لبنان

أكَّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، الثلاثاء 5 آب/أغسطس 2025، أنَّ "المطلوب موقف وطني جامع ثابت، كما في الرد على الرسالة الأميركية والثبات على هذا الموقف، فالأوطان تحتاج إلى مواقف الرجال المنطلقة من الكرامة الوطنية لا الخائفة من ظلها".
كلام الشيخ الخطيب جاء في رسالة وجهها إلى الحكومة اللبنانية والسلطة السياسية، قال فيها: "سنة 1982، اجتاح العدو لبنان واحتل عاصمته بيروت ولم نستسلم، بل قاومنا وأخرجنا العدو بقوة السلاح وسقطت مقولة بعضهم بوجوب التعاطي في ما أسماه بالواقعية، أي الاستسلام، وقام بتوقيع اتفاق العار الموسوم باتفاق 17 أيار. اليوم، يعيدون السيناريو نفسه، ويضغطون بالحصار المالي والتهويل الإعلامي والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، والمطلوب الاستسلام ورفع الراية البيضاء لهؤلاء السذج أو الخبثاء أو للاثنين معًا".
وأضاف: "أقول قياسكم باطل، فالعدو لم يستطع أن يجتاز الحدود، فضلًا عن أن يحتل عاصمة لبنان، واللبنانيون رأوا بطولات وتضحيات أبنائهم المقاومين بأم العين، وجمهور المقاومة لم يصب بالإحباط، وإنما يفاخرون بما صنعته المقاومة والمقاومون من دفاع لا نظير له، وهم ثابتون على تأييدهم، لم يستطع العدو ولا أدواته أن تغيّر من قناعاتهم للتخلي عن المقاومة والتمسك بالسلاح".
ولفت الشيخ الخطيب إلى أنّ "كل الطروح البديلة بعنوان سحب الذرائع أعطت الفرصة للعدو أن يحتل الأرض ويرفع من سقف مطالبه ويستمر في القتل والعدوان دون أن يحقق للبنان مطلبًا واحدًا على الأقل يحفظ به ماء وجه الداعين لسحب الذرائع، بل على العكس، فإن السلطة لم تثبت أنها سلطة الشعب اللبناني، بل ليست سوى أداة لتحقيق أوامر الخارج في الضغط على الشعب الذي قدم التضحيات والشهداء ودمرت ممتلكاته ومصادر رزقه، فلم تؤمِّن بيتًا يؤويه، ولا مالًا يعيد به بناء ما تهدم ولا ترميم بيته الذي تضرر".
وتابع: "قولوا لنا بالله عليكم، أي سلطة هذه التي تشارك الخارج في حصار شعبها وتمارس الضغوط المالية والإعلامية والمعيشية والاقتصادية؟ هل هذه وظيفة السلطة الوطنية تجاه شعبها الذي نُكب دفاعًا عن سيادة بلده وبالنيابة عما يفترض أنه من وظائفها الأساسية؟ لن نعود، لا وألف مرة إلى الماضي الذي جعلتم فيه الجنوب مسرحًا للفوضى والعبث بأمنه واستقراره، ونحن رأينا الشامتين والمتآمرين ممن دعوا العدو إلى قتلنا وتهجيرنا من بلادنا، فهي بلادنا قبل أن تكون بلاد الآخرين، ونحن من وُضعت رقبته تحت سكين الجلاد، فيما كان همُّ بعضهم أن تبقى مناطقهم آمنة ظنًّا، بل ووهمًا منه، أن تعرُّض بعض الوطن سيبقي على بقيته آمنًا مستقرًا، وأثبتت التجارب خلاف ذلك ألف مرة ومرة".
وأردف الشيخ الخطيب: "أقول لمجلس الوزراء، أنتم اليوم، وقد وضعتم على طاولتكم بندًا أسميتموه ببند سحب السلاح، فهل لحستم ما ورد في خطاباتكم من أن السلاح في شمال الليطاني سيخضع للحوار ورسم إستراتيجية الأمن الوطني، وما عدا مما بدا؟".
ولفت إلى أنّه "إذا كانت القاعدة هي الخضوع للقرارات التي تملى من الخارج فمعنى ذلك أن لا ثقة بكم كحكومة؛ لأن ما تقرّه اليوم في مواضيع سيادية سيكون خاضعًا للتبدّل إذا ما رنت سماعة الهاتف باتصال من عاصمة من عواصم الدول الخارجية أو سفارة إقليمية".
وتوجه الشيخ الخطيب إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون بالقول: أنت خاطبت بيئة المقاومة مطالبًا إياها "بالاعتماد على الدولة، وقلت إنّها هي الكفيلة بتأمين الحماية لهم، لكن لم تقل لنا أين هي الدولة؛ الدولة التي يتحدث عنها الآن لم نجدها في أقل المتطلبات، فلم توقف قتالًا، ولم تمنع عدوانًا، ولم توقف حربًا، ولم تعد أسيرًا، ولم تبنِ مسكنًا هُدم، ولم ترمم بيتًا تضرر، ولم تحمِ مواطنًا عاد إلى قريته المهدمة، ولم تضع ميزانية لذلك".
وأضاف: "إنما وجدت سلطة تنفذ ما يملى عليها، وسلطة تحاصر مواطنيها المنكوبين، وتصادر الأموال التي تأتي لإعادة ترميم أو بناء المساكن المتضررة أو المهدمة دون مراعاة لأوضاعها الناشئة من العدوان".
وتابع الشيخ الخطيب القول: "إننا لن نسلّم رقابنا للسفاحين، ونحن نرى ما يجري في فلسطين وما يجري حولنا، وما يعدنا به الشامتون من الداخل".
وتابع: "البيئة، فخامة الرئيس، انتظرت بناء الدولة طويلًا، ولكن دون جدوى، والبيئة أعطتك ثقتها وما زالت، ولكن الدول لا تبنى بالنوايا الصادقة وحدها. نحن إلى جانبك في بناء الدولة العادلة القادرة بكل ما أوتينا".
وأشار إلى أنّ "الدول يبنيها أهلها فقط، لا التعويل على الوعود التي تشترط أن تملك قرارها وتأخذ منها كرامة أبنائها. وللذين يصرون على نزع سلاح الشعب اللبناني ومنع تسليح الجيش ويريدون من مجلس الوزراء نزع السلاح، ويريدون أن نسلّم رقابنا للسفاحين نقول ما هكذا تورد يا سعد الإبل، وما هكذا تحفظ مصالح الدول".