العتبتان الحسينية والعباسية إن الاستعدادات قد بلغت ذروتها؛ في الدعم اللوجستي والتنسيق الأمني والخدماتي، إذ شُكّلت آلاف المفارز الصحية ونقاط التفتيش ومراكز الإرشاد والضيافة لاستيعاب الأعداد الغفيرة وضمان سلاسة الحركة وتقديم الدعم للزائرين.
وفي مشهد يعبّر عن وحدة المسلمين حول الإمام الحسين، يشارك الآلاف من أبناء الطوائف والديانات الأخرى في هذه المسيرة، حاملين رايات الحسين وشعارات المحبة والسلام.
كما بثّت القنوات الفضائية العراقية والعربية مشاهد مباشرة تظهر الجموع، وهي تردد شعارات الولاء، وتبكي استذكارًا لمظلومية كربلاء.
وتجسّد هذه المناسبة السنوية، والتي توافق 20 من شهر صفر الهجري، ليس فقط رمزًا دينيًا، بل أيضًا فعلًا شعبيًا عابرًا للحدود يعبر فيه المشاركون عن تمسكهم بالعدالة ومقاومة الظلم.
وأعلنت الحكومة العراقية خطة محكمة شملت نشر عشرات الآلاف من العناصر الأمنية وتعزيز التغطية الجوية وحماية المداخل المؤدية إلى المدينة.
وتستعد كربلاء لبلوغ ذروة الزحف في اليومين القادمين، فمن المتوقع أن تبلغ أعداد الوافدين أوجها في ليلة الأربعين وصباحها، وسط ترقب عالمي لهذا الحدث الذي تحوّل إلى ظاهرة روحية واجتماعية فريدة ترسّخ حضور ملحمة كربلاء في الوجدان الإنساني العالمي.