اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي نقيب محرري الصحافة اللبنانية لـ"العهد": مهمّة الصحفيين تُقلق "الإسرائيلي"

تحقيقات ومقابلات

تحقيقات ومقابلات

لوحة الرسام فرشچيان التي أدمعت عينَي الإمام!

132

في عالم الفنّ، حيث تلتقي الأنامل بالروح، وتصبح الريشة جسرًا بين الأرض والسماء، يبرز اسم الفنان الكبير الراحل الأستاذ محمود فرشچيان كواحدٍ من أعظم من جسّدوا الجمال الإلهي عبر فنّ المنمنمات (المينياتور). لم تكن لوحاته مجرّد رسومات، بل كانت نوافذ تُطلّ على عالم القداسة والمعنوية، تُحرّك المشاعر، وتُذكّر الناظر بحقائق الوجود.  

فنّ فرشچيان ليس فنًّا دنيويًا. برسومه تتحوّل الخطوط والألوان إلى معنوية مرسومة، تسبيحٍ بصريّ، وقربانٍ فنّي يُقدَّم للمعاني السامية. كل ذلك وأكثر يراه من يتأمل بعض أعماله الدينية، التي تجسدت في أشهر لوحاته مثل "عصر عاشوراء" و"معراج النبي" و"ضامن آهو"، بالإضافة إلى إسهاماته في تصميم ضريحَي الإمام الحسين والإمام الرضا (عليهما السلام) وضريح السيد عبد العظيم الحسني(ع).  
 
عصر عاشوراء: لوحة الدمعة  

لوحة "عصر عاشوراء" تحفة فنيّة تبرز مأساة كربلاء في نظرة واحدة. هنا، يُجسّد الاستاذ فرشجيان آلام أهل بيت الامام الحسين عليه السلام في لحظةٍ سماوية، متجاوزًا المادّة إلى عالم النور. عن تلك اللوحة يقول سماحة الامام السيد علي الخامنئي: "كلّما تأملتُ لوحة السيد فرشجيان، التي أهداني إياها قبل أعوام، اغرورقت عيناي بالدموع. فمع كل ما نعرفه من المراثي، يقدّم السيد فرشجيان مرثية بفرشاته تجعلنا نبكي. أيّ فن هذا، المفعم بالمعنى والعمق، الذي يستطيع فنان أن يصنع به هذه الحالة؟". 

هذه اللوحة وغيرها من اللوحات الكربلائية كلوحة الطفل الرضيع وأبي الفضل العباس(ع)، ليست مجرّد تصويرٍ تاريخي، بل هي دعوةٌ إلى التأمّل في معنى التضحية والفداء وتحول المرثية الى لوحة خالدة.  

معراج النبي: الرحلة إلى الأنوار

في لوحة "معراج النبي"، ينقلنا فرشچيان إلى اللحظة التي عرج فيها الرسول الأعظم (ص) إلى السماوات. اللوحة تُظهر النبي محمّدًا (ص) على البراق، محاطًا بهالةٍ من النور، بينما تتلاشى الخطوط بين الأرض والسماء، وكأنّ الحدود بين العالمين قد انمحت.  

هنا، يصبح الفنّ وسيلةً لفهم الأسرار الإلهية، وكأنّ فرشچيان يدعونا لأن نرافق النبي (ص) في هذه الرحلة المعنوية.  

ضامن آهو: العفو الإلهي في أبهى صورة 

لوحة "ضامن آهو" تستلهم الرواية المعروفة عن الإمام الرضا (ع) الذي ضمن غزالًا (آهو) اصطاده صياد. 

في هذه اللوحة، يُبرز الاستاذ فرشجيان لحظة اللقاء بين الإمام والغزال، حيث يظهر الإمام (ع) بوجهٍ مليء بالرحمة، بينما ينظر الغزال إليه بنظرةٍ تفيض بالشكر والخشوع.  

اللوحة تُعلّمنا أن الرحمة تشمل كلّ كائنٍ حيّ.  

الإمام علي (ع) في فنّ فرشچيان

في أعمال الأستاذ محمود فرشچيان، يحتلّ الإمام علي بن أبي طالب (ع) مكانةً خاصّة، حيث يُصوّر الامام عليه السلام نموذجًا للكمال الإنساني وهنا تبرز لوحاته الأربعة "مولود الكعبة" و"الغدير"، و"حامي الايتام" و"الشهادة".

وهکذا حول الفنان الكبير سيرة الإمام علي عليه السلام إلى شعرٍ بصري يخاطب الروح قبل العين، ويجعل من كل لوحة محرابًا للجمال الإلهي.

 تصميم الأضرحة المقدّسة: الفنّ في خدمة القدسية

لم يقتصر إبداع الاستاذ محمود فرشچيان على اللوحات، بل امتدّ إلى تصميم أضرحة الإمام الحسين (ع) في كربلاء المقدسة والإمام الرضا (ع) في مشهد المقدسة والسيد عبد العظيم الحسني(ع) في ري، حيث رسم بلمسته الفنية ورؤيته العرفانية تصاميم للأضرحة تدمج بين القدسية والمعنوية والفن العرفاني.

وهذه الأضرحة تؤكد أن الفنّ يستطيع أن يكون وسيلةً لترجمة المعنويات الى صور بصرية خالدة، وفرصة للخدمة والارتقاء المعنوي من منطلق معتقد رسالي إسلامي أصيل.

الفنّ رسالة 

لم يكن الاستاذ الكبير محمود فرشچيان رسّامًا عاديًا، بل كان عاشقًا للجمال الإلهي، وناقلًا لأسمى المعاني عبر ريشته. في كلّ لوحةٍ من لوحاته، نجد بُعدًا عرفانيًا يدعونا إلى الارتقاء نحو المعنى.  

أعماله تُذكّرنا بأنّ الفنّ الحقيقي هو الذي يُقرّبنا من الله سبحانه وتعالى، ويجعلنا نرى العالم بنور القلب. 

وهكذا، يُعلّمنا فرشچيان أنَّ الفنّ ليس للعيون فحسب، بل للروح أيضًا. بهذه الروح، تبقى أعماله خالدة في تاريخ الفنّ الإسلامي والعالمي.

الكلمات المفتاحية
مشاركة